العرب والعداء الدائم منامريكا وايران وحاضنة الشر والغدر والعنصرية اسرائيل

أ.د. سلمان لطيف الياسري
عندما نوى صدام حسين بناء مفاعل نووي عراقي، لم يشهد المجتمع الدولي استنفاراً دبلوماسياً في جنيف أوفيينا أو أنقرة أو مستقط أوغيرها، كما هي الحال في الملف النووي الإيراني، وحدها الطائرات الإسرائيلة استنفرت محركاتها لتقصف مفاعل “تموز” العراقي وهو لايزال قيد الانشاء.

بعد مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاماً من الوعيد والتهديدات المتبادلة بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، إلا أنها بقيت حبيسة الشعارات وحناجر الهتافات، فيما لم يكن التنفيذ إلا من خلال ضرب كل الأطراف لعدد من الدول العربية، ليأتي فيه الوقت الذي تتخلى فيه “طهران وتل ابيب وواشنطن” ليس فقط عن التهدادات العسكرية المباشرة ، بل وحتى عن شعاراتها العدائية المتبادلة.

عقب التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5+1)، في 14 يوليو الماضي، بعد أكثر من إثنا عشر سنة من المفاوضات المارتونية المتقطعة، أقدمت أمريكا على رفع إسم إيران من “محور الشر”، بالتزامن مع أحاديث عن حلف جديد بين واشنطن وطهران، في حين أعادت بريطانيا قبل أيام فتح سفارتها في طهران، بعد أربع سنوات من إغلاقها، بالتزامن مع ظهور لافتة كبيرة في أحد شوارع “تل أبيب”، تبين العلم الإيراني إلى جانب العلم الإسرائيلي، و كتب عليها عبارة “ستفتح هنا السفارة الإيرانية في إسرائيل”، خطوات قابلتها إيران بسحب أشهر الشعارات الإيرانية “الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل” من الساحات العاملة ومساجد المدن الإيرانية.

وفي السياق أعلن القيادي في ميليشيات “الباسيج” التابعة للحرس الثوري الإيراني، العقيد “برات زادة”، قبل أيام، أن المساجد في إيران بدأت بإزالة شعار “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” والتخلي عن الهتاف به خلال الصلوات اليومية. ورأى “زادة”أن منشأ روح مقارعة الاستكبار وشعار “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل” هو من كربلاء وواقعة عاشوراء، وأن المساجد هي خنادق لحماية “الثولاة الإسلامية”، وفق قوله.

هل قُطعت بالفعل الإتصالات الأمريكية الإيرانية؟؟بحسب العديد من التقارير الدبلوماسية والإستخاراتية والإعلامية، فأن العلاقات الإيرانية _الأمريكية لم تنقطع في الأساس منذ “الثورة الإسلامية” في إيران عام 1979، وقد تنوعت هذه الإتصالات ومستوياتها، وتمخض عن هذا النوع من التواصل تفاهمات أميركية أساسية مع النظام في إيران في أكثر من محطة، حيث كانت عاملاً مهماً، وربما حاسماً، في تنسيق ودعم الهجوم الأمريكي على أفغانستان لإسقاط حركة طالبان، وحليفها تنظيم القاعدة عام 2001، وعلى نفس النسق والتوجه تم التنسيق الكامل بين النظام في إيران والإدارة الأمريكية بشأن العمليات العسكرية الأمريكية لاحتلال العراق وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003، حيث أكدت إيران مراراً وعلى لسان قادتها أنها ساهمت في حسم عملية الإحتلال وإنجاحها. كما استمر التنسيق بين الطرفين بعد ذلك بشأن بناء النظام السياسي في العراق ما بعد صدام حسين، وأصبحت الحكومة العراقية الناشئة عن هذا التنسيق تقليدياً حليفة لإيران إقتصادياً وسياسياً واستراتيجياً بعلم وموافقة الإدارة الأمريكية، أضف إلى ذلك التفاهمات والتنسيق العلني بين طهران وواشنطن في ضرب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في العراق.

العلاقات الإسرائيلية الإيرانية ..رافعتها كره العرب وأدواتها يهود إيران! المراقب لتفاصيل العلاقات الإيرانية – الإسرائيلية يجدها قديمة ومتجذرة بين الطرفين، منذ نظام الشاه وحتى انقلاب الخميني، فخلال حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، أظهرت الوثائق التاريخية أن جسراً من الأسلحة كانت تأتي إلى إيران من أمريكا عبر إسرائيل، كان مهندسها “صادق طبطبائي” أحد أقرباء “آية الله الخميني “، حيث أرسلت إسرائيل نحو 1500 صاروخ إلى طهران، في اطار عملية بيع الأسلحة الأميركية إلى إيران التي عرفت بعد ذلك بقضية “ايران-غيت”، إبان الحرب الايرانية العراقية في الفترة 1981-1988.

كذلك كشفت صحيفة “التايمز” البريطانية عام 1981 عن تعاون عسكري بين الطرفين، حيث أكدت الصحيفة أن إيران استلمت ثلاث شحنات أسلحة.
في عام 1982 أقر “مناحيم بيجن” رئيس وزراء إسرائيل آنذاك بأن “تل أبيب” كانت تمد إيران بالسلاح، بهداف اضعاف عراق صدام حسيين، وفي العام ذاته أفادت مجلة “ميدل إيست” البريطانية أن مباحثات كانت تجري بين إيران إسرائيل بشأن عقد صفقة يحصل الكيان بموجبها على النفط الإيراني في مقابل حصول إيران على السلاح الإسرائيلي.من الجانب الإقتصادي، تقول صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية أن أكثرمن 30 مليار دولار حجم الإستثمارات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، بمعدل أكثر من 200 شركة إسرائيلية، وأغلبها شركات نفطية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران .

