شبابنا بحاجة الى نساء كتب وأمهات لا “نسوان” مسلسلات !

بقلم : عمر المشهداني

انا الإبن الأوسط من بين عدة إخوة من الذكور مع تفاوت بيننا في الاعمار، وبالتالي فلم تكد تنقطع عن بيتنا سير الزواج من قبيل (بيت فلان عندهم بنات) و (بيت علان خوش عائلة) طيلة الخمس وعشرين سنة الماضية، وطبعاً الوالدة حفظها الله هي رأس السهم في هذا الأمر ..

أذكر يوما كلمة قالتها وهي تتحدث عن معايير بحثها وإختيارها عن الزوجة المناسبة لأخي الأكبر، لازلت أذكر عبارتها جيداً، لأني إتخذتها معيارا رئيسياً بالنسبة لي حين نويت الزواج ..
إذ قالت : ((آني أريد بنية ترباة كتب ، مو ترباة مسلسلات!))
.
نعم .. فكما أن الكتب تربي، فالمسلسلات ايضاً تربي..
طبعاً في ذلك الوقت كانت المسلسلات هي من قبيل ليالي الحلمية ، والمال والبنون ، والوتد ، ويوميات ونيس ، والأماني الضالة .. الخ
مع دخول حذر للمسلسلات المكسيكية المدبلجة ذات المستوى المبتذل في الملابس وعلاقات العشق والغرام عن طريق تلفزيون الشباب.
.
لم تكن المسلسلات حينها كما هي اليوم .. زنا محارم ، علاقات محرمة ، وخيانات زوجية ، وحضور واضح لثقافة الشذوذ والمثلية الجنسية بين شخصيات المسلسل ، إن لم يكن في ادوار البطولة نفسها.
.
كانت في السابق ثقافة مستهجنة أن تستعمل البنت أو الولد مصطلحات (أحبته) و (أحبها) أمام ذويها في البيت، حتى لو كان الحديث عن شخصيات درامية في المسلسل،
ثم أصبح مصطلح (عندها علاقة) أمر إعتيادي ومتداول ..!
.
تخيل معي الحوار بين أفراد الأسرة اليوم عن مسلسلات لا تخلو من علاقات مثلية وعلاقات زنا محارم بين شخصيات أساسية في المسلسل لا يمكنك تجاوزها بقطع أو مونتاج، وإلا فإنك ستفقد الحبكة الرئيسية للمسلسل نفسه!
.
هذا الكلام لا يعني أن من يتابع هذه المسلسلات سيصاب بهذه الأوباء بالضرورة لا سمح الله…
ولكن هو صافرة إنذار من ما أراه سائداً من حالة التطبيع (Normalization)،
وهو أن يكون هذا الأمر بالنسبة لنا إعتيادي ومألوف للعين والفكر والخيال، حتى وإن كان مرفوض وجدانياً
فسرعان ما سينتقل (المألوف) إلى (المقبول) في مرحلة لاحقة …
مرحلة هي أقرب مما نظن …
بل إن ملامحها بدأت تتشكل أمام أعيننا،
في البيوت والمدارس وعوالم الشباب والمراهقين من النشئ الجديد ..
ولكننا ترفض ان تراها!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here