حقائق التأريخ، سيف الله المسلول،

الدكتور صالح احمد الورداني
——–
سيف الله المسلول
ربطت المصادر التأريخية فكرة سيف الله المسلول بخالد بن الوليد..
إلا أن البحث والتدقيق يقودنا إلى دحض هذه الفكرة ونسبتها لخالد..
-تأريخ خالد
قالوا : فى السنة الثامنة قدم خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وعمرو بن العاص فاسلموا..
قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري مَنَاقِب خَالِد بْن الْوَلِيد :
أَيْ اِبْن الْمُغِيرَة بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر بْن مَخْزُوم بْن يَقَظَة يُكَنَّى أَبَا سُلَيْمَان وَكَانَ مِنْ فُرْسَان الصَّحَابَة ، أَسْلَمَ بَيْن الْحُدَيْبِيَة وَالْفَتْح ، وَيُقَال قَبْل غَزْوَة مُؤْتَة بِشَهْرَيْنِ ، وَكَانَتْ فِي جُمَادَى سَنَة ثَمَان ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ مُغَلْطَاي بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي صَفَر وَكَانَ الْفَتْح بَعْد ذَلِكَ فِي رَمَضَان . وَحَكَى اِبْن أَبِي خَيْثَمَةَ أَنَّهُ أَسْلَمَ سَنَة خَمْس ، وَهُوَ غَلَط فَإِنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ طَلِيعَة لِلْمُشْرِكِينَ وَهِيَ فِي ذِي الْقَعْدَة سَنَة سِتّ . وَقَالَ الْحَاكِم : أَسْلَمَ سَنَة سَبْع ، زَادَ غَيْره وَقِيلَ : عُمْرَة الْقَضَاء ، وَالرَّاجِح الْأَوَّل وَمَا وَافَقَهُ .
وجاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري بتلخيص الذهبي تلميذ ابن تيمية باب ذكر مناقب خالد بن الوليد :
قال : سمعت رسول الله (ص) و ذكر خالد بن الوليد فقال : نعم عبد الله و أخو العشيرة و سيف من سيوف الله..
وسكت الذهبي عن هذه الرواية..
وروى عن أنس بن مالك قال : نعى رسول الله أهل مؤتة على المنبر ثم قال : فأخذ اللواء خالد بن الوليد و هو سيف من سيوف الله..
وشكك الذهبي في هذه الرواية بقوله : لم يسمع أيوب من أنس ..
وروى الحاكم: أن رسول الله قال : لا تؤذوا خالدا فإنه سيف من سيوف الله صبه على الكفار
قال الذهبي : مرسلا وهو أشبه..
وروى الحاكم في الحديث رقم 4326عن أم سلمةأنها قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة : ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين ؟
قالت : والله ما يستطيع أن يخرج ، كلما خرج صاح به الناس : يا فرار ، أفررتم في سبيل الله عز وجل حتى قعد في بيته فما يخرج ، وكان في غزوة مؤتة مع خالد
قال الذهبي قي التلخيص : صحيح على شرط مسلم ..
وجاء في سنن الترمذي باب مناقب خالد بن الوليد رواية واحدة تقول :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) مَنْزِلاً فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّه: مَنْ هَذَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟
فَأَقُولُ فُلاَنٌ..
فَيَقُولُ : نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا ..
وَيَقُولُ : مَنْ هَذَا ؟
. فَأَقُولُ فُلاَنٌ..
فَيَقُولُ : بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا ..
حَتَّى مَرَّ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ..
فَقُلْتُ :هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ..
فَقَالَ : نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ ..
قَالَ أَبُو عِيسَى :هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَلاَ نَعْرِفُ لِزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سَمَاعًا مِنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَهُوَ عِنْدِى حَدِيثٌ مُرْسَلٌ..
وجاء في البخاري باب مناقب خالد رواية واحدة أيضاً هى :عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ نَعَى زَيْدًا وَجَعْفَرًا وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ ، فَقَالَ : أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ – وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ – حَتَّى أَخَذَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
أما مسلم تلميذ البخاري- وصاحب الصحيح الثاني يعد البخاري- فلم يذكر شيئاً عن خالد..
وذكر في باب تحريم سب الصحابة رواية تقول : كان بين خالد بن الوليد وبين عبدالرحمن بن عوف شيء فسبه خالد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه..
وجاء في سنن ابن حبان باب ذكر خالد بن الوليد المخزومي :
قال خالد بن الوليد : لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، ما بقيت في يدي إلا صفيحة لي يمانية ..
