ردود مختصرة،

مروان خليفات

طلب مني أكثر من أخ وصديق نقد بعض الطروحات التي تنتشر في هذا العالم الإفتراضي وهي تزعم اعادة دراسة التشيع وتصحيح مساره، والذي أراه أن ما يطرحه البعض ليس إلا نوع من المغالطات والتشكيكات هدفها خلخلة عقائد القراء الاثني عشرية وهز منظومتهم الفكرية، ليتجهوا إلى الفوضى وربما إلى الإلحاد، والمصفقون له خليط من القرآنيين واللامذهبيين والزيدية وكلهم يترقبون ضربة هنا أو هناك تطيح بالتشيع الإمامي، ولكن هيهات، فهذا الفكر يزداد صلابة وانتشارا مع ازدياد النقد له !

وقد لاحظت على تلك الطروحات بعض الأخطاء الفظيعة التي لا تصدر من أهل العلم والبحث، فتيقنت أن هناك خللا في منظومتهم المعرفية، وفي طريقة انتاج المعرفة. وسأذكر ثلاثة أمثلة لا زلت أتذكرها :

ــــ زعم هذا الشيخ أن الإمام الحسين ع وأثناء توجهه إلى العراق استولى على جمال وبضائع كانت في قافلة قادمة من اليمن نحو الشام.

وبعيدا عن دراسة سند القضية التاريخية، وهل ثبتت من طرق الإمامية أم لم تثبت؟ فما يقول المستشكل على محاولة النبي معه الإمام علي والصحابة الإغارة على قافلة أبي سفيان القادمة من الشام والاستيلاء عليها، وأدى ذلك لحدوث وقعة بدر ؟!
مع العلم أن تلك البضائع أو قسما منها أو بعضها قد تكون لبعض المكيين الأبرياء الذين لم يشاركوا بحصار المسلمين وإيذائهم !

فإشكال الشيخ على الإمام الحسين ع في فعله ذاك ـــ إن صح مع عدم معرفتنا بكل تفاصيل القضية ــ هو اشكال على النبي واشكال على الإسلام !

ــــ ضمن مجموعة مقالات نسب الشيخ وضع خطبة الزهراء ع إلى الجاحظ! وهكذا بضربة واحدة مبنية على وهم ظن أنه هدم نصا تاريخيا من التراث يرجع اليه جمهور الإمامية ويقدسونه.

وغاب عن ذهنه أن هذه الخطبة العظيمة كانت معروفة مشهورة قبل ولادة الجاحظ، فقد اشار إليها الخليل الفراهيدي الذي ولد سنة 100هجرية وتوفي سنة 170 هجرية، أشار لأولها في كتابه العين، فقال : (أي في جماعة وفي الحديث ( جاءت فاطمة إلي أبي بكر في لميمة من حفدها ونساء قومها) وهذا المقطع مرتبط بخطبة الزهراء ع كما في المصادر التي ذكرتها .

ولو افترضنا أن الخليل كان مشغولا بتأليف كتابه (العين) سنة 169 هجرية، أي قبل وفاته بسنة واحدة، فحينها يكون عمر الجاحظ المولود سنة 159 هجرية، تسعة سنوات أو عشرة !

وحتى تنتشر الخطبة التي وضعها الجاحظ الطفل ونسبها للزهراء ع فإنها تحتاج إلى بعض الوقت، وبالرغم من هذه الاشكالات العويصة يريد الشيخ أن يقنع متابعيه أن ذاك الصبي وبذاك العمر هو من وضع تلك الخطبة العظيمة التي دعت بلاغتها أحد كبار أهل اللغة من الجمهور إلى شرح كلماتها الغريبة في مؤلف خاص !!
هل هذه هي العقلانية والتنوير والمنطق والاصلاح الذي يدعو له الشيخ ؟
طفل لم يتجاوز العشر سنوات يضع تلك الخطبة التي تنطق بمعاني الحكمة وأسرار التشريعات ؟!

حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له !

ـــ ذكر الشيخ في بعض منشوراته أن سكينة بنت الحسين عليهما السلام تزوجت مصعب بن الزبير، ولم يذكر سندا اماميا لزعمه، فأصل المسألة هي في مصادر العامة خاصة (نسب قريش) للزبير بن بكار، هذا الشخص كذاب مطعون فيه عند الإمامية كما في كلام الشيخ المفيد في الرابط أدناه، وما ذكره بعض علماء الإمامية من زواجها لا يستند لدليل، إنما هو تكرار لمقولة الزبير، وقول العالم يُستدل عليه ولا يستدل به !ورب مشهور لا اصل له.

هذا مثال على البحث التاريخي المبتور الذي لا يستند لركن وثيق، أضع في التعليق الأول هذا الرابط الذي يبين حقيقة مسألة الزواج المزعوم، حتى ينظر المتابعون ويقارنوا، والكلام يطول لكن ما ذكرناه يكفي لأولي النهى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here