الوطن موجود الأنتماء الوطني هو المفقود

هكذا اصبح حال ( العراق ) الدولة المحورية المرموقة و المرهوبة الجانب و الرصينة المؤسسات و الدوائر انقاظ دولة و بقايا كيان سياسي مهدم و مشتت الى قوميات و اديان و مذاهب و قبائل و عشائر و صار ولاء المجموعات البشرية في هذا البلد الى تلك العناوين و المسميات و لم يأتي احد على ذكر الولاء للوطن حتى اصبحت كلمة ( الوطني ) مدعاة للسخرية و التهكم و لم تعد الأحزاب الدينية التي استولت على الحكم لتهتم كثيرآ بالأنتماء الوطني و هي التي تعلن دائمآ ان انتمائها الديني و المذهبي يأتي اولآ من منطلق فكري عقائدي في ان كل الدول الأسلامية و بدون تحديد هي وطن المسلم و ان الأمة الأسلامية هي الأنتماء الحقيقي للأنسان المسلم فلم يعد للوطن القومي او القطري من اهمية تذكر .

قد تكون هناك حالة من التخبط الفكري او الأنتهازية و النفاق او كلاهما معآ تلك التي تنتاب الأحزاب الأسلامية الحاكمة و هي تعلن ( وطنيتها ) و تضفي صفة ( العراقي او في العراق ) على اغلب تسميات احزابها و تياراتها لكن تلك الأحزاب و من خلال الممارسة الفعلية هي لا وطنية الأنتماء بدليل ان اغلب تلك الأحزاب الأسلامية و بالأخص الشق الشيعي منها يرتبط عقائديآ و شرعيآ ( بالولي الفقيه ) و الذي مقره الحالي في ايران و هي تنفذ ما يأمر به ( الولي الفقيه ) و ان كان فيه ضرر و اذى للوطن الأم ( العراق ) و من هذا المنطلق ربطت الأحزاب الدينية الحاكمة مصير العراق السياسي و ثرواته الأقتصادية في صالح و منافع الدولة الأيرانية و ما العداء السافر للولايات المتحدة الأمريكية الذي تتخذه الأحزاب الدينية ( العراقية ) الا انعكاس للعداء الأيراني لأمريكا .

ادى عدم التفريق بين المبادئ الدينية و المصالح السياسية للدول الى التخبط و الأزدواجية الذي وقعت فيه الأحزاب الأسلامية و قادتها في العراق و ادى الى هذه الحالة المزرية و المريعة في البلد الغني بالثروات الوفيرة و الشعب الفقير الذي يبحث عن الطعام في القمامة و اكوام النفايات و كان عدم الفصل بين المواقف الأيرانية السياسية و علاقاتها مع الدول الأخرى كونها مجبرة على الألتزام بالمعايير و القوانين الدولية الى حد ما و كون مصالح ايران السياسية و الأقتصادية تختلف عن تلك المصالح العراقية و على هذا الأساس كان التخبط و العشوائية و المواقف غير المدروسة هو السائد في علاقات العراق الدولية المرتبطة بالسياسة الأيرانية و ما الموقف من دولة ( قطر ) الا مثال صارخ على تلك التبعية بعد ان كانت تتهم قطر و السعودية بدعم و تمويل الأرهاب و ما ان تحسنت علاقات قطر مع ايران حتى استبعدت من تلك التهمة لكنها بقيت ملاصقة للسعودية.

لا يبني الأوطان و يعمرها الا الوطنيين المنتمين لها عقائديآ و نفسيآ اما هذه الأحزاب الأسلامية اللأوطنية و بأعتراف قادتها الصريح لا يمكن لها ان تقيم وطنآ مزدهرآ منيعآ ينعم ابناءه بالعزة و الرفاهية فهؤلاء المشتتة انتماءآتهم و المشوشة افكارهم غير قادرين و لا مؤهلين ان يكونوا بناة للأوطان عندما يكون ولائهم دائمآ الى الخارج حيث يقيم ( ولي امرهم ) الذي هو من يصدر الأوامر و اليه ترجع امورهم و شؤونهم ان كان في حاجة الى الجنود فكانوا هم في الصفوف المجندة و ان فرغت خزائنه اعادوا ملئها من اموال ( بلدانهم ) و كما يحصل حين قاتلت الفصائل المسلحة ( العراقية ) في سوريا بتلك الأوامر و حين ( تستورد ) البضائع الرديئة و بأسعار باهظة للتمويه و التغطية و جعل ( المستورد ) شرعيآ و قانونيآ للحصول على الدعم المالي الذي تقدمه الحكومات الأسلامية ( العراقية ) المتعاقبة للدول الأخرى .

هؤلاء ( الحكام ) في العراق لا تنقصهم الوطنية فقط بل ينقصهم الشرف ايضآ عندما يروا ابناء جلدتهم و هم يبحثون في المزابل عن الطعام ما يقتاتون به و هم اي قادة هذه الأحزاب ينهبون ثروات هؤلاء الجياع و يرمون بها في خزائن الدول الأخرى حيث لم يشهد العراق و منذ تأسيس الدولة الحديثة مثل هذا التدهور و الأنحطاط و في كل المجالات و حين بدأ النظام الملكي عهده كانت لهذا النظام بصمة واضحة في مجال البناء و الأعمار و كانت العديد من المنشأآت الصناعية و المستشفيات و الكثير من الطرق و الجسور و سكك الحديد و التي مازال العديد منها شاخصآ و ماثلآ و على الرغم من قلة الأيرادات و قتها و كذلك كانت حكومات العهد الجمهوري التي اعقبت الحكم الملكي و على الرغم من الأنقلابات العسكرية الكثيرة و الحروب الداخلية و الخارجية الا ان كان هناك ايضآ نهضة عمرانية و حملة بناء و اعمار مهمة في كل المجالات و لسنا في وارد تعدادها هنا الا هذا العهد و هؤلاء الحكام الذين تعاقبوا منذ سقوط النظام السابق و لحد الآن و الذين لم يكن همهم الأول سوى النهب و السرقة و الهروب فهؤلاء لا يبنون وطنآ فالأوطان لا يعمرها اللصوص و القتلة و الفاقدين للوطنية .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here