أن خالد بن الوليد ، خرج مع رسول الله يوم حنين ، فكان على خيل رسول الله (ص)..
عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال : شكى عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله..
فقال رسول الله : يا خالد ، لم تؤذي رجلا من أهل بدر ؟ لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله..
فقال : يا رسول الله ، يقعون في ، فأرد عليهم ،..
فقال رسول الله: لا تؤذوا خالدا ، فإنه سيف من سيوف الله صبه الله..
وكان دور خالد بعد إسلامه ينحصر في محيط السرايا..
مثل سرية أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل
وسرية العزى لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان ليهدمها..
قال ابن إسحاق: وحدثني بعض أصحابنا، أن رسول الله مر يومئذ – يوم الفتح- بامرأة قتلها خالد بن الوليد ..
فقال لبعض أصحابه : أدرك خالدا فقل له: إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليدا أو امرأة أو عسيفا -أجيراً..
وكذلك رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث المرقع بن صيفي به نحوه..
جاء في عيون الأثر لابن سيد الناس :سرية خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل مكة على ليلة بناحية يلملم في شوال سنة ثمان وهو يوم الغميصاء وهى عند ابن إسحق قبل سريته لهدم العزى..
وكان أن ارتكب خالد مجزرة بشعة وتبرأ الرسول من فعله..
فقال : اللهم إنى أبرأ اليك مما صنع خالد ثلاثاً وبعث على بن أبى طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم ثم انصرف إلى رسول الله فأخبره..
وعند ابن إسحق في هذا الخبر أن خالدا قال لهم ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا فلما وضعوه أمر بهم عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف، وقد كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف كلام في ذلك فقال له عبدالرحمن عملت بأمر الجاهلية في
وجاء في السيرة النبوية لابن كثير : بعث رسول الله خالد بن الوليد حين افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا..
قال خالد لعبد الرحمن: إنما ثأرت بأبيك، يعنى حين قتلته بنو جذيمة..
فأجابه بأنه قد أخذ ثأره وقتل قاتله، ورد عليه بأنه إنما ثأر بعمه الفاكه ..
وقال مبرراً جريمة خالد: المظنون بكل منهما أنه لم يقصد شيئا من ذلك، وإنما يقال هذا في وقت المخاصمة، فإنما أراد خالد بن الوليد نصرة الاسلام وأهله، وإن كان قد أخطأ في أمر واعتقد أنهم ينتقصون الاسلام بقولهم: صبأنا صبأنا..
ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا، فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم، وقتل أكثر الاسرى أيضا، ومع هذا لم يعزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استمر به أميرا، وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك وودى ما كان جناه خطأ من دم أو مال..
ففيه دليل لاحد القولين بين العلماء في أن خطأ الامام يكون في بيت المال لا في ماله..
ثم بعث رسول الله خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو جمادى الاولى سنة عشر إلى بنى الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الاسلام..
وهى رواية فيها نظر فقد كان خالد لا يملك العلم ولم يكن من فقهاء الصحابة..
وكيف للرسول أن يوجهه لهذه المهمة وهو غير كفء وحديث عهد بالإسلام..؟
وفى السنة العاشرة: سرية خالد بن الوليد إلى بنى عبد المدان بنجران..
ومن هذه الروايات وغيرها التي شكك فيها فقهاء الرواية لا يظهر لخالد أي دور يستحق عليه لقب سيف الله..
وأن غزوة مؤته كانت هزيمة ولم تكن نصراً..
وأن دور خالد بعد إسلامه على فرض التسليم بصحة هذه الروايات هو قيادة بعض السرايا الصغيرة التى لاوزن لها..
وحتى دوره في هذه السريا لم يكن محموداً ..
وما فعله يوم الفتح مثل ما فعل مع بني جزيمة..
أما يوم حنين فقد فر مع الفارين..
وسيف الله لا يقتل الأبرياء..
ولا يرق الدماء يغير حق..
وقد برزت دموية خالد بعد رحيل الرسول(ص) في حروب الردة وقتله مالك بن نويره بداية وفي الغزوات غير الشرعية نهاية..
روى أنَّ أَبَا بَكْرٍ عَقَدَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَقَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: نِعْمَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَخُو الْعَشِيرَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَسَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ.
والحقيقة المؤكدة أن سيف الله هو الإمام علي..
وتأريخه الجهادي مع الرسول (ص) يشهد بذلك..
وهو ما فصلناه في كتابنا الإمام علي سيف الله المسلول.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here