عقلية الدولة والعصابة!!

العراق حين تأسيسه كان الحكم يجري فيه وفقا لعقلية الدولة الدستورية المستمدة آلياتها من الدولة البريطانية العريقة , ومضت حالة الدولة حتى نهاية الحكم الملكي فدخلت البلاد تحت حكم العصابة.

فأنظمة الحكم الجمهورية تسيّرها عقلية العصابة بكل ما تعنيه ويتفرع عنها من تفاعلات وأجهزة ومؤسسات.

ولو قارنا أية عصابة وكيف تعمل بأنظمة حكم البلاد قاطبة وحتى يومنا الحاضر , لتبين بأنها لا تختلف عنها , بل أن بعض العصابات لديها نظام داخلي صارم يمتثل له أعضاؤها.

فأحزابنا عصابات , ومنظماتنا وجمعياتنا وما يعمل في البلاد من هيئات وتنظيمات لا يخرج عن عقلية العصابة.

وما يجري اليوم تتويج لهذا المنهاج وتطوير لآلياته التنفيذية والإجرائية.

فالبلاد تحت رحمة العصابات الساعية إلى أخذ ما تتمكن من عائدات النفط , ولا يعنيها في الأمر سوى ما تستحوذ عليه منها وتودعه في جيوبها المصرفية , أو خنادق طمرها وتكديسها في مستودعات ظلماء.

العصابات تحكم , ولا يوجد حكم دولة , ومؤسسات دولة , وبسبب روح العصابة ومنطلقاتها , فشلت أنظمة الحكم من بناء دولة ذات تقاليد راسخة ومتوارثة , فكل نظام حكم يسعى لتأكيد نوازع ودوافع عصابته ودفعها نحو بناء كيانها الغابي الدامي المتوحش , الذي يدمر ويخرب ويقهر الناس ويعيث فسادا في البلاد والعباد حتى يحين أجله المهين.

قد يقول قائل إن هذا تجني وإتهام غير موضوعي بل عدوان على السيادة والدولة والمسيرة الوطنية , لكنه لا يستطيع أن يؤكد وجود سيادة ووطنية ودولة ذات هيبة وقيمة ودور إيجابي في حياة المواطنين.

ولو قارنا ما جرى ويجري في البلاد وما يصيب العباد من الضيم والقهر والحكم بالحرمان من أبسط الحاجات , لتبين أن الدولة ضمير مستتر تقديره هو , وأن الذي يحكم البلاد يسمونه طرفا ويمنحونه رقما , وكأن الحكومة في البلاد لا تصلح حتى أن توصف بأنها “خراع خضرة”!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here