دق المسامير في نعش الوزارة الغائبة

المواطن العراقي ضاقت به الافق و فاض كأس صبره على آخره وسال على الأرض الواقع و تملكه اليأس من أداء ووجود القوى السياسية الحاكمة غير الجديرة بالثقة، المتمسكة بمكاسبها على الرغم من غليان الشعب والدماء التي سالت على أرضه ومناهضة للواقع المتردي وانعدام الحقوق الأساسية وتزايد نفوذ القوى الخارجية ولان الامور لازالة تراوح في مكانها وولادة الحكومة تتفاقم في ظل السوداوية وعدم وجود ضوء ينير طريقها بسبب الخلافات الحادة التي تشوب تشكيلها في ظل غياب رئيس لمجلس الوزراء اساسي يحمل إرادة والتزام سياسي قوي ومتواصل لوضع أسس لمكافحة الفساد وتقوية إطار المحاسبة والمساءلة، يعمل على تأسيس مصداقية شعبية بالفاعلين السياسيين نحو تبني سياسة عدم التسامح مع الفساد مما ينجز الفاعلية في أداء المؤسسات ويشجع الإصلاحات بأسرع وقت ويحقق نتائج سريعة لتحقيق الرفاهية المتواضعة التي يطالب بها الشعب ،وهو يعيش في بلد غني بالثروات والموارد، فرغم ثرواته الهائلة، فهو بلد يعاني الفقر وعدم الاستقرار الأمني وضعف البنية التحتية،وتراجع مستوى التعليم، والصحة ، وباقي القطاعات الحيوية الأخرى، الأمر الذي وسع من فجوة انعدام الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة،مما اجبرت نخب المجتمع المختلفة يتقدمهم الشباب للنزول الى الشارع واكثرهم سلمية ( إلأ الشواذ منهم وهم قلة ) تحت راية العراق واسم الله يرفرف فوق رؤوسهم وصدورهم مطالبين بحقوقهم التي بقيت لأعوام كثيرة على رفوف الحكومة ودوائرها ودهاليزها المتهرءة والمتآكلة من الصدأ الذي علا سياستها العقيمة التي أضرت بشرائح المجتمع جميعا .

المواطن بحاجة لحكومة يثق بها وتصارحه وتقوده نحو العدالة و الخروج من الأزمة التي يكابدها والإعداد للانتخابات المبكرة لانتخاب حكومة قادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة بعيدا عن مجموعات الفساد التي تعرقل أي مساع للإصلاح، من منطلق قناعة المحتجين التي اتسمت بأن معظم المشاركين فيها شباب من مناطق فقيرة مهمشة ذات غالبية شيعية، حيث اعتبر الكثير من المراقبون ذلك مؤشرا على “استياء القاعدة الشعبية الأوسع التي تعتمد عليها الحكومة في العراق حاليا وعدم تسويف تشكيلة الحكومة والمماطلة في تلبية مطالبهم التي هي في حقيقتها امتدادا لمطالب الشعب منذ سنوات في ظل رئيس لمجلس الوزراء متحمل بكل شعور لمسؤوليته و اتخاذه قرارات حازمة للحد من نفوذ المسيئين بمشيئته وقدرته وتعاون وزرائه وسيطرته وآليات عمله لتنفيذ الإصلاحات المنتظرة ، وتعكس المشاريع المنجزة القادمة والتحديات بما يتعلق بالقضايا المهمة المطلوبة منها لا لتحقيق المعجزات في هذه المرحلة القصيرة، وإنما تستطيع الاستقواء بالناس لايجاد فرص حقيقية تجعلها قادرة على العمل والإنجاز على ان تتكون من فريق عمل منسجم، قادر أن يواجه الظروف الصعبة و إن لا تنطلق من المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والمناطقية وتؤدي دورها لحل الملفات المطروحة و من أجل تحمل المسؤولية جميعاً بعيداً عن الاتهامات ولا سيما اذا ابتعدت عن التجاذبات السياسية التي سادة المراحل الماضية ويراد منها وضع خطط صحيحة يقبل بها الشارع عموماً على ان لا تكون على حساب ثوابته ومبادئه وقضاياه. ووضع اللبنة الاولى لإصلاحات سليمة وطموحة وضرورية وذات صدقية تستجيب لتطلعات العراقيين التي غابت عنهم منذ سنوات طويلة خلت .

