الفاسد الأكبر هو المجتمع قاعدة و قمة

بقلم مهدي قاسم

نادرا ما نجد مجتمعا منافقا يوجد فيه أفراد كثيرون يتاجرون
بمأساة ومعاناة أفراد آخرين كالمجتمع العراقي ــ مع تأكيدنا هنا على عدم التعميم المطلق ــ ففي الوقت الذي بات معروفا للشارع العراقي مدى استغلال الأطباء و الصيادلة لمعاناة المرضى ، نتذكر جيشا كاملا من المرتشين والمستغلِين ممن يستغلون معاناة المراجعين لإنهاء
معاملاتهم الرسمية ، ثم نتذكر استغلال أصحاب المحلات والأسواق الظروف الاستثنائية والسيئة لرفع أسعار بضائعهم بشكل مجنح و خيالي ، ولعل آخرها وليس أخيرها رفع سعر الكمامات فجأة و بشكل مبلغ به لحد كبير ، بعد انتشار خبر فيروس كورونا ، حيث أصبحت عملية شراء هذه السلعة
أو المادة أمرا ضروريا وموجبا لابد من شرائها في كل الأحوال و مهما كانت الأثمان ، علما أن مجرد عمليات بيع كميات هائلة من هذه السلعة هي بحد ذاتها تُعد مربحة جدا بدون رفع أسعارها بهذه الصورة الكبيرة ، بحكم كون ملايين من الناس قد يضطرون لشرائها مرغمين ، كلما جرى
الإعلان عن ارتفاع عدد المصابين بهذا الوباء ، فالعقلية الغربية في التجارة لا تكمن في رفع الأسعار استغلالا لظروف طارئة ، إنما في بيع كميات كبيرة من بضاعة معينة وربما مع بعض تخفيضات أيضا بهدف التشجيع والدعم و حسن النوايا وكسب الثقة ..

و رجوعا لفساد المجتمع العراقي و أنانيته توجد هناك طوابير
أخرى من فئات فاسدة مستغلِة لظروف غيرهم ، فضلا عن عدم اكتراثهم و لا مبالاتهم لما تجري حولهم من أحداث و تطورات تخص مصير الوطن والشعب بالصميم ، يتفرجون عن بعد بدون أية مساهمة حتى ولا معنوية في المساندة والدعم والتعاطف والتأييد على الأقل و كأضعف الإيمان !!
، ولكن لو وسّعنا هذه الزاوية ، لصدمنا بفئات و شرائح تعد بالآلاف وهي لا تقل أنانية وفسادا ، أن لم تكن أكثر فسادا و أنانية كرؤساء مجالس وبلديات ونواحي و قرى ، فضلا عن انتهازية شيوخ ورؤساء عشائر وقبائل ، دون أن نضيف أصحاب المناصب من لصوص المنطقة الغبراء كمكاتب
رئيس الجمهورية و نواب رئيس جمهورية و ساسة و أحزاب و نواب و وزراء ومدراء عامين والخ دون ذكر مجلس النواب وفساده المعروف ..

ولكي نكون منصفين لابد من القول أن قاعدة الفساد بدأت تتشكّل
في عهد النظام السابق ، سيما في أزمنة الحروب و الحصار ، لتصبح في العهد ” الخرائي ــ عفوا للتعبير ” الجديد الذي جعل من ذلك الفساد صرحا كبيرا ومتينا وقمة عالية من الفساد الخيالي والفريد في عصرنا

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here