ما هي القضية المركزية التي تواجه الشعب العراقي حالياً؟

كاظم حبيب

من يتابع اجتماعات مجلس وزراء تصريف الأعمال ورئيس هذا المجلس المستقيل يدرك ان الرئيس ومجلسه لا يحكمان في العراق، بل في بلد اخر ليست فيه انتفاضة شعبية تقترب من نهاية شهرها الرابع، وإنها قدمت مئات القتلى وآلاف الجرحى والمعاقين في سبيل حرية الوطن وحقوق الشعب على أيدي أجهزة النظام الأمنية الرسمية وغير الرسمية، وان قوى الانتفاضة تطالب منذ اليوم الأول لانطلاقتها بتغيير الوضع القائم جذريا والخلاص من النظام السياسي الطائفي المحاصصي الفاسد والمشوه. فالسفاح عادل عبد المهدي، الذي اكتسب لقبه النابت الجديد من جرائم القتل التي ارتكبت في البلد في ظل حكومته ولكونه القائد العام للقوات المسلحة، يتحدث بدم بارد تماما وبهدوء القاتل الذي اعتاد القتل، يذكر العراقيات والعراقيين بما كتبه التاريخ عن الحجاج بن يوسف الثقافي، هذا المستبد والسفاح الذي ارتقى المنبر وقال بدم بارد وهدوء “أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها واني لصاحبها”، وهكذا حصد رؤوس العراقيين الذين رفضوا ظلم وطغيان بني أمية. فسفاحنا الجديد يرسل مرتزقته الأوباش أعضاء الميليشيات الطائفية والمافيوية المسلحة، إضافة الى أجهزة أمنه التي شكلتها له قبل ذاك قيادات حزب الدعوة والبيت الشيعي الخرب والفاسد الذي يقوده فاسدون حتى النخاع ورئيسيها الصعلوكين على نحو خاص إبراهيم الجعفري ونوري المالكي، إضافة إلى بقية الزمرة الفاسدة، إلى شوارع العراق وساحاته ليختطفوا ويغيبوا ويقتلوا يوميا المزيد من النساء والرجال المشاركين في الانتفاضة أو العاملات والعاملين في اسعاف الجرحى والمعوقين بسبب القمع الوحشي، أو حتى خنق المصابين كما حصل في البصرة يوم امس المصادف 23/01/2020 حيث قتلت المسعفة ام جنات وخنق الشاب على يد احد أفراد قوات الصدمة المجرمة، أو قتلى بغداد خلال اليومين الماضيين الذي بلغ عددهم اكثر من 12 شهيداً وأكثر من 150 جريحاً ومعاقا.

في الوقت الذي يطالب الشعب المنتفض برئيس حكومة جديد ومجلس وزراء جديد، وكلاهما من المستقلين النزيهين وليس من الطائفيين والفاسدين حكام الفترة الحالية، يطرح هذا الحاكم المشوه اخراج القوات الأمريكية من العراق، لا لأنه ضد القوات الأجنبية، بل لأنه يريد ان تَستفردَ إيران والميليشيات الطائفية المسلحة والدموية وكل مؤسسات الدولة العميقة المافيوية بقوى الانتفاضة وقمعها وتصفيتها. إن هذا النهج التقى، شاء مقتدى الصدر أم أبى، مع دعوته لمظاهرة مليونية مناهضة عملياً لقوى الانتفاضة بذريعة اخراج القوات الأمريكية من العراق. انه شعار خاطئ من حيث التوقيت والهدف، إذ يراد به حرف وجهة النضال والتجاوز على المهمة المركزية التي تواجه كل المناهضين للطافية والفساد والتبعية لإيران أو لأي دولة أخرى.

إن هذه الدعوة تبتعد عن إعمال العق والمنطق الوطني، ولهذا لا بد من مقاطعة هذه التظاهرة السيئة التي دعا لها مقتدى الصدر. واعتقد جازماً بأن الكثير والكثير جداً من أتباع الكتلة الصدرية الحريصين على الانتفاضة وأهدافها المباشرة، وهم في الغالب الأعم من كادحي العراق ومن المهمشين اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وبيئياً، ستقاطع هذه التظاهرة غير الوطنية لكي لا يصبوا الزيت على النيران التي يريد أعوان إيران في العراق زيادة اشتعالها لقمع التظاهرات الشعبية وقتل المزيد من شبيبة العراق الشجعان.

إن المهمة المركزية للانتفاضة تتلخص في تغيير الحكومة وتغيير قانون الانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات وإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة ومراقبة دولياً وحقوقياً. بعدها ستأتي المهمات الأخرى، وبعد ان ننتهي من خطر داعش وخطر الميليشيات الطائفية المافيوية الشيعية التي يقودها الفياض والعامري والخزعلي وكل الفقاعات الأخرى التي سيطرت على الساحة العراقية وداست بأقدامها القذرة كرامة الانسان العراقي والمجتمع. ان المهمة الراهنة هي كنس هذه الفئة السفيهة الحاكمة والفاسدة والتخلص من رثاثتها التي عمت البلاد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here