كذلك يتجاوز عدد يهود إيران في إسرائيل 200000 يهودي، و كبار حاخامات اليهود في إسرائيل هم إيرانيون من أصفهان، ولهم نفوذ واسع داخل المؤسسات الدينية والعسكرية ويرتبطون بإيران عبر حاخام معبد أصفهان ، فوزيرالدفاع الإسرائيلي السابق”شاؤول موفاز” إيراني من يهود أصفهان، وهو من أشد المعارضين داخل الجيش الإسرائيلي لتوجيه ضربات جوية لمفاعلات إيران النووية ، والرئيس الإسرائيلي “موشيه كاتساف” إيراني، وتربطه علاقات ودية وحميمية مع “الخامنئي” والرئيس الإيراني السابق “أحمدي نجاد”.

وتعتبر إيران أكبر دولة تضم تجمعات كبيرة لليهود خارج “إسرائيل”، حيث يتواجد فيها أكثرمن 30000 يهودي، وكنائس اليهود في طهران وحدها تجاوزت 200 كنيس، حيث تعتبر إيران بالنسبة لليهود هي أرض “كورش” مخلِّصهم، وفيها ضريح “استرومردخاي” المقدس، كما يحج يهود العالم إلى إيران، لأن فيها جثمان “بنيامين” شقيق نبي الله يوسف عليه السلام، ولهم إذاعات تبث من داخل إسرائيل ومنها إذاعة “راديس” التي تعتبر إذاعة إيرانية متكاملة كما توجد لديهم إذاعات على نفقة ملالي إيران.

القضية الفلسطينية حصان طروادة إيراني للتغلغل في المنطقة العربية: على الرغم من متاجرة معظم الديكتاوريات العربية بالقضية الفلسطينية، واتخاذ العداء “الشكلي” لإسرائيل ومجافاة أمريكا كـ”إكسير حياة” لاستمرارها، الإ أنهم لم يصلوا مجتمعين إلى مغالاة نظام “الثورة الإيرانية” بعد قدومه إلى السلطة عام 1979 ، حيث بدأ هذا الاستغلال التجاري المصلحي للقضية الفلسطينية في زمن مؤسسه “الخميني”، والتي كانت بمثابة “حصان طراوادة” من أجل التغلل في الجسم العربي إلى جانب تحقيق أجندات داخلية و تثبيت سلطته في البلاد ، حيث قامت “الثورة” بانزال العلم الاسرائيلي ورفع العلم الفلسطيني، الأمر الذي وجد تأييداً وتفاعلاً في الأوساط الشعبية العربية، بعد ستة شهور من تسلم “الخميني” السلطة، أعلن آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، يوماً عالمياً للقدس. بعد أشهر اندلعت الحرب الإيرانية العراقية في أيلول 1980 واستمرت ثمانية أعوام، بسبب تعنت “الخميني” شخصياً في قبول قرارات المجتمع الدولي بوقف إطلاق النار بين الجانبين، حيث أطلق “الخميني” شعاراً جديداً “إنَّ الطريق إلى القدس تمرّ ببغداد”، ومعة مرور الوقت تكاثرت الطرق الإيرانية التي تصل إلى “القدس”، من بغداد وبيروت و دمشق والمنامة وصنعاء والكويت، ليضيف إليها وكيل الثورة الإيرانية في لبنان زعيم ملييشيا حزب الله “حسن نصر الله” محافظات ومدن سورية. إذاً، خمسة وثلاثين عاماً من “الثورة الاسلامية” الإيرانية، ماذا قدمت للقضية الفلسطينية وتحرير القدس، سوى الخطب الجوفاء والشعارات الرنانة، وإطلاق تسمية “فيلق القدس” على أكبر وأخطر ميليشيا في الحرس الثوري الإيراني، المسؤولة عن عمليات خارج الحدود الإقليمية، وحدها الأمة العربية هي العدو الحقيقي والتاريخي لإيران، منذ هزيمة الإمبراطورية الفارسية وتدميرها في معركة القادسية عام 636 ميلادي، ورغم أنّهم أصبحوا مسلمين منذ مئات السنين إلا أنّهم لا ينسوا تلك الهزيمة من قبل المسلمين العرب، لذلك هناك من يرى أن نفخ نظام الملالي منذ العام 1979 في نار الطائفية خلفيته الكراهية للعرب.

