العِصابَقراطية!!

الديمقراطية بحاجة لقيادة قديرة وجيش قوي وأجهزة شرطة وأمن فاعلة وقوانين صارمة , ودولة ذات مؤسسات وهيبة ونزاهة ورقابة مالية حازمة , ومع هذا فأن العصابات تنتشر في المجتمعات الديمقراطية ويكون لها تأثير على الحياة خصوصا في المدن الكبيرة.

وعندما نتحدث عن الديمقراطية في مجتمعات ضعيفة القيادة والجيش وقوى الأمن والشرطة , ولا تحترم القوانين ولا تخضع لمساءلة مالية , فأن ذلك يعني أنها ستكون محكومة بالعصابات , التي ستتخذ مسميات وعناوين متنوعة.

فلا يمكن القول بوجود ديمقراطية في مجتمعات ضعيفة متهالكة البنيان المؤسساتي , ولا تأثير فيها للقانون ولا قيمة للجيش والشرطة وقوى الأمن الأخرى.

والمثال الواضح هو ديمقراطية العراق التي تقدم الأدلة على كيفيات التعبير السلبي عن السلوك البشري تحت قناع الديمقراطية , مما تسبب بإنشاء المليشيات المسلحة القابضة على عنق الدولة , وإشاعة الفساد والتباهي بالفاسدين الذين يستحوذون على حقوق المواطنين ويبذخون بلا إحساس أو ضمير.

ويبدو أن ديمقراطية العصابات هي المطلوبة لأنها تحقق المصالح الإقليمة والعالمية , ذلك أن الديمقراطية الصحيحة تتقاطع مع مناهج الهيمنة على منابع النفط.

والقول بأن مجتمعات المنطقة تصلح لإقامة نظام ديمقراطي فيه الكثير من الحيف وعدم الصدق والتضليل , لأن الديمقراطية بحاجة إلى بنى تحتية نفسية وفكرية وثقافية وسلوكية وقانونية وعسكرية وأمنية غير متوفرة في معظم مجتمعاتنا , التي تعتمد في كل شيئ على الآخرين الأقوياء والذين تهمهم مصالحهم أولا.

ولهذا فأن المطالبة بحل المليشيات ومحاسبة الفاسدين وغيرها من المطالب السليمة والنبيلة لا يمكنها أن تتحقق , لأنها تبدو مثالية وبعيدة عن الواقع الذي تتحكم به العصابات المسلحة الموشحة بدين وغيره من المنطلقات المخادعة.

فالذي يتحكم بالبلاد والعباد هي العصابات المعممة المسلحة المستقوية بقوى إقليمة وعالمية , وهي التي تؤمّن مصالح الداعمين لها , ولا يعنيها شأن البلاد والعباد الذين في حقيقتهم أعداؤها وعليها أن تسحقهم , لأنهم يقيّدون أياديها ويحدّون من شراهتها والتعبير عن شهواتها وأطماعها المنقلتة.

فلا تقل عندنا ديمقراطية وجيشك ضعيف وأمنك مقهور وشرطتك لا حول ولا قوة لها , والذي يدير دفة الأمور العضابات المسلحة التي تعمل بموجب فتاوى ذوي العاهات النفسية السوداء.

فهل من إعادة النظر بالديمقراطية؟!!

د-صادق السامرائي

31\1\2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here