حقائق التأريخ، فرية الشيعة والتتار،

الدكتور صالح احمد الورداني
———
الشيعة والتتار
————
اهتم الفقهاء بالرواية النبوية وأهملوا الرواية التأريخية ..
وعلى رأسها الروايات المتعلقة بابن سبأ وعلاقة الشيعة باليهود والتتار والصليبيين..
والحديث عن علاقة الشيعة بالتتار يتركز حول الوزير الشيعي ابن العلقمي الذي أتهم من قبل المؤرخين بمراسلة التتار وتشجيعهم على غزو بغداد ومعه الشيخ نصير الدين الطوسي..
والمصادر التاريخية التي تشير إلى هذا الأمر تشير من جانب آخر إلى أن هناك عناصر أخرى من غير الشيعة اتصلت بالتتار وتعاونت معهم..
فلماذا التركيزعلى ابن العلقمي وحده..؟
وما يجب الإشارة إليه بداية هو أن الدولة العباسية في عهدآخر خلفائها المستعصم كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة..
ولم تكن هناك دولة من الأصل..
ذكر المؤرخون أن أحد ولاة الثغور على نهر سيحون المتاخمة لحدود دولة التتار قبض علي عدد كبير من تجار التتر قدموا إلى ولايته واستولى على أموالهم، وأرسل خبرهم إلى شاه خوارزم الذي أصدر أمره بقتلهم..
ولما علم جنكيز خان بالأمر أرسل إلى خوارزم شاه يطلب تسليمه هذا الوالي ليقتص منه،فأبى وقتل الرسول وجمع جيشه وهاجم حدود التتار،فما كان من جنكيز خان إلا أن قرر غزو دولة خوارزم فعبر بجيشه نهر سيحون واستولى على بخارى وسمرقند ومرو والري وسائر بلاد فارس بعد أن فر من أمامهم شاه خوارزم الذي توفى بعد ذلك بفترة قصيرة..
وكانت حادثة التجار عام 615 هـ وغزو بلاد خوارزم عام 616هـ..
وتوفي جنكيز خان بعد ذلك بثماني سنوات ،وخلفه ولده هولاكو الذي قام بغزو بغداد في المحرم من عام 656 هـ..
وكتب خوارزم شاه بسياسته الخرقاء نهاية دولته،كما كتب المستعصم آخر خلفاء بن العباسي نهاية دولته،بإطلاق يد العسكر من المماليك في البلاد ليفسدوا فيها، ويسفكوا الدماء،وينتهكوا الأعراض ويفرقوا الأمة،بينما غرق هو في البذخ والترف والجواري آمناً مكر التتار الذين اقتربوا من حدوده، مطمئناً إلى جوار عسكره الذين أوهموه بقدرتهم على الدفاع عن دولته والبطش بالتتار..
قال المؤرخون : كان المستعصم ضعيف الرأي قد غلب عليه أمراء دولته لسوء تدبيره..
وقد وجدوا في قصره القناطير المقنطرة من الذهب الاحمر وكنوز أخرى،بينما كان يبخل على الجنود بأرزاقهم مما دفع بهم إلى الفرار من بغداد..
وذكر ابن الأثير في الكامل:إن الخليفة الناصر هو الذي أطمع التتر في البلاد وراسلهم في ذلك فهي الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب..
وقال المؤرخون : الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضىء بأمر الله أبي المظفر يوسف بن المقتفي لأمر الله العباسي،كان قبيح السيرة في رعيته ظالماً لهم فخرب في أيامه العراق وتفرق أهله في البلاد،وكان يفعل الشىء وضده..
ويقال كان بينه وبين التتر مراسلات حتى أطمعهم في البلاد وهذه طامة كبرى يصغر عندها كل ذنب عظيم..
وذكرالذهبي في العبر في خبر من غبر حوادث عام 656 هـ:أن لؤلوة صاحب الموصل بعث لهولاكو جيشاً يسانده في الحرب على بغداد..
وقد تزعم ابن تيميه حملة العداء ضد ابن العلقمي والشيخ نصير الدين الطوسي،وضد الشيعة..
وحمل السلفيون الوهابيون كلام ابن تيمية وتعاملوا معه كنص ثابت غير قابل للنقض..
أمـا كلام المؤرخين والفقهاء في الطوسي فهو لا يشير إلى شيء من كلام إبن تيميه..
وجميع المصادر التاريخية تركز علي ابن العلقمي،ولا تذكر الطوسي ولا تربط العلقمي أوالطوسي بمصرع المستعصم على يد هولاكو..
قال ابن كثير في البداية والتهاية :ومن الناس من يزعم أنه – الشيخ الطوسي – أشار على هولاكو خان بقتل الخليفة،فالله أعلم،وعندي أن هذا لا يصدر من عاقل ولا فاضل،وقد ذكره بعض البغاددة – أهل بغداد – فأثنوا عليه،وقالوا:كان عاقلاً فاضلاً كريم الأخلاق..
وابن كثير هو من تلاميذ ابن تيميه كما هو معروف إلا أن الواضح من كلامه أنه يناقض كلام أستاذه..
وقال الصفدي في الوافي بالوفيات:نصيرالدين الطوسي،الفيلسوف،صاحب علم الرياضة،كان رأساً في علم الأوائل،
ابتنى بمراغة قبة ورصداً عظيماً،واتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء،وملاها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة..
وكان للمسلمين به نفع خصوصاً الشيعة والعلويين والحكماء وغيرهم..
ومن المعروف تاريخياً أن التتار دخلوا في الإسلام بعد ذلك وهذا من نوادر التاريخ أن يدخل الغالب في دين المغلوب،إلا أن الغير معروف أن التتار دخلوا في الإسلام على يد الشيعة وبواسطة نصير الدين الطوسي وتلاميذه ليتغير اسمهم من التتر المغول إلى( الإلخانيون )..
والإلخانيون هؤلاء هم الذين أفتى ابن تيميه بجواز قتالهم واستباحة دمائهم وأموالهم وشارك في قتالهم فهو لم يجاهد التتر الوثنيون وإنما جاهد التتر بعد أن أسلموا..
وقد حدثت حالات من الارتداد عن الاسلام بين صفوف الاليخانيين السنة بسبب الصراعات بين مذاهب أهل السنة فيما بعد ،مما فتح الباب لابن تيمية لمحاربتهم وتحريض المسلمين عليهم دون تمييز بين المسلمين والمرتدين منهم..
وأصدر فتواه بقتال معطلى الشرائع من التتر،تلك الفتوى التي اعتمد عليها تيار الجهاد فيما بعد وقتل على أساسها السادات..
(انظر مجموع الفتاوى ج28 باب البغاة ،وانظر لنا كتاب السيف والطاغوت)
وقد ولد ابن تيميـه عام 661ه بعـد سقوط بغداد بخمس سنوات وتوفي فى عام 728 هـ فهو لم يعاصر التتار إلا بعد أن دخلوا في الإسلام..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here