أمريكا وبعض جيراننا وراء مآسينا _2

دكتور/ علي الخالدي

بذل جاري العراق في الشرق والشمال، جهود مضنية لتحقيق أجنداتهما في المنطقة. فعلى الرغم من أنهما يمران بأزمة إقتصادية -سياسية أثقلت كاهل شعبيهما سوءا وفقرا. مع هذا لم يتوانيا عن تقديم الدعم المالي واللوجستي لتوابعهم ومحسوبيهم المرتبطين وإياهما طائفيا، باذلين كا ما من شأنه جعل منطقة الشرق الأوسط سوقا لتصريف بضائعهما الكاسدة. وخلفية سياسية إقتصادية يترتب على بلدان المنطقة صب مليارات الدولارات التي تُسرق من افواه جماهير شعوبها لتصب في بنوكهما، كإستحقاق مالي لتعزيز تحالفهم الطائفي الأممي، وكمساهمة في توسيع أنشطة الجارتين في المنطقة، على حساب إهمال تنمية مصالح شعوبها

فمنذ تسلم الأحزاب الإسلامية مقاليد مواقع القرار من قبل العامل الخارجي بعد 2003 في العراق، سهرا الإثنان على جعل الإرتباط الطائفي في الشرق الأوسط، للمكونين الأساسيين لشعوبه يتفوق على الإنتماء الوطني، وهكذا نقلا صراع شعوب المنطقة معهما، من كونه صراع سياسي -إقتصادي إجتماعي وطني إلى صراع إتسم بتحقيق أجندات ولاية الفقيه، ومسار السلفية الإخوانية. فكلاهما أعطيا أهمية كبرى وضرورية لتواجد محسوبيهم وتوابعهم في الأجهزة الحساسة، بإعتبارها جهات تنفيذبة لمسار العملية السياسية التي بنيت على أساس المحاصصة المقيتة وخصوصا في العراق، وهي لا زالت مستمرة، كجهاز الرقابة المالية, وهيأة النزاهة والمفتشين العموميين ومكتب منسق رئيس الوزراء والمجلس المشترك لمكافحة الفساد ومكتب غسيل الأموال في البنك المركزي وعلى رأس جميع هذه الهيئات البرلمان العراقي أجهزة تدار من قبل الموالين لهما من الأحزاب الإسلامية

كلا الدولتين إعتمدتا خطابا مخادعا لتبرير تدخلهما السافر في الشؤون الداخلية لشعوب المنطقة، وخاصة عند الإنتخابات البرلمانية، بأن تلك الشعوب إتخذت قرارا وطنيا صرفا بالأرتباط وإياهما، ليقوما معا في محاربة القوى التي تعرقل مساعي تمتين الروبط الطائفية وتدينهم الجديد. من هذا المنطلق، يريا ضرورة اخراج أمريكا من المنطقة، حيث بخروجها، كما يدعيا يُعاد تقوية أصطفاف حكومات أنظمة المنطقة مع بعضها طائفيا في أجواء سلام دائم. متناسين إن إخراج أمريكا، هو قرار شعبي صرف، تفرضه الظروف الذاتية والموضوعية الحالية التي تمر بها شعوب المنطقة، وحاجتها الملحة، تقضي تواصل بقاء الامريكان على الاقل في المرحلة الراهنة، خاصة وإن داعش بدأت ترفع راسها في المنطقة من جديد

لم تسلم من مآربهما المسالة الفلسطينية التي أعتبروها، طريقا لتمرير مشاريعهم الإقليمية في المنطقة، وخاصة عندما يشتد عدم التوافق، ويتسع تتناقض مصالح الدول الغربية والرؤية الأمريكية لحل المسالة الفلسطينية. فيتسابق الجاران بطرح مسؤوليتهم الدينية الطائفية والقومية تجاه صيانة أمن شعوب المنطقة. ساعيتان لخلق ضبابية على فكر مواطنيها وفكر شعوب المنطقة ، لطمس حقوقهم عن طريق فرض تبني التشيع والتسنن، ولو أقتضى الأمر بالعنف والإرهاب، وبشكل يتناسب طرديا مع إستمرار سلمية المطالبين بأوطان مدنية حرة وديمقراطية، وبوسائل متعددة ومختلفة يلجاء إليها محسوبيها وميليشياتهم لقمع تطلعات الشعوب، في أجواء صمت المسؤولين الأمنيين وقادة الأحزاب الحاكمة، هادفين سويتا إلى تشويه طبيعة إنتفاضة جيل الحداثة في المنطقة. فعلاوة على ما يطلقونه من نعوت وإفتراءات على كل شعب ينتفض لإيقاف تدخلهما في شؤونه الداخلية، يُصعب عليهم تسهيل إقامة أي شكل من أشكال التحالفات الطائفية بين أنظمة المنطقة، التي تعمل وإياهما على تعثر تنمية الروح الوطنية لشعوب المنطقة، خاصة وإن معظم قادة كلا الدولتين، مصابون بالتطلع لما ورائية الأحداث بتعظيم المسائل الغيبية، باعتبارهم كما يدعون، لوحدهم يملكون الحقيقية وإدعاء الافضلية. التي تفضح زيف تدينهم المرتبط تحركيا بالعادات والتقاليد الإجتماعية، وبنشره لإستقطاب فقراء الناس، إنما يهدفون من وراء نشر تعاليمه إلغاء الآخر وحجب حقه بالإيمان بتعاليم دينه الذي يفرض عليه واجب الدفاع عن الوطن وشعبه

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here