الغرض من زيارة منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي لطهران ونتائجها

أنهى جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي زيارته لطهران على مدى يومين، وأعلن أنه سيتوجه إلى واشنطن يوم الجمعة.

وكانت زمرة الملا روحاني وظريف يتطلعون بشغف إلى هذه الزيارة بوصفها الملاذ الأخير. ومما لا شك فيه أن وجهات النظر في زمرة روحاني حول هذه الزيارة كانت مختلفة.

فعلي سبيل المثال، نجد أن صحيفة “آرمان” تصف زيارة بوريل بأنها “نقطة فارقة في العلاقات الإيرانية الأوروبية “، بينما تصفها صحيفة “جهان صنعت” بأنها “زيارة ليست مهمة كثيرًا”.

وعلى الجانب الآخر نجد أن عناصر زمرة خامنئي متفقين على أن زيارة بوريل لطهران تأتي تمشيًا مع الضغوط الأمريكية واستمرار تحالف أوروبا مع أمريكا.

ويرى تلفزيون نظام الملالي أن هذه الزيارة عقيمة لا جدوى منها، قائلًا: “في خضم اضطرابات شهر نوفمبر، أصبح الأوروبيون أنفسهم بنزينًا ينصب على نيران الاضطرابات، ولم يشاركونا حزننا على فقدان قاسم سليماني وبرروا اغتياله “.

وفي النهاية، قال تلفزيون نظام الملالي : يجب على بوريل أن يحمل هذه الرسالة معه إلى أوروبا وأمريكا: “طالما لم يكف الأوروبيون عن انتهاج سياسية النفاق، فلن يتم عقد اتفاق خاص ولن يتم انقاذ الاتفاق النووي”. كما كتبت صحيفة “جوان”: غادر بوريل إيران خالي الوفاض.

الغرض من زيارة بوريل لطهران

ولكن ما هي الحقيقة؟ ما هو الغرض من الزيارة العاجلة لمنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي لطهران؟ وما هي نتائج هذه الزيارة؟

لم يُعقد مؤتمر صحفي مشترك في نهاية هذه الزيارة. كما لم يصدر بيان عنها. وهذا الأمر من شأنه أن يشير إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين.

ويتضح من علامات وتعليقات العناصر الحكومية ووسائل الإعلام التابعة لنظام الملالي هنا وهناك أن بوريل قد جاء لإنقاذ الاتفاق النووي، من ناحية، ولكن من منطلق الشروط التي أعلنتها الدول الأوروبية الثلاث يتضح أنهم قرروا تفعيل آلية الضغط على الزناد.

ومن ناحية أخرى، نجد أن الدول الأوروبية قد ازدادت تقربًا لأمريكا بشكل غير مسبوق خاصة بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبات إنقاذ الاتفاق النووي يعني قبول تجرع كؤوس السم اللاحقة.

كما صرح رئيس الوزراء البريطاني، جونسون بأنه يتعين على نظام الملالي أن يقبل خطة أمريكا البديلة للاتفاق النووي.

ويبدو أن بوريل سعى إلى توصيل هذه الرسالة إلى زعماء نظام الملالي. وتحدث عن اهتمام الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على الاتفاق النووي، “لكنه أقر بأن دوره يقتصر على التنسيق فقط بوصفه منسق للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي وأن القرار النهائي في هذا الصدد منوط بالدول الأوروبية الثلاث: بريطانيا وفرنسا وألمانيا”. (صحيفة “ابتكار” الحكومية – 4 فبراير 2020 )

وفيما يتعلق بنتيجة زيارة بوريل لطهران، يبدو أن رأي صحيفة “جوان” التابعة لقوات حرس نظام الملالي واقعي، حيث كتبت: “غادر بوريل طهران خالي الوفاض”.

هذا وكان قد حذر بعض الخبراء السياسيين في نظام الملالي من أن “الاتحاد الأوروبي هو طريقنا الأخير إلى الساحة الدولية ويجب ألا نضيع هذه الفرصة”.

عجز نظام الملالي عن انتهاز الفرصة الأخيرة

الحقيقة هي أنه على الرغم من رغبة أوروبا في الحفاظ على الاتفاق النووي، إلا أن نظام الملالي هو الذي يجب عليه أن يسعى لذلك، أي يقبل أن يكف عن برنامج الصواريخ والتدخل في شؤون دول المنطقة، وأن يتم إدراج هذا الشرط في الاتفاق النووي، ويلتزم دائمًا بالقيود النووية المفروضة، أي يجب عليه أن يتجرع كؤوس السموم اللاحقة.

وصور خامنئي نتيجة هذا المسار بدقة أكثر من مرة. فعلي سبيل المثال، وصفها في 14 يونيو 2016 بأنها “تراجعات لا نهاية لها”، وقال إن هذا الطريق سيبدأ من الصواريخ والمنطقة وسرعان ما سيؤدي إلى القضاء على قوات حرس نظام الملالي ومجلس صيانة الدستور وولاية الفقيه.

وإذا أصر نظام الملالي على مواصلة سياسته العنيدة الحالية، فسيتم تفعيل آلية الضغط على الزناد، وسيتم إحالة العقوبات إلى مجلس الأمن قبل الاتفاق النووي، وسيتم استكمال الإجماع العالمي ضد هذا النظام، ومن المتوقع القيام بعمل عسكري دولي.

إلا أن الخطر الأكثر إلحاحا بالنسبة لنظام الملالي هو أن يعجل الاختناق الاقتصادي والضغوط المتزايدة على الشعب، ولاسيما الطبقات المحرومة والفقيرة من الانفجار الاجتماعي الحتمي.

خاصة وأنه بعد انتفاضة نوفمبر 2019 وتدفق الشعب المطحون والشباب الثائر كالفيضان في شوارع الأحياء والمدن؛ ستكون الانتفاضات اللاحقة، باعتراف عناصر وعملاء نظام الملالي، أكثر خطورة وترويعًا من الانتفاضات السابقة، وسوف تطيح بنظام ولاية الفقيه برمته.

والقرار النهائي في يد السياسيين ورجال الدولة الأوروبيين، فإلى أي مدى يرغبون في انتهاج سياسة الاسترضاء مع الفاشية الدينية الراعي الرسمي للإرهاب في العالم.

ألا ينبغي لهم الكف عن انتهاج سياسة النفط مقابل دماء الشعب والشباب الإيراني؟ والغريب أن هذه السياسة مستمرة في وقت يعيش فيه الشعب الإيراني في خضم حمى الانتفاضة والثورة.

وفي هذا الصدد، دعت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، في كلمتها بمناسبة يوم الأربعين لشهداء انتفاضة نوفمبر 2019، المجتمع الدولي للقيام بواجباته، قائلة :

“ينبغي على المجتمع الدولي أن يدعم شرعية المقاومة ونضال الشباب الإيراني الثائر ضد قوات حرس نظام الملالي البرابرة، وأن يعترف رسميًا بنضال الشعب الإيراني للإطاحة بنظام ولاية الفقيه برمته. وهذا هو نفس الحق المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي الثورة الفرنسية الكبرى وفي الدستور الأمريكي. حيث ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ” انتفضوا ضد الظلم والقمع كحل أخير”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here