السلبية الطاغية والإيجابية اللاغية!!

لغا الشيئ: بَطَلَ

ما هو سلبي يطغى ويسود في أرجاء الواقع العربي , فالكتابات والخطابات والأشعار والأغاني , والأفلام والمسرحيات والتمثيليات , والأخبار والصور والرسائل والأحاديث , كلها تتميز بسلبية عالية , وتُلغى فيها الإيجابية حتى تصل إلى حد الإنعدام التام.

والرسالة الكامنة فيها , أن الواقع العربي ميؤوس منه , فهو مدمّر ومخرّب ولا يمكن إصلاحه , وعلى العرب الإستسلام والخنوع والتبعية والضياع , لأنهم لا يمتلكون الأهلية لصناعة الحياة , ويسعون إلى الموت الذي يقدمه لهم أعداؤهم على طبق من الدماء والبارود , المعبأ بالمذهبيات والطائفيات والرموز المصنعة المقنعة بالقدسية والألوهية.

وواقع الحال لا يتفق والسلبية المبثوثة المستولية على وسائل الإعلام والإتصال , ويبدو أنها مدروسة ومقصودة وتمضي وفقا لبرمجة سلوكية دقيقة وذات أهداف مرسومة وخطط معلومة , وقعت ضحيتها عن دراية أو جهل وسائل الإعلام في دول الأمة كافة.

وعلى شبكات التواصل الإجتماعي ينتشر ما هو سلبي , ومهين للأمة ومسفه لحاضرها ومستقبلها , ويروّج لهذه الرسائل والمخاطبات أبناء الأمة , الذين تستثير عواطفهم الصور والكلمات , وآليات إخراج الخبر وأساليب بثه وتسويقه , لكي يتحقق إستلاب إرادتهم وتشويش وعيهم , وبرمجة أدمغتهم لتأهيلهم للقيام بأدوار تحقيق أهداف الطامعين بهم.

والعجيب في الأمر أن المحطات التلفازية العربية تعج بالمسلسلات والمسرحيات والتمثيليات , والمشاهد السلبية المدمرة التأثير في النفوس والعقول , والداعية لبناء السلوك التخريبي المناهض للحياة , وتتساءل أين الرقابة , وأين الفن والرسالة في هذه النشاطات التي يسمونها فنية؟

بل أن الأغاني أخذت تجنح للسلبية والقهرية وتدمير الذات , وتحويل العربي إلى رقم بلا قيمة ومعنى ودور.

ولا ننسى أساليب تخدير الأحاسيس وتمويت الضمائر بتكرار المشاهد الفجائعية , حتى صار قتل العربي بالجملة لا يعني شيئا , وإنما هي أرقام تتداولها نشرات الأخبار في منافذها المتنوعة , والمتلقي يحسب العرب ليسوا من البشر , وإنما هم أرقام وبيوتهم ومدنهم أكوام حجارة لا غير.

وهذا يفسر أحيانا التجاهل للتظاهرات المطالبة بالحقوق الإنسانية , فالعالم لا يعنيه كم من الأبرياء يقتلون , ويحسب الأمر داخليا ولا شأن له به , ما دامت المصالح مؤمنة.

ووفقا لمناهج الديمقراطية الغادرة , فأن حرية الخراب والدمار هي التي تليق بالعرب , وعليه فأن فهمهم للديمقراطية الوافدة إليهم , يملي عليهم ما يحصدونه وينجزونه وفقا لما فيهم من الرؤى والتصورات , المسكونة بالتبعية والخضوع للذي يسيّرهم إلى حيث الهلاك اللذيذ.

فهل لنا أن نعيد النظر بما نتداوله من رسائل وأخبار , ونحترم الإنسان ونؤمن بأن له قيمة ودور في الحياة؟!!

د-صادق السامرائي

17\2\2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here