أمريكا وإيران.. ماذا يحدث خلف الكواليس؟ منذ 2013-02-03 أمريكا تبحث عن النفط ومصالحها أينما كانت مع دول الخليج أو مع إيران فالسياسية لا تعترف بالصداقة الدائمة. أما إيران فهي تُمهّد لتنفيذ مخططاتها بالمنطقة للاستمرار بتصدير الثورة والتمهيد لخروج مَهديهم المزعوم. وهنا قد يسأل البعض إذاً ما الذي يحدث خلف الكواليس وماذا نفسر المشاحنات التي تتناقلها وسائل الإعلام بين أمريكا وإيران… وهل هنالك خلاف حقاَ؟؟. كُنتُ قد كتبتُ مقالاً في مايو 2006م، حول حقيقة العلاقات السرية بين أمريكا وإيران، محذراً ومُبينا للمَخدوعين أكذوبة العداء المُعلن بين البلدين، في وقتٍ كان فيه العرف السائد في الإعلام بجميع أشكاله أن البلدين يعيشون حالة عداء كبيرة خاصة في الساحتين العراقية واللبنانية، فالشعارات الإيرانية البراقة بالموت لإسرائيل وأمريكا تجد رواجها عند المغمورين، والعقوبات الأمريكية ضد إيران تجد سوقها لدى الساسة الخليجيين واستئذان القارئ بنشر المقال مرة أخرى. “وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره تكون الرافضة من أعظم أعوانهم فهم دائماً ما يُوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى ويعاونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم…” عندما كتب شيخ الإسلام رحمه الله هذه الكلمات لم يكن ما كتبه واقعاً قد عاشاه أو رآه وإنما بناء تصوّره على ما قرأه واطلع عليه في كتب القوم وهو الخبير بهم، فصاغ لنا بعقلية العالم الرباني ما يمكن أن يحدث فالتاريخ يشهد والكتب تدون.. واليوم… وبعد مرور 700 عام على هذه الكلمات نسمع ونشاهد واقعها في العراق.. لن أخوض في الماضي السياسي للخلافات الأمريكية الإيرانية ولعل شعارات الخميني البراقة التي كانت تطلق في بداية نجاح ثورته (الموت لأمريكا والشيطان الأكبر) يكذبها دعمه لمليشيات أمل لقتل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ولعل شعار (العدو الصهيوني) كان يُقابلها تصاريح قادة الثورة في الاحتفالات والمناسبات بأن دول الخليج دول غير مستقلة ويجب تحرير مكة والمدينة من أيدي الطواغيت.. ولعل انتهاك حُرمة البيت العتيق وتهريب المتفجرات إليه في عامي 86 و87م، دليل على ما تُكِنُّه صدورهم.. لم يتغير شيء؛ لأن الأُسس والأهداف التي قامت عليها إيران ثابتة حتى لو تغير الأشكال والمُسمّيات التي تصل لسِدة الحكم فهنالك مبادئ وخطوط وُضعت (وَ دُوِّنَت) وتنفيذها ما هو إلا مسالة وقت.. إن الخلاف الأمريكي الإيراني لم يكن يوماً خلافاً عقدياً، وهذا ما تذكُره كتبهم كما سيأتي ذكره، لكن الخميني بذكائه وكما استطاع الأخذ بالقول الشاذ: (ليُطبق ولاية الفقيه) على نظام الحكم في إيران استطاع أن يُوظف خلافه بشكل ديني ويرفع شعارات تلقى روجاً عند الشعوب الإسلامية المقهورة ولعل الكثيرين انخدعوا بالثورة الإيرانية عند قيامها ليس العامة فقط بل من علية القوم الذين يجهلون المعتقد الشيعي ومخططاته وعندما بدأت تسقط الأقنعة وتكشر الذئاب عن أنيابها أفاقوا وكانت صفقة الأسلحة الإسرائيلية الإيرانية بداية الثمانينات أو ما يعرف باسم “إيران غيت” (أثناء حرب الخليج الأولى) إحدى فضائح القوم… إن الخلاف إن لم يكن مبنياً على واقع عقدي بين الكفر والإسلام والحق والباطل فجميع الاحتمالات متوقعة وحقيقة الخلاف الإيراني الأمريكي لا يعدو كونه مشاحنات إعلامية وتنافر وتبادل اتهامات إعلامية أما على أرض الواقع فالوضع مغاير ولنا في أفغانستان دليل واليوم وعلى أرض العراق يتكرر المشهد لكن الشعوب العربية أصبحت أسيرة لما يطرح إعلاميًا، ليس من المستحيل أن تلتقي المصالح وتبدد الخلافات (الصورية) التي تكونت رواسبها مع الزمن وتكون هنالك قاعدة جديدة لعلاقات قوية ومتينة أساسها (المصلحة العليا المشتركة) والتي لا تمس بثوابت الدولتين وهذا ما نراه واقعاً في العراق.. أمريكا وإيران على أرض العراق: أهمية منطقة الخليج بالنسبة لأمريكا معلن عنها من سنين طويلة ولا صديق لأمريكا في العالم إلا “مصالحها” فلا للقيم ولا للأخلاق ولا للإنسانية ولا لسعودية أو الكويت أو غيرهما في عرفهم ميزان “المصلحة فقط” جاء في تقرير للبنتاغون في عام 1995م: “إن أعلى وأهم مصلحة أمنية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط هي الحفاظ على تدفق النفط دون عائق من (منطقة الخليج) إلى أسواق العالم وبأسعار مستقرة فحوالي 70% من احتياطي النفط في العالم يقع في منطقة الشرق الأوسط ولذلك يزيد اعتماد الولايات المتحدة وشركائها الاقتصاديين العالميين أكثر فأكثر على نفط منطقة الخليج.. إن منطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً لا تشكل فقط العامل الأهم والعنصر المؤثر في المصالح الأمريكية بل تشكل جوهر مصالح العالم واستقراره…”.. !! إذا نحن نفهم سبب الوجود الإسرائيلي في المنطقة ودعم أمريكا له، ونفهم أيضاً سبب إعطاء الضوء الأخضر لصدام لاقتحام الكويت، ثم جلب قوات هائلة لتحريرها وزرع قواعد دائمة في المنطقة وندرك أسباب الغزو الأمريكي الأخير على العراق ومحاولة جعله نموذج لما يجب أن تكون عليه دول الشرق الأوسط وهو ما يعرف بمشروع الشرق الأوسط… إذا أمريكا تسعى خلف مصالحها فقط ومتى ما اقتضت مصالحها تغيير الحلفاء في المنطقة فحتماً ستفعل.. أهداف إيران (المعلنة) في المنطقة… !!؟؟ قامت الثورة الإيرانية على مبادئ وأسس وأهداف (دينية عقدية) يفهم من عنوان الحكم فيها “ولاية الفقيه” النهج المرسوم لسير الثورة، وصرح كبار مسؤوليها من بداية الثمانينات عن مطامعهم منهم أبو الحسن بني صدر رئيس الجمهورية في حديثه لمجلة النهار العربي بـ 23 / آذار / 1980 حين قال: “إن إيران لن تتخلى أو تعيد الجزر الثلاثة الإماراتية”، وأضاف: ” أن أقطار أبو ظبي وقطر وعمان والكويت والسعودية ليست دولاَ مستقلة بالنسبة لإيران” وبتاريخ 7/4/1980 صرح قائد القوة البحرية الإيراني أثناء اجتماعه مع الخميني: ” أن العراق فارسي” وفي 18/4/1980 صرح صادق روحاني “أن إيران قد تطالب مرة أخرى بالبحرين” من يعتقد أن هذه المطامع قد تغيرت فهو واهم؛ لأن إيران لها هدف أساسي في قيامها وهو التمهيد لخروج مهديهم، وامتلاكها للقدرات النووية وتدخلها السافر في العراق ومطامعها بالنسبة للخليج ما هي إلا مخططات مدونة في كتبهم ولا مجال لتغييرها، لأن ذلك يعني الانحراف عن المبدأ والخيانة العظمى للمعتقد كما سيظهر لنا في نهاية المقال. عندما نتحدث عن السياسية الإيرانية لا يمكننا فصلها عن المرجعية التي تستمد منها شرعيتها وقوتها والتي تشرف على سيرها ولو لا حظنا التباين والاتفاق بين مرجعية النجف وقم نلاحظ أن الأولى تحت قيادة السيستاني (الإيراني) تسير منقادة ومتفقة مع مخططات آيات قم ولعل دعم السيستاني الغير منقطع للأحزاب المدعوم إيرانياً مثل حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة دليل واضح وصريح على ما نكتب وللإضافة فإن السيستاني مقلد للخميني والأخير أعظم مراجع الشيعة على الإطلاق في القرن العشرين ومعظم مراجع قم مقلدة له… !! سأحاول أن أطرح بعض ما قدمته المرجعية الشيعية (الإيرانية) من خدمات للمحتل الأمريكي.. • فتوى السيستاني بعدم تعرّض قوات الاحتلال وعدم عرقلة مسيرتها عند دخولها العراق. • دعم السيستاني لجميع القرارات الأمريكية في العراق منها “الانتخابات”، “قانون الدولة العراقية الانتقالية”، “الدستور”. • سكوت السيستاني خدمة للمحتل في كثير من المواضع الحساسة التي تتطلب تدخله كرجل دين يتبعه الملايين منها على سبيل المثال لا الحصر… “خروجه من النجف إلى لندن بدعوى العلاج لرفع الحرج عن المرجعية والتي بعدها بساعات دنست القوات الأمريكية والبريطانية أقدس أراضي الشيعة ومراقدهم ودعواه بعدها أتباع الصدر للخروج منها”. • سكوته المشين على جرائم أبو غريب، وما حصل في الفلوجة، وتجاهله لنداءات علماء المسلمين في العراق لوقف أتباعه من ارتكاب جرائم حرب داخل المناطق السنية وعدم إشعال حرب طائفية. • فتواه بدخول النار لمن لم يشارك بالانتخابات، ودعمه للقوائم الشيعية الصفوية الإيرانية، وفتواه الشهير بحرمة الدخول للأراضي العراقية لمنع المجاهدين العرب من الوقوف بجانب إخوانهم في العراق. • أما على الواقع السياسي الرسمي فالغزل الأمريكي الإيراني كان له شكل آخر.. • صرّح هاشم رفسنجاني بعد سقوط حركة طالبان بقوله: “القوات الإيرانية قاتلت طالبان وساهمت في دحرها، ولو لم نساعد قواتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني، ويجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي ما استطاعت أن تسقط طالبان”، وهذا ما حصل تماماً بالعراق، فالمجلس الأعلى للثورة، وحزب الدعوة أحزاب إيرانية الانتماء واجتماعاتهم بالأمريكان معروفة ومعلن عنها قبيل الحرب على العراق، ولعل باقر الحكيم كان يفتخر بقدومه على دبابة أمريكية. • أثناء حرب أفغانستان صحيفة [نيويورك تايمز] تحدثت عن (رسالة سرية) من الحكومة الإيرانية إلى واشنطن تتعهّد فيها إيران مساعدة الجنود الأمريكيين الذين قد يجدون أنفسهم في وضع طارئ على أراضيها بعد عمليات فاشلة في أفغانستان. • كتبت “ازاده كيان تيابو” الخبيرة في الشؤون الإيرانية والأستاذة في العلوم السياسية في جامعة باريس بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ” حدث تقارب في المصالح الإيرانية والأميركية في منطقة الخليج” وإضافة “إن حرباً في الخليج ستساهم في تعجيل هذا التقارب”… وهذا ما حصل بعد أربع سنوات. • اجتماع سري بين ملالي من إيران وأعضاء من الكونجرس الأمريكي في بداية الحرب على العراق عقد في سويسرا؛ لتقريب وجهات النظر. • في 2 مارس 2004م، كتبت “النيوز وييك” تقريراً عن التحالف الأمريكي مع الشيعة، جاء فيه: “أطلقت هزيمة صدام العنان لقوة دينية وسياسية جديدة قد تصبح حليفاً معتدلاً للولايات المتحدة الأمريكية في العراق… ومكنهم من أن يصبحوا القوة الجديدة الأكثر ثورية في المنطقة”…. فهذا علي الأحمد من المعهد السعودي المعارض في واشنطن على سبيل المثال يقول: “إن العالم يجب أن يتوقف عن الحديث عن الخليج الفارسي أو الخليج العربي، كما يُسميه العرب، بل هو الخليج الشيعي، أنظر إلى من يعيشون حوله، 90 % منهم على الأقل شيعة، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذ بعين الاعتبار أن الشيعة يربضون على كل ذلك النفط”، إلى أن يقول: “.. لكن مستقبل العراق السياسي، ومنزلة أمريكا في الشرق الأوسط، تتعلق إلى حد كبير بالعلاقات بين النجف وواشنطن، لماذا النجف؟ لأنها تمارس، باعتبارها مركزا للتعليم الديني، تأثيراً هائلاً في شيعة العالم ألـ 170 مليوناً”.. وعندما نتحدث عن النجف اليوم فهذا يعني اننا نتحدث عن قم وإيران.. • كانت طهران أول من اعترف بالحكومة الانتقالية التي عينتها أمريكا بالعراق، وفي ذلك يقول جلال طالباني في لقاء له عبر قناة العراقية: “أن الحكومة التي نصبتها أمريكا موالية لإيران”. • ثلاث سنوات والمخابرات الإيرانية ترتع وتلعب وتشتري وتبيع وتزرع عملائها بمرأى ومسمع من الأمريكان أنفسهم. • وصول الأحزاب المدعومة من إيران لسدة الحكم في العراق وعلى رأسهم الحكيم والجعفري والآن المالكي وتولي مناصب حساسة منها رئاسة مجلس الوزراء والداخلية. • دعوة عبدالعزيز الحكيم لخلق حوار جدي بين أمريكا وإيران، وأيده في ذلك طالباني، وكان من نتائجه التصريحات الأخيرة من كلا الطرفين بقبول الحوار حول العراق. • صرّح محمد حسين عادلي السفير الإيراني في بريطانيا لرويترز بعد الانتخابات العراقية قائلاً: “إن إيران تعاونت عن كثب مع الولايات المتحدة لكسب التأييد بين السكان العراقيين للانتخابات التي جرت هناك الشهر الماضي وتهيئة مناخ هادئ لها”، وقال أيضاً: “إن طهران مستعدة للعمل مرة أخرى مع الولايات المتحدة لضمان الاستقرار في الشرق الأوسط حينما تتلاقى مصالحهما”. • التهديدات الأمريكية على إيران بشن حرب ما هي إلا كذبة فبوش شعبيته في انحدار بسبب حربه على العراق والكونجرس الأمريكي يبحث اليوم في طريقة للخروج من مأزق العراق خاصة بعد تزايد الأصوات المناهضة للحرب فكيف يمكن أن تكون التهديدات الأمريكية جدية… ؟؟؟ بل زد على ذلك أن جميع دول العالم تُعارض مثل هذه الخطوة بما فيها (ذَنب أمريكا) وحليفتها القوية بريطانيا يقول جاك سترو: “إن من حق إيران أن تستفيد من تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية” إذا ما الغرض من التهديدات.. !!؟؟ • يعتبر العراق ثاني أكبر مخزون نفط في العالم، والوصول لثرواته يعني تغيير معادلات الصداقة الجديدة في منطقة الشرق الأوسط واستغنى الأمريكان عن نفط الخليج خاصة بوجود قوة قوية في المنطقة مثل إيران يمكن أن تصبح حليفاً استراتيجياً كما كان (الشاه سابقاً) طالما أن العقيدة الشيعية لا يوجد فيها ما يمنع. • أمريكا بحاجة لحليف جديد للخروج من المأزق بالعراق خاصةً أن دول الجوار العراقي لا تُقدم أي دور ملموس بعد وقبل الانفلات الأمني فيه وأمريكا وجدت نفسها أمام الإيرانيين وقد انتشروا في العراق بشكل كبير ومصالحها في خطر فماذا عساها أن تفعل.. ؟؟. • الشيعة أظهروا خدماتهم على أرضع الواقع فيما أكتفت دول الخليج بالمُشاهدة فكيف لأمريكا أن تفكر.. !!؟. • تُعتبر العراق وتحديداً الكوفة بالنسبة للشيعة الصفويين (الإيرانيين) هي عاصمة إمامهم المهدي وإشاعة الفوضى واحتلالها هي مقدمة لخروجه وتوليه القيادة. • البرنامج النووي الإيراني ليس موجهاً لأمريكا ولا لإسرائيل، وإنما هي تقنية سيَستخدمه إمامهم المزعوم لسفك دماء العرب أما الغرب فسيكون لهم تعامل خاص يميل للسلم. إيران والهدف المقدس: يقول شيخهم الكوراني في كتابه الممهدون للمهدي: “تأتي إيران في طليعة القوى الفاعلة في أحداث عصر الظهور، ويسمى الإيرانيون في الأحاديث الشريفة أهل المشرق الموطئون للمهدي وقوم سلمان ورايات المشرق وأصحاب الرايات السود والخراسانيون… وتصف الأحاديث الإيرانيين بأنهم يطلبون الحق فلا يعطونه ثم يطلبونه فلا يعطونه فيقاتلون ويصبرون ما سألوا فلا يقبلون حتى يدفعوا الراية إلى المهدي”، ويقول أيضاً: “والحق أن هذا الدليل موجود في بداهة تولي العرب عن الإسلام في عصرنا ونهوض قوم سلمان به وثانياً في الأحاديث الشريفة المتعددة التي تدل على أن الفرس ينهضون بالإسلام في آخر الزمان ويقاتلون العرب عوداً كما قاتلهم العرب عليه بدءاً وأنهم يُمهِّدُون للمهدي ويكونون أنصاره..” أما بالنسبة للعراق فيقول الكوراني “سيكون عاصمة العالم وستكون الكوفة مقر حكم الإمام المهدي” وبالنسبة لما يحصل الآن من قتل وفوضى ودمار داخل بلاد الرافدين، فهذا يعني بالنسبة للإيرانيين بشائر خير، وما هي إلا بداية في مسلسل طويل يصل للشام وللحجاز، يقول الكوراني في صـ 45- 60: “تتركز الساحة الجغرافية للحدث في بلاد الشام وفي إيران والعراق والحجاز، فهذه المنطقة بالتحديد هي مصدر الموج الإسلامي الهادر الذي تتحدث عنه النصوص وهي الصراع السياسي والعسكري بين ثورة المهدي وبين الاتجاه التحريفي العميل للغرب -يعني دول الخليج-“. ما هو موقف إيران بالنسبة لأمريكا وللغرب من هذا المد… ؟؟؟ يتحدث شيخهم الصدر في كتاب [تاريخ ما بعد الظهور صـ581] عن الطريقة التي سيتعامل بها مهديهم مع العالم: “إن لغير المسلمين أو البلاد غير الإسلامية تخطيطاً خاصاً في أسلوب السيطرة عليها، وهي سيطرة يغلب عليها الجانب السلمي، كما أن للمسلمين أو البلاد الإسلامية تخطيطها الخاص بها، وهو كثرة القتل، وهذه الكثرة لا لأجل السيطرة، بل لأجل التنقية والتنظيف من العناصر السيئة”، ويصف كامل سليمان في كتابه [يوم الخلاص في ظل القائم صـ235] سلاحاً خطيراً وفتكاً سيكون بيد مَهديهم المنتظر وهو ما أنتجته إيران اليوم بقوله: “إن هذا السلاح إذا وجه إلى مدينة جعل عاليها سافلها وتركها قاعاً صفصفاً وفعل بها ما تفعله القنابل الذرية والهيدروجينية والنيترونية والصواريخ النووية التي صنعها الإنسان”. ويقول الصدر صـ113″ ما أدل على أن حكم المهدي يكون قاسياً وشديداً على العرب.. باعتبار فشل أكثرهم في التمحيص الإلهي حال الغيبة وتقصيرهم تجاه الشريعة”. إذاً وباختصار: أمريكا تبحث عن النفط ومصالحها أينما كانت مع دول الخليج أو مع إيران فالسياسية لا تعترف بالصداقة الدائمة. أما إيران فهي تُمهّد لتنفيذ مخططاتها بالمنطقة للاستمرار بتصدير الثورة والتمهيد لخروج مَهديهم المزعوم. وهنا قد يسأل البعض إذاً ما الذي يحدث خلف الكواليس وماذا نفسر المشاحنات التي تتناقلها وسائل الإعلام بين أمريكا وإيران… وهل هنالك خلاف حقاَ؟؟. معلوم أن الإعلام تسيطر عليه أمريكا والمُلاحظ أن مُعظم الأخبار الأساسية التي تتناقلها وسائل الإعلام العربية (مصدرها واحد) وتأتي مرتبة في جميع القنوات (العربية.. الجزيرة.. الخ) ويكون الاختلاف في التعاطي مع الخبر وخدمته لأن مصادر الأخبار والمُتحكم بها عدة وكالات أنباء يُسيطر عليها اليهود الأمريكان، والمفاعلات النووية الإيرانية يعمل بها منذ أكثر من عشرين سنة ولم تأخذ هذا الزخم الإعلامي الكبير طوال السنين الماضية.. !! لكن الأمريكان أثاروه اليوم ليكون ورقة في دعم تواجدهم في منطقة الخليج وتركيز قواعدهم بدعوى القلق من القدرات النووية الإيرانية وزيادة مبيعات الأسلحة الدفاعية لدول الخليج وهذا ما حَدث خلال الأسبوع الماضي حيث صرَّح مصدر في البنتاغون أن دولاً خليجية تفاوض لزيادة قدرتها الدفاعية وبذلك تتعمَّد أمريكا السير على سياستها المعروفة في خَلق فوضى ودمار لتركيز وجودها في المنطقة، فيما تستمر بعلاقات سرية مع إيران لترتيب أوضاع المنطقة وإعادة جدولتها

