العقل العربي بحاجة لإدراك المفهوم الثالث بين ثنائية السيادة والإستعمار

خضير طاهر
فهم العرب للافكار والمباديء وعالم السياسية .. فهم صحراوي متحجر حتى لو كانوا يعيشون في أرقى المدن ، فالعربي يطبق النص بحذافيره حرفيا وتقود عقله الكلمات والشعارات والأفكار الغوغائية ، وليس هو من يتحكم بها ويطوعها لخدمة مصالح بلده وشعبه .
على سبيل المثال : العقل العربي يفهم العلاقات الدولية وفق ثنائية : السيادة والإستعمار فقط بشكل جامد ، والغريب ان التيارات السياسية في الوطن العربي التي روجت لثنائية السيادة والإستعمار : اليسارية والقومية والإسلامية ، كلها لم تخافظ على سيادة بلادنها وإرتبطت بعلاقات خارجية تندرج وفق مفهوم الوطنية في خانة الخيانة !
في عالم السياسة الحقيقي تخضع العلاقات الدولية الى آلية عمل ممكنات العقل في البحث عن المصالح الوطنية بمرونة عقلية تستوفي فعلا ماهية إستخدام آلية الممكنات ومضمونها وليس الديماغوجية والدوغماتية والفكر الملوثة بالبرانويا البعيد عن مفهوم الأخذ والعطاء في العلاقات بين الدول وتبادل المصالح !
لقد غاب عن الثقافة السياسية في الوطن العربي تداول مفهوم التحالف بمعناه الإيجابي ، وكان ولايزال ينظر الى التحالفات بين الدول الكبرى والدول العربية على انها علاقة إستعمار وإنبطاح وعمالة ونهب للثروات !
في العراق مثلا : كان ينظر الى علاقة التحالف بين العراق وبريطانيا على انها علاقة إستعمارية وتحرك الغوغاء وزمرة من رجال الدين المتخلفين ، ومعهم القوميون بتحريض من مصر ، واليسار بدفع من الإتحاد السوفيتي السابق ، مطالبين برحيل بريطانيا .. بينما الواقع كان يتحدث عن حاجة العراق الماسة للوجود البريطاني ، فقد كان العراق دولة محطمة تماما بسبب الإستعمار العثماني الذي إستمر أكثر من 400 عاما ، وكان يفتقر للبنية التحتية والكوادر ومؤسسات الدولة ، ووجود بريطانيا بثقلها وخبراتها كان يعد هدية ثمينة من السماء لبناء العراق حتى لو أخذت جزءا من انتاج النفط فهو يقع ضمن تبادل المصالح بين الدول ، لكن كالعادة الغباء السياسي والغوغاء الهمجي والمؤامرات الخارجية دمرت تلك العلاقة وخرجت بريطانيا وإستمر تخلفنا !
مع أميركا تكرر نفس الغباء والغوغائية زائدا التآمر الإيراني .. والنتيجة حتى ماء صالح للشرب لايوجد في مدننا ، ولدينا أعظم دولة على وجه الأرض الولايات المتحدة الأميركية بكل ماتملك من خبرات هائلة لم نستفد منها شيئا لبناء البلد وخسرنا فرصة عظيمة أخرى !
والمثير للحزن والوجع … لدينا نموذج دول الخليج العربي التي قدمت مثالا على أهمية مصالح الدولة والشعب على مفهوم السيادة ، ففي الدول الضعيفة وغير الكفؤة، يصبح من الواجب الوطني إقامة تحالفات رعاية ووصاية وحماية مع الدول الكبرى والتضحية بالسيادة ، وهكذا اليوم هي دول الخليج تتمتع بالإستقرار والإزدهار بفضل تطبيق المفهوم الثالث بين السيادة والإستعمار: التحالف .. لكن العراقيين لايريدون التعلم من تجربة دول الخليج لأنهم أعداء لأنفسهم وعشاق لعملية التدمير الذاتي !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here