الرق والجواري،

صالح احمد الورداني
صورة مظلمة من تأريخنا وواقعنا..
——-
جاء الإسلام ليقضي على الرق ويشرع للعتق..
ولذلك جعل من بين الكفارات عتق رقبة أي تحرير نفس..
وكان الرسول (ص) يحاصر هذه الظاهرة ويعمل على استئصالها بكل السبل حتى أنه قرر : من صفع عبده فهو حر..
وأوجد نظام المكاتبة أي كتابة عقد مع العبد لمدة من الزمن بعدها يصبح حراً..
وقال:أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّار..
مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مَسْلَمَةً، كَانَ فِدَاءُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ..
إلا أنه بعد وفاته وانتشار الغزوات الخارجية زاد الرق وأصبح معلماً من معالم المجتمع المسلم..
وهوما يدل على الإنحراف عن نهج الإسلام الصحيح..
وقد انتشر نتيجة لذلك في واقع المسلمين ماسمى بالنخاسين أى المتاجرين بالعبيد..
واستمرت ظاهرة العبودية إلى فترة قريبة ولا تزال باقية في بعض البلدان كموريتانيا وعند آل سعود ..
وكانت قائمة في مصر حتى عصر الخديوي إسماعيل..
وتحاول الفرق التكفيرية القتالية إحياء هذه الظاهرة من جديد..
والجواري -النساء العبيد – كن أصنافاً عديدة من شتى البلدان..
ومنهن المغنيات والراقصات والخادمات في البيوت..
وكل واحدة لها ثمن..
والثمن يرتبط بقيمتها ومهنتها، فكانت أغلاهن الراقصات المغنيات..
والأرقاء رجالاً ونساءاً لم يأتوا نتيجة الغزوات فقط ، بل إن العديد منهم جاء نتيجة السرقة والاختطاف من بلادهم بواسطة النخاسين ومرشديهم..
وكان الكثير من السلاطين والأمراء والقادة والفقهاء يقتنون الجواري لأغراض شتى منها الاستمتاع بهن..
ولا تزال كتب الفقه عند السنة والشيعة تكتظ بأبواب الرق..
وهو ما يعني إضفاء الشرعية على هذه الظاهرة والاعتراف بها..
بل وجواز تكرارها في هذا العصر والعصور القادمة..
والسؤال هنا هل انتهى عصر الجواري بالفعل بعد زوال ظاهرة العبيد..؟
أم عاد بصورة جديد ومسميات ولافتتات جديدة?..
والجواب لم ينته هذا العصر بل عاد بصورة أخرى تحت مسميات جديدة..
وهو ما رأيناه من خلال بيع المصريين نسائهم لبدو الخليج في فترة السبعينيات..
ومن خلال ممارسات من سموهم بالدواعش..
ومن خلال الإتجار بالبشر..
ومن خلال سوق النساء العاريات المعروضات على الشاشات..
ومن خلال الراقصات والمغنيات والممثلات اللاتي أصبح حالهن أسوأ بكثير من حال جواري الماضي..
و من خلال ظاهرة الخادمات الفليبينيات والسرلنكيات والهنديات والأوربيات في بيوت الطبقات العليا والخليجيين..
وقد كانت الجواري في الماضي يتم عرضهن في الأسواق فقط وفي حدود الأدب..
أما جواري العصر فيتم عرضهن ليل نهار في النوادي الليلية والمسارح وشاشات العرض على الملأ وفي صورة مبتذلة وفاضحة..
وذلك غير عروضهن الخاصة في بيوت الأثرياء وأصحاب النفوذ..
وعلى هؤلاء الذين يحلمون بعودة عصر الجواري أن يفيقوا ويعلموا أن حلمهم قد تحقق دون غزو أو فتوحات..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here