حرب وصراع أم توظيف واحتواء بين امريكا وايران ؟ إن ما يحدد طبيعة العلاقة بين الدول على مر التاريخ هو أربعة عوامل رئيسية
1-الاختلاف: في (الثقافة، المعتقدات، المذاهب، التصورات…).
2- التنوع: في الاحتباجات وسعي كل دولة لتأمين احتياجاتها.
3-الندرة: في الموارد (طاقة، مياه، معرفة..).
4-الظروف المحيطة (وجود عدو مشترك، تحالفات بين دول أخرى…).

كلما ازدادت حدة المحاور الثلاثة الأولى (الاختلاف، التنوع، الندرة) وغاب المحور الرابع (العدو المشترك ..) كلما أخذت العلاقة بين الدول منحى التنافس والصراع، وكلما انخفضت درجات المحاور الثلاثة الأولى مع تواجد شيء من المحور الرابع أخذت العلاقة شكل التبادل والتعاون. في كتابه “التحالف الغادر” يقول تريتا فارسي:”اليهود والإيرانيون ليسوا غرباء عن بعضهم. فثقافة الطرفين، وديانتاهما، وتاريخهما متشابهة بشكل وثيق منذ العصور البابلية”. كما لم يخفي كل من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ولا الرئيس الحالي دونالد ترامب إعجابهما بالثقافة والحضارة الفارسية.
يرجع الكثير من الكتاب سبب التعاون الإسرائيلي مع إيران، وعملها على إقناع أمريكا لفعل نفس الأمر خلال الحرب العراقية – الإيرانية إلى وجود العدو المشترك “العراق”.
الشرق الأوسط الجديد

