حتى لاتكون محاميا عن التماسيح ضد فرائسها العابثة بأمن البحيرات!

احمد الحاج
أثار تبادل الإتهامات خلال برنامج “وجهة نظر”الذي تبثه قناة دجلة الفضائية وتوزيع الشتائم نحو”سخيف، تافه،حشرة ،بوق القتلة،بوق السلطة،أفضح تأريخك” لغطا كبيرا في الشارع العراقي ووسائل الإعلام ومواقع التواصل المحلية والعربية بين فريق مؤيد لمقدم البرنامج الإعلامي نبيل جاسم ،وبين فريق آخر إصطف مع ضيف الحلقة الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء الركن عبد الكريم خلف،فيما وقف طرف ثالث في المنتصف منتقدا المُحاور وضيفه في آن واحد،على وفق ما تابعته مليا طيلة الأيام الماضية،الأول تم إنتقاده لكونه لم يحترم الرتبة العسكرية ولفقده توازنه وأعصابه خلال البرنامج الذي أنهاه قبل ثلث ساعة تقريبا من موعده المقرر وما كان ينبغي له أن يقع بهذا المطب على حد وصفهم ،والثاني -على حد وصفهم ايضا – لأن إجاباته كانت متناقضة كليا وبعيدة كل البعد عن الوقائع والحقائق والأرقام وعدد الضحايا المتصاعد بإطراد في صفوف المتظاهرين السلميين بين قتيل وجريح ومعاق نتيجة إصابات مباشرة في الرأس والصدر والبطن بالرصاص المطاطي والحي إضافة الى قنابل الغاز المسيل للدموع الذي يستهدف المتظاهرين مباشرة في أماكن قاتلة من أجسادهم علاوة على إغتيال الناشطين والاعلاميين بكواتم الصوت ورصاص القناص والعبوات اللاصقة وإختطاف وإختفاء وهروب العشرات منهم منذ اندلاع التظاهرات في الأول من اكتوبر الماضي بما تم توثيقه بمئات من الصور الملتقطة في الساحات والميادين الغاضبة وعبرالعشرات من مقاطع الفيديو بما لايمكن إنكاره مطلقا ما دفع النشطاء الى إعادة إطلاق هاشتاج عاود تصدر الترند سبق لهم أن أطلقوه في وقت سابق الا وهو #غرد_مثل_خلف، بصرف النظر عن رأيي الشخصي به ، فيما ذهب بعضهم الى أبعد من ذلك منتقدا الزي الذي ظهر به اللواء خلف في عز الشتاء فنصفه كان شتائيا ونصفه الآخر مع الرتبة كان صحراويا ومعلوم أن لصنوف الجيش العراقي ومنذ تأسيسه زيين كاملين”صيفي وشتوي” ولا سبيل للمزج أو للترقيع بينهما !
