“التظاهرة المليونية”… العراقيون يبحثون عن علاقات دبلوماسية متوازنة مع الولايات المتحدة

محمد الفاهم

لاقت التظاهرة المليونية التي انطلقت يوم الجمعة الماضي (24 كانون الثاني الحالي)، والتي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ضد الوجود العسكري الأمريكي في العراق، اعتراضاً وتنديداً من قبل الكثير من الأطراف السياسية والمجتمعية العراقية.

ويستند اعتراض تلك الأطراف على التظاهرة المليونية، بأنها كانت بتوجيه إيراني، خاصة بعد خطبة الجمعة التي ألقاها باللغة العربية المرشد الأعلى في إيران السيّد على خامنئي بأن عقاب الولايات المتحدة على قيامهم بإغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، يكون عبر طردهم من المنطقة الشرق الأوسط وتحديداً من العراق، الشريك الاستراتيجي للجمهورية الإسلامية.

كما يدعي المعترضون على تظاهرة السيادة ضد التواجد الأمريكي، جاءت على أثر اجتماع الصدر مع قادة الفصائل العراقية التي أعلنت الحرب مع الولايات المتحدة ومطالبتها المفاجئة بخروج القوات الأمريكية بعد مقتل سليماني والمهندس، فيما لم ينتفض قادة الفصائل على مقتل 600 شاب عراقي خلال التظاهرات الاحتجاجية التي انطلقت في العراق منذ أكتوبر من العام 2019 الى اليوم.

بيد أن المتابع لمواقف القيادات الفصائل التي تُتهم بالولاء لإيران وتأتمر بأمرها، يدرك أن الدعوات لإنهاء التواجد العسكري الأمريكي وغلق قواعدها العسكرية في العراق، ليست وليدة اللحظة ولم تكن رد فعل على مقتل نائب رئيس الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس وضيف العراق القائد قاسم سليماني، بل كانت هنالك دعوات ومطالبات في الدورة السابقة للبرلمان العراقي من أجل انهاء هذا التواجد بعد القصف المتكرر والمقصود من قبل الطيران الأمريكي لقطعات الحشد الشعبي في الانبار وكركوك وغيرها من المدن في وقت كانت يقاتل الحشد ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

علاقات متوازنة

وأعتبر عدد من القيادات السياسية العراقية وأعضاء مجلس النواب، أن التظاهرة المليونية ضد التواجد العسكري الأجنبي في العراق، يأتي من أجل تحقق السيادة العراقية التي مسحت الولايات المتحدة بها الأرض ولم تراعي وتحترم القرار العراقي.

ويرى عضو مجلس النوّاب آراس حبيب، إن “العراقيين قالوا كلمتهم في أهم قضية مفصلية في حياة الأمم والشعوب وهي السيادة الوطنية. لم يعد الأمر بعد اليوم مجرد وجهات نظر لهذا الطرف أو ذاك. بل تحول إلى موقف وطني موحد ينبغي احترامه والتعامل مع الآخرين في ضوئه”.

واضاف: “نريد أن نبني علاقات متوازنة مع الجميع في ضوء مبدأ المصالح المشتركة وعلى قاعدة المساواة والتعامل بالمثل”.

من جانبه، رد رئيس كتلة السند الوطني، النائب أحمد الأسدي، على المنتقدين للتظاهرة المليونية ضد الوجود العسكري الأمريكي، بالقول: “من قال بأننا نطالب بقطع العلاقات الدبلوماسية، ‏نحن نطالب بخروج القوات الأجنبية التي تنتهك سيادتنا وتقتل قادتنا وابناء قواتنا الامنية وتتجاوز كل الحدود”.

وأضاف: “ونطالب في نفس الوقت ببناء علاقات دبلوماسية متوازنة مع الجميع مبنية على المصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية”.

وفي ذات السياق، قال تحالف سائرون: “لصوت الشعب القول الفصل في تحديد الخيارات الوطنية ودعم المواقف الرافضة للوجود الاجنبي عموما والأميركي على وجه الخصوص”.

وأضاف، أن “تظاهرات الأمس المليونية رسالة واضحة المعاني والدلالات عكست وجهاً مشرقاً لشعب يرفض الاحتلال ويطالب بسيادته على أرضه، وعلى العالم أجمع أن يحترم هذا الصوت هكذا هي الديمقراطية بمعانيها الإنسانية والتي تضمن حق الشعوب في المطالبة بحقوقها المشروعة ومن أهم هذه الحقوق احترام سيادة الأوطان وعدم التعدي عليها”.

وعبر تحالف سائرون الذي يتزعمه السيد مقتدى الصدر والمتبني للتظاهرة المليونية ضد الوجود العسكري الأمريكي، عن أمله أن تلتزم جميع القوى الوطنية والحكومة العراقية العمل على تطبيق النقاط الجوهرية في بيان الصدر الخيار السياسي لإخراج القوات الأمريكية من أجل استعادة سيادة العراق بالطرق القانونية والسياسية والدبلوماسية حفاظا على دماء العراقيين واستقرار الوطن.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here