فليكن محمد علاوي ممتنا لحظه إذا أفشلوا محاولاته

بقلم مهدي قاسم

ثمة مؤشرات تشير إلى احتمال موت الجنين في رحم المحاولة
التي يقوم بها محمد علاوي من ناحية تشكيل الحكومة وبالتالي إلى موت المحاولة نفسها بالدرجة الأولى على يد بعض الساسة الكورد و السنة علنا من ناحية ، و على أيدي الأحزاب الشيعية المتنفذة رفضا مبطنا ، وإذا عرفنا أن الكورد و السنة يصرّون على المحاصصة القومية والطائفية
و بشكل واضح و علني ، فأن الأحزاب الشيعية تتخذ نفس الموقف ولكن بأسلوب ” التقية ” ذات المروغة المتسمة بالنفاق ، أما المحصلة النهائية فأن أغلب هذه الأحزاب الطائفية والقومية تلتقي في نفس الموقف والموقع أي عدم المساس بنظام المحاصصة ، طبعا ليس فقط خوفا من فقدان
المصالح والامتيازات والنفوذ إنما خوفا من المحاسبة والمساءلة على صعيد مظاهر الفساد واللصوصية المشرعنة ، إذ أن محمد علاوي قد وعد الشارع العراقي في ” خطاب التكليف ” بأنه سيقضي على الفساد و يحاسب الفاسدين و ويلاحق ــ قضائيا ــ قتلة المتظاهرين ، وبالرغم من عدم
اقتناعي بجدية تنفيذ هذا الوعد أو التعهد و لأسباب كثيرة ، فأن مجرد طرح مسألة ملاحقة الفاسدين وسراق المال العام وقتلة المتظاهرين ــ قضائيا ــ قد دفع بهذه الأحزاب الفاسدة إلى أن تتخذ منه موقفا رافضا مبطنا و مسبقا ، أي ليس علنيا في بداية الأمر ، و ذلك تجنبا لإثارة
الشارع ضدها ، و هذا الموقف الرافض قد يكون مفهوما ، إذ أن هذه الأحزاب المتنفذة متورطة في الانزلاق التام في مستنقع الفساد ، ليس حتى الركبة وأنما حتى الرقبة !، كما أن ميليشيات بعضها الآخر متورطة في قتل المتظاهرين وخطفهم وتعذيبهم وتعويقهم ــ من العوّق ــ فكيف
ترضى أو توافق إذن هذه الأحزاب على تصويت أوإعطاء الثقة لصالح حكومة تهددها بالعقاب والقصاص على جرئمها السياسية والمالية التي لا تُعد ولا تُحصى ؟ ، هذا دون الحديث عن العامل الإيراني المؤثر والذي هو الآخر سيقف موقفا رافضا لتشكيل حكومة وطنية مستقلة ــ هذا إذا
ولدت هذه الحكومة وطنية ــ تهتم بمصالح العراق أولا وأخيرا وهو العامل الذي سيغيض النظام الإيراني، فضلا عن كون العراق يشكّل الرئة المتبقية الوحيدة للتنفيس المالي الإيراني المخنوق أصلا بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية ..

ولكن حتى لو صوّتت أغلبية هذه الأحزاب ــ تحت ضغط التظاهرات
الحاشدة ــ لصالح تشكيل ” الحكومة العلاوية ” فأن عمرها أما سيكون قصيرا جدا أو إن مصيرها سينتهي كما مصيرحكومة عادل عبد المهدي العدسية ..

و يبقى أن نقول : صحيح إن هذا الأحزاب الفاسدة قد ذعرت
في البداية من هدير التظاهرات الجماهيرية العارمة و أخذتها بجدية مع تقديم بعض التنازلات ، ولكنها عندما وجدت أن حبال المشنقة لا زالت بعيدة عن عنقها فأخذت تتصرف من جديد بعنجهية و استخفاف ومماطلة ولف ودوران بهدف كسب مزيد من وقت ، الأمر الذي بدأ يدعو كثيرا من
العراقيين إلى التفكير بمدى جدية و تأثير التظاهرات السلمية على هذه الأحزاب و الساسة المتنفذين من أجل تنفيذ وتحقيق عمليات إصلاحات جذرية وشاملة ، دون قيام بثورة فعلية و استئصالية عاصفة ، بين هذه الأحزاب الفاسدة والساسة المجرمين ، طبعا بشرط أخذ ميزان القوة بنظر
الاعتبارو لصالح من يكون أو سينتهي انتصارا أم هزيمة ..

لذا فليكن محمد علاوي ممتنا لحظه إذا قتلوا جنين محاولته
لتشكيل الحكومة ، فالأقل سيخرج بأقل خسائر معنوية ممكنة ، محمّلا أحزاب الفساد واللصوصية مغبة فشل تشكيل الحكومة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here