في مذكرته “الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات” يقول الصهيوني أوديد ينون: «إن في قوة العراق خطورة على إسرائيل في المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى». ويناءا عليه فيجب إضعاف العراق وتقسيمه في أول خطوة من خطوات مشروع الشرق الأوسط الجديد؛ كما نص هو على ذلك وتابعه برنارد لويس وغيره من الساسة الأمريكيين. يعلق على هذا المشروع، “الشرق الأوسط الجديد”، أستاذ الجيوبولتيك في جامعة السوربون المسيحي اللبناني الدكتور نبيل خليفة في كتابه “استهداف أهل السنة” بقوله: «إن المخطط الموضوع للشرق الأوسط منذ الربع الأخير من القرن العشرين ويشارك فيه الغرب وإسرائيل وإيران له ثلاثة أهداف أساسية: أولها إزاحة النفوذ العربي/السني عن دول شرقي المتوسط واستبداله بالنفوذ الإيراني/الشيعي…».

الحرب الإيرانية – العراقية:::يقول تريتا فارسي في كتابه: “كان صدام قد عرض عشية حرب لبنان التوصل إلى سلام مع إيران ودعا طهران إلى الانضمام إلى بغداد في قتال إسرائيل، لكن الخميني رفض هذا العرض”. في تعليقه على رفض الخميني الصلح مع العراق يقول الكاتب الشيعي موسى الموسوي في كتابه “الثورة البائسة”: «إن استمرار ايران في حربها مع العراق ورفضها للصلح هو مخطط صهيوني استعماري أوضح من الشمس في رابعة النهار، إن في ضعف العراق تكمن قوة اسرائيل، وضعف العراق ضعف العرب، وضعف العرب قوة إسرائيل ايضا».

بحسب صحيفة صنداي تلغراف اللندنية فإن إسرائيل استعانت بصور فوتوغرافية وخرائط إيرانية في ضربها للمنشآت النووية العراقية. في ذات الوقت كان السلاح الإسرائيلي والأمريكي يتدفق إلى إيران في حربها مع العراق. يقول تريتا فارسي:”بلغت نسبة العتاد الذي اشترته طهران بعد الحرب مباشرة من إسرائيل 80 بالمئة” ويقول:”اشترت إيران من إسرائيل أسلحة كانت قيمتها 500 مليون دولار في الفترة الواقعة بين 1980 و1983″. ثم جاءت فضيحة “إيران كونترا” صفقة السلاح السرية بين أمريكا وإيران؛ التي لم تكن الأولى ولا الأخيرة

العلاقات الأمريكية – الإيرانية بعد أحداث 11 سبتمبر وغزو أفغانستان:::اعترف حسن نصرالله في لقاء تلفزيوني أن الأمريكيين كانوا قد عرضوا على حزب الله في أواخر 2001 صفقة للتعاون في مواجهة عدو مشترك “الإرهاب السني”؛ قال حسن نصر الله: «إن نائب الرئيس الأمريكي “ديك تشيني” أرسل إليه رسالة خطية مع مبعوث شخصي أمريكي “جورج نادر”، وكانت تحمل عرضا أمريكيا تفصيليا للتعاون بين الجانبين، صفقة، فيها “إغراءات لها أول وليس لها آخر” بحسب تعبيره!. يقول نصر الله: أن الأمريكيين قالوا أنهم يوافقون على أن يهاجمهم في الخطب والميكروفونات، وأنهم سيتفهمون ذلك». كما تفهموا من قبل مصطلحات “الشيطان الأكبر” من قبل الخمينيين، ومن بعد مصطلحات الموت لأمريكا من قبل الحوثيين؛ “الثوار” بحسب الإعلام الغربي ثم يقول نصرالله «أن هذا العرض تكرر عليه مرارا من قبل إدارات أمريكية متعددة»!. علق على هذه الاعترافات الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي: «بأنها دليل عمالة صريحة، وأجرى المقارنات بين نقاط الصفقة وبين ما تم على أرض الواقع ليخرج بالنتيجة: وهي أن حزب الله بقيادة حسن نصر الله تحول إلى أداة أمريكية للسيطرة في المنطقة وتوجيه الأحداث وحفظ أمن “إسرائيل”». علي تريتا فارسي على المساعدات التي قدمتها طهران للولايات المتحدة في غزو أفغانستان بقوله: “لم تكن المساعدة التي قدمتها إيران شكلية، فعرض الإيرانيون السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدهم الجوية..، وخدموا كجسر بين التحالف الشمالي والولايات المتحدة في قتال الطالبان”.

