النفطقراطية!!

النفط والديمقراطية لا يتفقان , لأن الديمقراطية تعني حكم الشعب , مما يؤدي إلى أن يكون النفط ملك الشعب , وهذا يتعارض مع المصالح والتوجهات الإقليمية والعالمية , التي تريد النفط في قبضة أفراد تتعامل معهم وتوجههم , وفقا لبوصلة مصالحها وأهدافها ومشاريعها المتجددة.

فالقول ببناء أنظمة ديمقراطية في دول نفطية فيه نوع من التضليل والخداع والتنكيل , وإن حق ذلك القول , فالنموذج العراقي هو المطلوب , الذي يعني نهب الثروات وتبديدها , وتدمير البلاد والعباد , وتعميق الصراعات وسفك الدماء ما بين المواطنين , وتشكيل منظومة العصابات والفساد المليشياوية المسلحة , فهذه هي ديمقراطية النفظ بحق وحقيقة , ويمكن تعميمها على دول المنطقة النفظية إن فكرت بإقامة نظام ديمقراطي.

فالنفط لا يمكنه أن يكون ملكا للشعب , وإنما مرهونا بالمصالح وبإرادات القوى العالمية والإقليمة , التي لا يعنيها من أمر الشعب سوى أن يقبع ويخنع وإن طالب بحق سينال البطش والتوحس , ولا من أحد في الدنيا يرفع صوته , وإنما لا يمكن لأحد أن يقوم بأكثر من تنديد وإستنكار , لأن الموضوع شأن داخلي , ما دام النفط يجري بسلام وعافية.

ولهذا تجد العالم صامتا ومتجاهلا للوضع الذي يريد الشعب فيه أن يعبر عن إرادته وحقوقه الإنسانية المنصوص عليها في لائحة حقوق الإنسان , والتي برهنت الأحداث أن النفط يلغي حقوق الإنسان , ولا يجوز لشعب في دولة نفطية أن يتكلم بلغة حقوق الإنسان , لأن في ذلك إعتداء على المصالح وإقتراب من النفط , الذي عليه أن يترسخ في الوعي الجمعي على أنه دخان ونيران ولا خير يُرتجى منه , وأنه يعود للآخرين ولا حق لأهله فيه.

ووفقا لهذا المنظور الناري فأن الواقع سيتعقد , وستتواصل المواجهات الدامية المعززة بالقوى الإقليمية والعالمية , والتي يهمها مصالحها وأجنداتها لا غير , وعلى الناس المتطلعين لحياة أفضل أن يتمتعوا بحياة أقسى وأمّر , وأن يذعنوا ويخنعوا وفقا لمفهوم السمع والطاعة , الذي تجنّدت العمائم المتاجرة بالدين لتمريره وتفعيله والعمل بموجبه , وتكفير من لا يذعن ولا يطيع ولا يتبع ويعطل عقله.

ولهذا فلن ولن تتحقق ديمقراطية وفقا للمفاهيم المعاصرة في بلاد نفطية , وإنما هي ديمقراطية معممة بالأضاليل , ومعفرة باللون الأسود الذي يرمز للنفط المنتقم من أهله , فانزفي يا أرض نفطا واشربي دما , وليشقى الفقراء المساكين وليتنعم الآخرون بقهر الشعب الذي سرقوا منه الحياة والأمل والحاضر والمستقبل.

فإلى متى سيبقى الظلم متغطرسا على تلال الوجيع الفظيع؟!!

د-صادق السامرائي

27\1\2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here