العراق.. واعادة وجهه الوطني الحقيقي

الوقت اصبح يحتاج لتحديد الاهداف ووضع الاولويات وخاصة بعد تكليف الدكتورمحمد توفيق علاوي لتشكيل الوزارة وبيان منهج عملها ( البيان الحكومي ) لينال الثقة حيث لاعذر لمن انذر ولن تنفع الشعارات وضرورة الابتعاد عن تكرار الجمل و سماع صوت الشعب كل الشعب” المتفض والغير المنتفض “ولان الظلم شمل كل المجتمع ولا بدّ من العدالة في إعطاء الفرص بشكل متساوٍ ومراعاة التنوع المجتمعي والسكاني في العراق شريطة مراعاة الكفاءة والنزاهة والخبرة في تسنم مواقع المسؤولية. فقد نص الدستور على أن جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا وجود لأي تميّز مذهبي أو قومي على آخر، الكل عراقيون ولهم الحق في العيش والرفاهية وتسنم المسؤوليات والمواقع الوطنية ولان الذي ضاع في العقود الماضية لن نسترده في سنة او سنتين حتى ان الحديد الشديد الاعوجاج حينما يقرع بعنف يكسر وهكذا هي الاوطان نعم ،لكل فرد الحق في العيش بكرامة داخل وطنه ،”لكن لابد من وطن” وما لدينا ليس بوطن له تاريخ وحضارة علم العالم الابجديات كأرض يستحقه المواطن للعيش به بعد تدمير كل شيئ فيه .

بل اصبح مزارع للسلطات والصراعات الكتلوية والفئوية ومراعي لمصالح لاعلاقة لهم بالمسؤولية انما بتقسيم الثروات ونهب الخيرات وبات الشارع في اوج غضبه على الأحزاب الحاكمة التي عملت وتعمل عليه ولها ان تفهم المعادلات الجديدة للبلاد الان ، بعد الفشل في قيادته فلم تقم بواجبها كما يجب، كما تخلّفت عن ذلك الدولة ايضاً حتى وصل المواطن الى مرحلة اليأس والتذمر و له الحق في كل ما يريد ان يقوله في كل ما يتمنى للعيش السعيد والرغيد ويطالب به بكل طبقاته ومكوناته واطيافه وفئاته وتحت ظل حكومة وطنية غير تقاسمية لكي لا يسهل العبث بحقوقهم المسلوبة وسرقت خيراتهم والكل لا يقبل التعهدات الخطابية و التخديرية فان الوقت لا يتحمل المجاملات والوعود .. بل يريد إجراءات سريعة وفعالة في التغيير بحلول واقعية اولها ان تكون الوزارة مختصة وقادرة على ادارة الدولة من القدرات والكفاءات العلمية والاجتماعية والثقافية والمهنية المتمرسة باختصاصاتها بعد ان اصبح العراق في وضع معقد ولا يتحكم فيه القانون او الدستور، والكتل السياسية كأنهاغير مدركة لحجم الازمات الموجودة، واعطتها الاذان الطرشاء او عجزوا عن ادارة الدولة جميعاً دون استثناء في ظل المناكفات والانسدادات السياسية المتكررة التي عاشها و يعيش فيه وحالة العجز في التغيير والشلل الذي اصاب العملية السياسية بعد الاحداث الاخيرة التي حدثت والتصعيد الخطير واستخدام اراضي العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية وسكوت الحكومة وبقت مكتوفة اليد وخاصة وزارة الخارجية وتنفيذ الاعتداءات المسلحة بين اطراف خارجية لا ترتبط مع العراق بالجوار اصلاً مثل الولايات المتحدة الامريكية ولا يمكن ان تعطيهم الحق في الصراع على ارضه..

ما زالت هناك بعض المظاهر التي تهدد سيادته واستقلاله والاخفاق في بناء وترسيخ الدور المجتمعي والثقافي، الأمر الذي يجعله في اولويات مسارات العمل السياسي والحكومي القادم لاستعادة عافية المجتمع وعودته ليكون مركزا للإبداع الإنساني ، حضارة و فنا وثقافة وعلوما، ونحن متفائلون رغم كل ذلك بدور العراق ومستقبله و لا يعني التغاضي أو تجاهل المعوقات والتحديات التي تواجهه اليوم وفي المستقبل القريب. فنقص الخدمات والبطالة والفساد المالي والسياسي ظاهرة لا يمكن نكرانها، لكن في الوقت ذاته قد تنهض إرادة وطنية جادة لاصلاح تلك و إدراك أهمية البناء المؤسساتي للدولة. فقوة الدولة تقاس بقوة مؤسساتها وتكاملها وفق التوصيفات الدستورية وتذليل المعوقات والصعاب من خلال التركيز على فرص النجاح ومقوماته التي يملكها ابنائه الغيارى و يمكن القول ان كل شئ ممكن في العراق، و لا بد من نقطة يلتقي فيها المتظاهرون والحكومة والطبقة السياسية، خصوصا بعدما عرفت الطبقة السياسية المتصارعة حجمها الحقيقي واثبتت ضعفها بعد الاحداث الاخيرة والتطورات التي بينت مع الاسف ان العراق ساحة مفتوحة ومكشوفة للصراعات وتصفية الحسابات ولابد ان تفهم الطبقة السياسية التي تتحكم بالكتل والاحزاب والشخصيات ان اليوم ليس مثل الامس، وان الغد سوف لا يكون مثل اليوم لذلك فان انتهاك وتطويع مواد الدستور حسب الاطر المدنية للدولة يجب ان تكون تحت ارادة وطنية و عملية مستمرة من اجل تدوير حياة الكتل السياسية لذاتها ولشخصيات تابعة لها لتصدر المشهد والقرار السياسي الوطني ومن الواضح أنهم قد يخرجون للناس بأي كلام من أجل تدارك الموقف ومحاولة تهدئة ومتصاص الغضب وهو ما لا يسكت عليه عموم ابناء الشعب بعد الان ، والمحتجون قد يهدؤون، لكن لن يعبر عليهم الكلام المعسول انما المحقق والمنفذ والذين كانوا لسنوات عديدة أغلبية صامته ابتلعت ريقها وتحملت صابرة المحن وخرجت بكل شجاعة بعد ان بلغ السيل الزبى لتحتج في اغلب مدنه وتطالب بالحقوق اولاً بالابتعاد عن الانخراط في سياسة المحاور والتخندق ثانياً. و ليس في مصلحته أن يكون جزءا من أي صراع أو عداء ضد جيرانه، وهذا ما يؤكده الدستور العراقي أيضا من احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ،ونعيد التذكير بان التظاهر حق مشروع ومكفول لهم في الدستور اذا ماكانوا سلميين وبقيادة واضحة والحكومة يجب عليها ان تتعامل بطرق حضارية مع ومطاليبهم وان تتفاعل السلطات كافة معها كونها تعبر عن توجهات الرأي العام، ومن الثابت ان الدول التي تبيح حرية التظاهر وتمنح مواطنيها مساحة للتعبير عن ارائهم هي الدول التي تعتنق المذهب الديمقراطي ويؤمن الحكام بها بأن الشعب مصدر السلطة وهو من يمنح السلطات الشرعية في أعمالها اليومية.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here