:2019-nCovلماذا على العراق ان يغلق الحدود بشكل كامل مع أيران؟

بقلم: البروفسور الدكتور سامي آل سيد عگلة الموسوي

فيروس كورونا الجديد المعروف باختصار 2019-nCov هو واحد من عائلة فيروسات تسمى كورونا او التاج لان شكله يشبه التاج. ان اول مرة تم اكتشاف هذه العائلة يعود لعام ١٩٦٠ ثم تلى ذلك اكتشاف العديد منها. تتكون هذه الفيروسات من جينوم وراثي عبارة عن RNA يكون مغلف بغشاء بروتيني تنشأ عنه نتوءات شوكية مما يعطيه شكل التاج تحت المجهر الالكتروني. عند دخول الفيروس الى الجسم عادة عن طريق المجاري التنفسية كالأنف والحنجرة او العيون يتصل الفيروس بخلايا الشخص المصاب عن طريق مجسات ثم يدخل الفيروس داخل الخلية. حال وصول الفيروس الى داخل سايتوبلازم الخلية ينزع عنه غلافه ويحرر المادة الوراثية ال RNA . بعد ذلك تتم السيطرة على الخلية المصابة وتحويلها الى مصنع لانتاج نسخ متعددة من الفيروس بعملية تشبه عملية (الفوتوكوبي) التي يتم وضع نسخة فيها فتبدأ بنسخ وطباعة وتصدير نسخ طبق الأصل تهاجم خلايا أخرى وهكذا. في معظم الحالات يتم إيقاف هذه العملية بواسطة خلايا الجسم المناعية التي تقوم بعمليات دفاعية متعددة الهدف منها إحاطة الخلايا المصابة وعزلها وتثبيطها ثم قتلها مع انتاج اجسام مضادة لاحتواء الفيروس وتدميره او تعطيل عمله. الا انه وعلى مر العصور تحاول هذه الفيروسات بإيجاد خدع للتحايل على مناعة الجسم وذلك بتحوير مادتها الوراثية او مجساتها او إيجاد طرق حماية لحد الان الطب لا يعرف عنها الكثير.

تصيب فيروسات الكورونا كلا من الانسان والحيوانات مثل الطيور والقطط والخنازير والخفافيش والافاعي والزواحف وغيرها. ولا يعرف مصدر فيروس كورونا الجديد لحد الان في الصين ولكن وجد ان ٩٥٪ من مادة هذا الفيروس تشابه فيروس كورونا الخفافيش. وفي عام ٢٠٠٣ حدث وباء ال SARS أي (التنادر التنفسي الشديد الحاد) في الصين كذلك وبسبب فيروس من نفس العائلة أي التاج سمي حينها SARS-CoV مات من جرائه الالاف بنسبة ١٠٪ وكذلك في ٢٠١٢ ظهر وباء اخر بسبب نفس العائلة سمي حينها MERS-CoV وظهر بسبب الجمال في السعودية لذا سمي (تنادر التنفسي الشرق الأوسط). ثم جاء هذا الوباء المستمر حاليا في الصين وغيرها. على ما يبدو انه كل ٨ الى ٩ سنوات يطور الفيروس نفسه او ينتقل من الحيوانات ليسبب كارثة بشرية. وهناك احتمال كبير بسبب هذا التكرار من ان يتفشى يوما ما فيروس من هذه العائلة او غيرها تكون البشرية عاجزة امامه لسبب بسيط هو سرعة الانتشار ونوعية الجينوم الوراثي. اذ لايوجد لحد الان علاج ضد الفيروسات هذه ولا لقاح. وكانت الصين قد كذبت على منظمة الصحة العالمية بشأن اعداد حالات SARS-CoV ولكنها تعاونت في عام ٢٠١٩ .

ان الاعتماد على قياس درجة الحرارة في المطارات قد يساعد ولكن من الخطأ الكبير جدا الاعتماد على ذلك بشكل كلي لان الحالات قد تكون غير مصحوبة الا برشح بسيط او صداع او سعال دون حمى. بينما تحصل الوفاة بنسبة ٣٪ وهي اقل بكثير من نسبة ال SARS-CoV. واكثر الذين يتعرضون للخطر هم كبار السن والصغار والذين لديهم قصور مناعي. وعادة ما تحدث الوفاة فجأة بسبب عجز أجهزة الجسم خاصة الجهاز التنفسي. وينتقل المرض عن طريق الرذاذ والمصافحة والتقبيل والملامسة واستخدام نفس المناشف وعدم غسل اليدين جيدا مما يسهل انتقال الفيروس منها الى الفم او العين او الانف. كما وينصح عند التعرض لوعكة مثل ذلك ان يبقى الشخص في البيت لحين التشافي وان يرتدي (الماسك) Mask عند الذهاب للمستشفى لكي لاينقل المرض للغير مع تعقيم الأدوات المستخدمة بغسلها جيدا.

الذي يحصل في مثل هذه الحالات هو البداية في حالة واحدة ثم ينتشر الوباء الفيروسي كما حصل في الصين على شكل (متتالية) او Cascade من الحالات تنتشر بشكل سريع. ففي أمريكا البلد المتقدم والذي يتخذ إجراءات وقائية كبيرة ودقيقة تسبب وباء (الانفلونزا) في عام ٢٠١٨ في مقتل ثمانين الف شخص لمجرد ارتفاع بسيط بنسبة الحالات. وان بلد مثل العراق لاتوجد فيه إجراءات وقائية فعالة يستوجب عليه اتخاذ إجراءات حدودية صارمة وغلق الحدود تماما مع ايران الى اشعار اخر حين ينجلي الامر عن هذا الوباء.

اذ ان ايران نفسها قد أوقفت كافة التجمعات والمراسم الدينية في مدينة (قم) وأعلنت وفاة شخصين واصابة ثلاثة في هذه المدينة وحالتين مؤكدتين في مدينة (اراك) حسب الأرقام الرسمية. ولو ان حالة واحدة فقط عبرت الحدود و المطارات فسوف تتسبب بوباء قد يقتل الالاف ويتسبب بكارثة ليس في العراق فحسب بل في البلدان المجاورة والعالم خاصة مع تواجد اعداد مزدحمة ومكتظة من الزائرين مع عدم وجود منظومة صحية وقائية او حتى علاجية ناهيك عن طرق العزل والمستشفيات المتخصصة او وجود أماكن عزل حديثة داخل المستشفيات العراقية التي تفتقر الى ابسط الإمكانيات وهو نتيجة أخرى لفساد الأحزاب الحاكمة ففي حين كان النظام الصحي العراقي يعد من افضل الأنظمة على الأقل في المنطقة العربية اصبح يأن من وطأة البؤس والتدهور وغياب الكوادر المتخصصة التي استفادت منها البلدان الأخرى والحبل على الجرار مادام جهلة عملاء متخلفين لصوص ارهابين هم الذين يحكمون البلد!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here