الحكومة ايا يكن شكلها وأعدادها، محكومة بالتوازنات الوطنية بلا شك والتي لا يمكن الغنى عنها و اختلال بقواعدها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها مع التطورات المرتقبة في المنطقة، وتستدعي منها العمل لتحصين الواقع الداخلي والإبتعاد عن لغة التشنج والكيدية والسير نحو الامام بخطى ثابتة تأخذ في الإعتبار المعايير الموحدة لحكومة وطنية جديدة أمامها فرصة حقيقية للنجاح في إحداث تغيير في مسار الازمات الموجودة لتحقق انفراجاً اقتصادياً ومالياً وتعيد الثقة للناس بأنّ مطالباتهم واحتجاجاتهم وتأتي بنتائج إيجابية لمصلحتهم و تعطى الفرصة لأجل تحقيق المطالب المحقة، وبالمقابل على القوى السياسية التي فشلت في ادارة البلد ولم تقدم مشروعا وطنيا ولا أداءً إنجازيا قادر على إدارة البلد ولانتشاله ا من أزماته من خلال عمل سياسي قانوني قادر وفاعل و القاعدة الشعبية السلمية مسؤولية في هذه اللحظة الحساسة التي يمرّ بالعراق على كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة من ناحية تحديد الموقف ضمن سياسة محدد جادة لوضع الحلول الايجابية ورفع المعوقات من امامها وان يكون التحرك إيجابياً وليس سلبياً وعدمياً، او يرفع شعارات سياسية ليس لها قابلية التحقيق في ظلّ موازين القوى الحالية، التي تفرض طرح مطالب وشعارات قابلة للتنفيذ ومن خلال التحرك السلمي الضاغط لوقف نزف الدماء و من أعمال العنف والقتل والتخريب من بعض الجهات الخارجة عن السياق و في قطع الطرقات من ناحية ثانية والتي تهم عيش جميع المواطنيين دون استثناء:

لقد أصبح من الضرورة الوطنية الإسراع في تعيين الحكومة ، وضرورة التخلص من إرث الأحزاب والشخصيات التقليدية، التي لم تقدم شيئاً و لا بد من الحد من نفوذها بعد ان تعرضت الشعب لهزات وتحولات كادت أن تعصف بالمجتمع والدولة والنظام بشكل مأساوي، لكن الإرث الاصيل في حفظ الوطن والوعي الشبابي وبعض معطيات التحول الديموقراطي قادرة على حفظها وتقوية المناعة المكتسبة من الانهيار الكامل الذي يتعرض إليه العراق بين حين واخر وهذه مسؤولية المعنيين الحريصين قبل غيرهم، على الا يستثنى اي غيور على سيادة الوطن ولهم سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن الصراعات والازمات السياسية التي اغرقت البلد بسيل من الاضطهاد والتعسف و يستشعر المواطن بطمئينة بعد ما عاناه من ظلم وحيف، وتسعى أولا لنيل ثقة المواطن، وأن تكون شفافة، وأن لا تتعالى على ما يُطرح أمامها من ملاحظات وأن تتعامل مع تلك الملاحظات بجدية وأن تفتح باب الحوار على مصراعيه حيال كل ما يعانية من أزمات اقتصادية أو سياسية او اجتماعية ، تفهم جيدا رسائل الشارع وأن تتعامل بحنكة وبمزيد من الذكاء مع قراراتها من ناحية استغلال الوقت المناسب لها حتى لا تكون مسمارا في نعشها كما هو الحال في الأزمة التي عايشها خلال السنوات الماضية ،

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here