التعاون الأمريكي – الإيراني في العراق:::أكد على الانسجام والتعاون الأمريكي – الإيراني نائب الرئيس العراقي سابقا طارق الهاشمي في لقائه على قناة أورينت، كاشفا ماكان يدور خلف الأروقة، بقوله: «في الوقت الذي كنا فيه نشتكي للإدارة الأمريكية، حول ما يفعله السفير الإيراني وفيلق القدس والحرس الثوري وفرق الموت داخل العراق الذي من المفترض أنه يزعج الأمريكيين، ويشير إلى أن العراق يتجه للوقوع في دائرة النفوذ الإيراني، كان السفير الأمريكي يخرج من مكتبي ليجلس مع السفير الإيراني»، ثم يتابع الهاشمي: “الذي حصل في بلدي هو خطة واضحة المعالم لا تقبل اللبس ولا تقبل التفسير، هناك خطة دولية تستهدف العرب السنة”. تنسيق وصل إلى درجة أن يصرح السفير الأمريكي السابق في العراق كروكر: «كلما كانت تواجهني معضلة لا أجد حلها إلا عندما أجلس مع السفير الإيراني في بغداد»!.

أمريكا وإيران بعد ثورات الربيع العربي :::يقول الدكتور أكرم حجازي: “الحقيقة الصارخة التي لا يماري فيها أحد أن إيران سجلت فشلا ذريعا في مواجهة القوى السنية المسلحة، وأن النظامين في سوريا والعراق كانا مرشحان للسقوط لولا التحالف الدولي أو التدخل الروسي”. وصدق الدكتور أكرم؛ فأمريكا والتحالف الدولي ساعدوا إيران وحلفائها بشكل مباشر في العراق، وبشكل غير مباشر في سوريا؛ وذلك عن طريق اختراق الولايات المتحدة وحلفائها لبعض الفصائل المسلحة، والتلاعب بها، ثم تحويلها لشبيحة تدافع عن النظام؛ كما حصل مع فصائل الجبهة الجنوبية ولم يقف التعاون بين البلدين عند هذا الحد، بل تعداه لبلدان عربية أخرى؛ نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريرا يقول بأنه بعد الدعم العسكري الأمريكي للقوات الإيرانية في العراق وسوريا؛ فإن «اليمن يمكن أن يكون ساحة المعركة القادمة، وأن «الشراكة القلقة بين واشنطن وطهران تمتد الآن إلى اليمن». وختم التقرير بالقول: «إن الولايات المتحدة مستعدة للسماح لإيران بتوسيع نفوذها في المنطقة، وهذا في جزء منه للمساعدة في تأمين صفقة نووية». بعد هذا الاستعراض الموجز للعلاقة بين البلدين هل تغيرت الظروف ووجدت الأسباب التي يمكن تؤدي إلى الحرب بين البلدين؟

فهذا فهمي هويدي، أحد أشد المتحمسين للثورة الإيرانية في السابق، والذي ألف كتابا عنها “إيران من الداخل” تراجع عن رأيه ووصل إلى النتيجة :”إن الدولة القومية فى إيران مستعدة للتفاعل مع الغرب والتقارب مع إسرائيل بأكثر من استعدادها للتفاعل مع العالم العربى”، كما في مقالته “هل تصبح إيران شيطان العرب الأكبر”. فالعوامل التي أدت للتعاون في السابق موجودة، وقد انضاف لها عوامل أخرى:
أولا: ثورات الربيع العربي وما رافقها من ارتفاع نسبة الوعي عند الشعوب العربية والإسلامية، والسعي الجاد للخروج من هيمنة الغرب “عدو مشترك”.
ثانيا: ازدياد قوة طالبان وقرب سيطرتها على كامل أفغانستان يجعل أمريكا في حاجة لوجود حاجز يفصل بينها وبين العرب السنة.
ثالثا: الطموح الجيوسياسي والنفوذ المتنامي لتركيا في المنطقة وسعيها للعب دور أكبر كل من سوريا، العراق، قطر، ليبيا..
رابعا: أمريكا لن تقتل الدجاجة (إيران) التي تبيض لها ذهبا؛ كما يقول مستشار الرئيس التركي ياسين اقطاي. فبشماعة إيران يحلب ترامب دول الخليج.

في النهاية إيران مسموح لها أن تلعب دورا، لكن يجب أن لا تتخطاه؛ في تصريح لإذاعة الجيش “الإسرائيلي” في 18/2/2006 قال رئيس مجلس الأمن القومي “الإسرائيلي” عوزي دايان: «إيران ليست عدوا لإسرائيل، وأنه لا يجدر بنا تهديد إيران، من وجهة نظرنا إيران ليست عدوا، ولكن علينا التأكد من عدم تمكن إيران من اقتناء أسلحة دمار شامل». الأمر الآخر امتناع ترامب عن استعمال القوة ليس لأن ترامب يجيد “الحلب لا الحرب”؛ فلقد رأينا كيف كان الرد الأمريكي قاسيا عندما حاولت ميليشيات روسية وإيرانية العبور إلى شرق الفرات في سوريا في بداية العام الماضي؛ إنما لأنها تتحرك ضمن المقبول، وغالبا تحركاتها مفيدة لأمريكا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here