لإبعاده عن إيران.. هكذا تضغط أميركا على العراق

بدأت الولايات المتحدة الضغط على العراق من بوابة اقتصاده الهش بهدف وضع حد لتقاربه مع إيران، عبر تقليص فترة الاستثناء من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع طهران، وتأخير السماح بإرسال دفعات نقدية حيوية.

وقررت واشنطن أخيرًا السماح ل‍بغداد بمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من طهران، لكن يبدو أن صبرها بدأ بالنفاد، إذ تقلصت مدة الإعفاء من 90 و120 يوما، إلى 45 فقط.

وقال الباحث بمهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية أحمد طبقجلي إن “هذه بداية الموت بألف طعنة”، مضيفا “كلما تقلصت مدة الاستثناء أصبحنا أقل قدرة على تحمل نتيجة أي خطأ نرتكبه”.

وينقل البنك المركزي العراقي شهريا ما بين مليار دولار ومليارين نقدا من حسابه في الاحتياطي الاتحادي الأميركي في نيويورك، حيث تتدفّق إيراداته من النفط لتسديد ثمن معاملات رسمية وتجارية.

لكن الدفعة التي كان يفترض أن تصل في منتصف كانون الثاني الماضي تأخّرت لأسبوعين، بحسب مسؤول عراقي ومصدر في قطاع النفط، مشيرين إلى “أسباب سياسية وراء قرار البيت الأبيض تأخير السماح بخروج الأموال”. وقال المسؤول العراقي “نحن نسير على حافة السكين”.

الخيار النووي
كانت هذه أول إشارة إلى أن واشنطن قد تنفّذ تهديدا أصدرته في كانون الثاني الماضي بشأن منع وصول العراقيين إلى أموالهم إذا ما طردت بغداد القوات الأميركية البالغ قوامها نحو 5200 جندي.

جاء ذلك بعدما صوّت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأجنبية بسبب السخط على غارة أميركية أودت بحياة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي قرب مطار بغداد.

وبحثت واشنطن على مدى أشهر مسألة حظر الأموال للضغط على العراق، وفقا لدبلوماسي أميركي كان وصف هذه الخطوة في العام الماضي “بالخيار النووي”.

وبينما وصلت دفعة شباط الجاري في موعدها، يتوقع مسؤولون عراقيون أن تبدأ الولايات المتحدة تحديد حجم الأموال التي يمكن للعراق سحبها.

وحرمان العراق من الأموال قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصا أن اقتصاده يعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط المدفوعة بالدولار.

وإذا انتهت مدة الاستثناء من العقوبات المتعلقة بالتعامل مع طهران دون تجديدها، فذلك يعني أنه سيتوجب على العراق وقف استيراد الغاز والكهرباء من إيران، أو الاستمرار في التعامل معها ومواجهة احتمال التعرض لعقوبات أميركية.

ويعاني العراق عجزا في الكهرباء، مما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض مناطقه.

وفي مؤشر إضافي على تراجع العلاقات بين واشنطن وبغداد، لم يلتق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو نظيره العراقي محمد الحكيم على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن يومي الجمعة والسبت، لكنه اجتمع في المقابل برئيس وزراء إقليم كردستان منصور بارزاني الذي التقى كذلك وزيري الطاقة والدفاع الأميركيين.

الولايات المتحدة مستاءة أيضا من التباطؤ العراقي في توقيع عقود مع شركات أميركية كبرى متخصّصة في قطاع الطاقة، بهدف تسريع فك الارتباط ب‍إيران في هذا المجال.

وقبل أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة، أفاد مسؤول أميركي بأن العراقيين “رفضوا استمرار الاتفاقات مع شركتي جنرال إلكتريك وإكسون الأميركيتين”.

واعتبر أن المسؤولين العراقيين “يختارون أن يعتمدوا على الإيرانيين، مانحين طهران موقعا مؤثرا في اقتصادهم وبنيتهم التحتية”.

وإيران التي طالما عملت على الحد من النفوذ الأميركي في المنطقة، تعد ثاني أكبر الدول المصدّرة للعراق. إلا أن الولايات المتحدة تتفوق عليها من ناحية الاستثمارات المباشرة، خصوصا في قطاع النفط الحيوي وبنيته التحتية.

وتتحدّث مصادر في بغداد وواشنطن عن انقسام في السياسة الأميركية، حيث يبدو البيت الأبيض مؤيدا لإستراتيجية زيادة الضغوط على العراق، بينما يفضّل الآخرون اعتماد المرونة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here