حقائق التاريخ شيخ الاسلام (1)

الدكتور صالح احمد الورداني
———
من أكاذيب الوهابيين التي خدعوا بها المسلمين اعتبارهم ابن تيمية الفقيه الأوحد وممثل السلف والناطق الشرعي بلسانهم ، ولم يكن ابن تيمية ممثلاً للسلف ولا ناطقاً بلسانهم ، ولم يكن سوى واحد من الفقهاء الشاذين عن الإجماع وعقيدة الأمة ..
أما مخالفته الإجماع فيتمثل في العديد من القضايا والمسائل الشاذة التي قال بها وتبناها ..
وأما شذوذه عن عقيدة الأمة فيتمثل في تبنيه عقيدة التشبيه والتجسيم..
وتبني الوهابيون لتراث ابن تيمية يعني تبنيهم لقضية التشبيه والتجسيم التي طرحها من خلال العديد من رسائله وأقواله وفتاويه ..
والمسائل العقدية التي شذ بها ابن تيمية وأدت إلى صدام الفقهاء به وإعلان الحرب عليه وصدور شتي الأحكام عليه ، تتركز فيما يلي :
قوله بالجسمية والجهة والانتقال لله تعالى ..
وقوله أن الله يتكلم بصوت وحرف ..
وقوله الله بقدر العرش ..
وقوله بإنكار المجاز ..
وقوله أن الله سبحانه محل الحوادث ..
وقوله بفناء النار ..
– قال الحافظ ولي الدين العراقي في الأجوبه المرضية عن الأسئلة المكية: وأما الشيخ تقي الدين ابن تيمية كما قيل علمه أكثر من عقله ، فأداه اجتهاده إلى خرق الإجماع في مسائل كثيرة ، قيل أنها تبلغ ستين مسألة ، فأخذته الألسنة بسبب ذلك ، وتطرق إليه اللوم ، وامتحن لهذا السبب ، وأسرع علماء عصره في الرد عليه وتخطئته وتبديعه ، ومات مسجوناً بسبب ذلك..
– وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية: ابن تيمية عبد خذله الله تعالى وأضله وأعماه وأصمه وأذله ، بذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصرهم ، وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية..
ولم يقصر اعتراضه على متأخري الصوفية ، بل اعترض على مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ، والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى في كل وعر، ويعتقد فيه أنه مبتدع ضال ومضل جاهل غال ، أجارنا الله من مثل طريقته وعقيدته ..
وكان ابن تيمية قد أنكر المجاز وسار على قوله تلميذه ابن القيم ، وكلاهما أسرفا وبالغا في استخدام لغة الحقيقة حتى وقعا في التجسيم ..
– وقال تقي الدين السبكي في كتابه الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية (توفي في عام 756ه): أما بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد ، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة ، مظهراً أنه داع إلى الحق ، هاد إلى الجنة ، فخرج من الإتباع إلى الإبتداع ، وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع ، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدس..
وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم ، والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات ، فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة ، والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ، ولا نحلة من النحل ، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين والتي افترقت عليها الأمة ، ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة ، وكل ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع ..
– وقال الحصني في كتابه دفع شبه من شبه وتمرد على الإمام أحمد (توفي عام 839ه): فمن ذلك ما أخبر به أبو الحسن على الدمشقي في صحن الجامع الأموي عن أبيه قال :كنا جلوساً في مجلس ابن تيمية فذكر ووعظ وتعرض لآيات الاستواء ، ثم قال : واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا ..
قال : فوثب الناس عليه وثبة واحدة وأنزلوه من الكرسي ، وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال وغير ذلك حتى أوصلوه إلى بعض الحكام ، واجتمع في ذلك مجلس العلماء ، فشرع يناظرهم ..
فقالوا : ما الدليل على ما صدر منك ..؟
فقال : قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى )
فضحكوا منه وعرفوا أنه جاهل لا يجري على قواعد العلم ..
فقالوا : ما تقول في قوله تعالى ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) ..؟
فأجاب بأجوبة تحققوا أنه من الجهلة على التحقيق ، وأنه لا يدري ما يقول ..
وكان قد غره بنفسه ثناء العوام عليه ، وكذا الجامدين من الفقهاء العارين من العلوم التي بها يجمع شمل الأدلة على الوجه المرضي ..
وقد رأيت في فتاويه ما يتعلق بمسالة الاستواء وقد أطنب فيها ، وذكر أموراً كلها تلبيسات وتجريات خارجة عن قواعد اهل الحق ، والناظر فيها إذا لم يكن ذا علوم وفطنة وحسن رؤية ظن أنها على منوال مرضي ، ومن جملة ذلك بعد تقريره وتطويله إن الله معنا حقيقة ،وهو فوق العرش حقيقة ،وغيره مما هو كثير في كلامه يتحقق بها جهله وفساد تصوره وبلادته ..
وكان بعضهم يسميه حاطب ليل ..
وبعضهم يسميه الهدار المهدار ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here