بين المطرقة والسندان…

حسن حاتم المذكور

1 ـــ لماذا لا نحاول ــ في وعينا على الأقل ــ ان نجد مكان آخر لعراقنا, من خارج ضربات المطرقة الأيرانية والسندان الأمريكي, قبلها نعيد قراءة تاريخ معاناتنا ــ شعب ووطن ــ على كامل مسيرة موتنا بين القوتين, ونختار البداية السوداء, من نقطة الأنقلاب الدموي في 03 / شباط / 1963 وحتى يومنا هذا والقادم اعظم, قد نستفز ركودنا المريح, عندما نستيقظ على واقع جريح, نحس فيه كثافة الأوجاع, ونلمس حجم الضياع, لا خيار لنا فيه غير ان نتذوق الأمر, علينا ان نستعيد رشدنا ونهذب اداء بصيرتنا ونقترب الى بعضنا, هناك ثمة خيمة وطن لمشتركاتنا المصيرية, نضمد من داخلها اصابات الأحباط وشلل اليأس, هناك من سبقنا الى ساحات التحرير, يهتف بأسمنا نحن الذين فقدنا الوطن, يبحر بدماء شهدائه, ليستعيدنا والوطن, من بين فكي المطرقة الأيرانية والسندان الأمريكي.

2 ـــ “نريد وطن” هتاف الطريقة والطريق, الى وطن سرقته المصالح والأطماع الخارجية, وسمسرت عليه اطراف التبعية والأرتزاق, امريكا لها مجنديها وايران لها عملائها, حثالات تجمعت في عملية سياسية, ليس للعراق فيها, لا ناقة ولا جمل, تبلورت عنها مليشيات للموت اليومي, هكذا هو العراق موجوع يتألم, بين ضربات المطرقة الأيرانية والسندان الأمريكي, واللعبة تبتلع التي قبلها, والموت العراقي واحد, اغلب السياسيين في العراق, غرقوا في مستنقعات الفساد, والكثير من المثقفين (الكتاب) على جرف السقوط, يمدون اقلامهم في دسم المستنقع, ثم يبتلعونه ممزوجاً بلعاب الأحباط, ومن خلف ظهرهم تتمدد دماء الأنتفاضة الشبابية, وعياً وارادة ووضوح رؤيا, فوجدت مستقرها في صميم المجتمع العراقي, هوية وانتماء وولاء, انها ارادة الحق العراقي, في ان يكون للمواطن وطن.

3 ــ من جهنم الواقع العراقي, يدعونا بعضهم الى جنة الديمقراطية الأمريكية, وبعضهم الأخر يدعونا, الى الفوز العظيم في جنة للمجاهدين, جربنا الذهاب هنا وهناك, فكان حصادنا محرقة وطن, ربما سذاجة ام بلادة, نعود رماد انتكاسة على طريق احباط الدعاة, من خارج الحراك الشبابي للأنتفاضة الوطنية, هكذا نحن سليلي ألأنتكاسات وخيبات الأمل, بعضنا يعيش وهم اصطياد الفرص المجانية, بين محرقة واخرى, وبعضنا يتدرب على صعود الموجات, بين المطرقة والسندان, فاقدين الرشد مكابرين, نتجنب النظر الى ساحات التحرير, ثورة شبابية تشرق على مهل, عبر تاريخ عمره ثمانية آلاف عام, مشبعة بوعي سبعة حضارات كونية, على كفها مستقبل عراقي, آن له ان يكون.

4 ـــ لنستذكر ديمقراطية السندان الأمريكي بعد عام المحرقة الأولى في 08 / شباط /1963, ونبحث في مقبرة الذاكرة الوطنية, عن مجازر الأرهاب البعثي حتى عام 09 / نيسان / 2003, حيث فُتحت على العراقيين ابواب جهنم القمع والحروب والحصارات وشرائع الشعوذة, سنجد مصداقية امريكا وايران صفراً, بعد ان ادركت امريكا النهاية الحتمية للبعث, تخادمت مع ايران فقدمت للعراقيين خدعة “مشروعها لتحرير العراق” فأسقطت النظام البعثي, لتورث الأحزاب الشيعية كامل ادواته القمعية, زرعت في صميم مجتمع الجنوب والوسط , مليشيات ايرانية دموية, وسلطت داعش على المحافظات الغربية, وعزلت المحافظات الشمالية عن العراق تماماً, انه الوجه الدموي لديمقراطية المطرقة والسندان, ظلام قاتم للموت والجوع والأذلال, الذي خرجت من تحت ثقله, ثورة شباب تريد للعراقيين وطن, فمن يبحث له عن سكينة, بين فكي المطرقة الأيرانية, والسندان الأمريكي, كمن يبحث لعطشه, عن زلال في السراب, انه الموت المؤجل على سرير الأحباط ــ مع سبق الأصرارــ.

12 / 01 / 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here