هذا الجدل المحتدم وما خلفه من ردود أفعال متباينة لم تهدأ حتى كتابة السطور فضلا عن الغضب العارم الذي إجتاح ذوي الضحايا والمتعاطفين معهم ممن تغاضى المتحدث الرسمي عن ذكرهم ، بالتزامن مع غضب مماثل على النقيض من الأول أصاب الضباط والقادة ومنتسبي الأجهزة الامنية من جراء ما عدوه إهانة للرتبة والمكانة العسكرية دفعني الى كتابة السطور لإضاءة جانب من مهام المتحدث الرسمي عموما وأبرز المطبات والأخطاء التي يمكنه أن يقع بها خلال فترة توليه المسؤولية من باب النصح والتذكير ليس الا ، مكررا عبارة”بصرف النظرعن رأيي الشخصي بما دار في برنامج وجهة نظر بين الطرفين ولن أصطف مع أي منهما ضد الآخر محتفظا بذلك لنفسي حاليا على الاقل” كي لانحجم المشكلة ولا نشخصنها،لأنها ظاهرة أكبر من الشخصنة بكثير اذ سبق أن أبتليت بها مجتمعات تتبنى أنصاف الديمقراطيات،أرباع الحريات،أثلاث الحكومات المدنية ،أخماس الانظمة الجمهورية ،أسداد الانظمة البرلمانية ،علاوة على جمهوريات الموز والانظمة الشمولية ،مبتدءا بكتاب”كيف تصنع مريضا” الذي ألفه عالم النفس جورج ويلز، واضعا فيه أسسا وقواعد لغسيل المخ والعبث بالعقول وتحويل الأسوياء في مجتمع ما الى مرضى نفسيين متشككين بعقائدهم وأفكارهم وثوابتهم وقيمهم ووطنيتهم بطرق وأساليب شتى اذا ما تم عكسها فمن شأنها أن تتحول ذاتها الى علاج نفسي لمجتمع آخر بدلا من إمراضه بخلاف الأول حتى باتت قواعد هذا الكتاب جزءا لا يتجزأ من الحرب النفسية ، وأنوه الى أنه ليس من مهام المستشار- الاعلامي ،السياسي،الاقتصادي،القانوني،الديني ..الخ -إسماع رئيسه ما يريد سماعه بقدر نقل الحقيقة كاملة من غير مونتاج ووضعها أمامه على الطاولة من غير رتوش لإتخاذ الاجراء المناسب بشأنها وإن أزعجت الرئيس وخبثت خاطره،كما انه ليس من مهام الناطق الرسمي القفزعلى الحقائق التي لاتحجب بغربال وتخطي الوقائع المعاشة جهارا نهارا وتجاوز الاحداث المشاهدة عيانا بيانا ،لأن ذلك من شأنه إصابة الجمهور بالجنون والإحباط الدافع للثورة العارمة ليس على النظام فقط وإنما على ما يتبناه ذلكم النظام كذلك من شعارات وأدبيات وأيدولوجيات ولعل ما أصاب الأمة العربية من المحيط الى الخليج من إنهيار تام أعقب هزيمة 67 خير شاهد على ذلك حتى إن الشاعر الشعبي المعروف احمد فؤاد نجم ، قالها غير مرة وفي أكثر من لقاء” هزيمة 67 جعلت مني شاعرا ” فيما اعتزل الشاعر والكاتب المسرحي صلاح جاهين ،لفترة طويلة مصابا بالاكتئاب والف قصيدته “تراب دخان” التي جاء في بعض ابياتها ” مقهور أنا وماشى ..أصل القمر قال جاى وماجاشى” .

وقد حفل التأريخ ووثق أسماء ناطقين رسميين وإعلاميين ومستشارين طبقت مبالغاتهم غير المنطقية الآفاق يأتي في مقدمتهم نائب الزعيم النازي رودولف هيس ،وكان واحدا من أهم أركان النظام النازي والذي اشتهر بعبارته”أقسم بهتلر”وقد انتهى به المطاف أسيرا لفترة طويلة ومن ثم تم نبش قبره واحراق جثته ورميها في البحر وإزالة شاهده بعد أن تحول مزارا للنازيين الجدد جنوبي المانيا، وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز، الذي إنتهى به الحال منتحرا مع زوجته وأطفاله الستة وغوبلز هذا هو صاحب العبارة الشهيرة “أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس “،الإذاعي المصري أحمد سعيد ،الذي كان يروج عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة أنباء إنتصارات الجيش المصري الوهمية على الجبهات وإسقاط عشرات المقاتلات الصهيونية في وقت كانت فيه قوات الاحتلال قد احتلت القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان وأسرت مئات الجنود والضباط العرب ،وزير الثقافة والاعلام العراقي 2003 محمد سعيد الصحاف ،الذي كان يعقد المؤتمرات الصحفية واحدة تلو الأخرى مبشرا بهزيمة القوات الاميركية وتحقيق النصرالمبين مطلقا على جنودها مصطلحات “العلوج ،الاوغاد “في وقت كانت الدبابة الاميركية تقف على بعد أمتار من مبنى وزارته التي يخطب فيها عن الانتصارات الخيالية بالقرب من جسر السنك ، الناطق بإسم الجيش الاسرائيلي للإعلام العربي الرائد أفيخاي ادرعي وهذا أكبر كذاب على وجه الارض عرف عنه قلب عالي الحقائق سافلها ،الناطق العسكري بإسم قوات حفتر المعروف بالكذب أحمد المسماري، الذي لطالما توعد بإستعادة طرابلس وإغراق السفن واسقاط الطائرات التركية اذا ما تدخلت في الشأن الليبي منذ أشهر عدة ومازال الوضع على ما هو عليه من غير تغييريذكر، في العراق وبعد الاحتلال الغاشم سنة 2003ظهر العشرات من هؤلاء ممن يبالغون بتعمية الحقائق ،يصرون على التلاعب بها ،ظنا منهم أن ما يقومون به يصب في خدمة المؤسسة التي يعملون لصالحها فيما هم يسيئون اليها أيما إساءة واقعا من حيث لايعلمون لاسيما في هذا البلد الجريح المبتلى بفاسديه وطائفييه اذ اننا اليوم لسنا بصدد حرب بين دولتين ليقال بأن المتظاهرين هم أعداء الله والدين والوطن وعملاء السفارات الاجنبية ويجب قمعهم وإجتثاثهم وإنهاء إعتصاماتهم وإزالة خيامهم بالقوة لأنهم يطالبون بوطن وبحقوق مشروعة كفلها الدستور وسلبها السياسيون الفاسدون منهم مع سبق الاصرار والترصد طيلة 17 عاما، إنهم يطالبون بفرص عمل،بخدمات، برعاية صحية،بمؤسسات تعليمية،بسكن يليق بآدميتهم ،بإنتخابات مبكرة ونزيهة تحت اشراف أممي وبمفوضية مستقلة حقيقة وليس إدعاءا ، بأمن وأمان ، وبالتالي فلابد من إحترام مطالبهم وتحقيقها على وجه السرعة ما أمكن الى ذلك سبيلا بدلا من ملاحقتهم ،ولابد من مسك العصا من الوسط والتزام الحياد التام من قبل الناطقين الرسميين والاعلاميين والمستشارين ووضع السبابة والابهام على مواطن الخلل لحل المشاكل العالقة وحلحلة الأزمات المتفاقمة بدلا من تعقيدها عبر تصريحات – صَحَّافية – متشنجة وغير متزنة ولا مسؤولة من شأنها صب الزيت على النار وإحراق أخضر الأرض ويابسها بما لايجدي معها الإعتذار أوالإنكار لاحقا كما صنع أحمد سعيد ، الصحاف ، هيس ،وغيرهم لأن ما أرتكب من جرائم ووقع من هزائم بعهدهم لاينفع معه الندم، وأذكرالناطقين الرسميين والمستشارين بأنهم مؤتمنون على ما يقولون وعليهم تحمل المسؤولية كاملة لتهدئة الشارع وليس إشعاله وإن لم يكن بمقدورهم فعل ذلك فالاستقالة والاعتذارعن المهمة التي أنطيت بهم هي الحل الأمثل للتخلص من أعباء سترهق كاهلهم في الحياة الدنيا قبل الآخرة ،وشعور بالذنب سيؤرق ليلهم ويكدر صفو حياتهم لامحالة عاجلا أو آجلا والأخطر سيتأتى اذا ما تغيرت الاوضاع سياسيا ماسيدفعهم للهروب من البلاد أو الانكفاء خشية الملاحقة القانونية والسياسية فيما بعد ولعل هذا ما حدث مع الصحاف وسعيد وغيرهم فهل من متعظ وكفى بالتأريخ القريب والبعيد واعظا ؟ اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here