الاحتلال الانكلوامريكي للعراق وما ترتب عليه من فوضى داخلية وغياب السيادة

د. ماجد احمد الزاملي

لااعتقد يوجد عراقي مؤيد او معارض لنظام صدام لايعرف جرائمه بحق شعبه عامة والمقربين منه خاصة فقد وزّع اجرامه على الكل ,خاض الديكتاتور حربين ضروستين دفعنا نحن العراقيون اثمان باهضة بسبب اشباع نزواته الشريرة ,والعراق منذ عام 1991 بعد خيمة صفوان سيئة الصيت اصبح تحت الانتدات وفقد سيادته على ارضه وسماءه وعلى امواله حتى العملة اصبحت مزورة .فالاحتلال كان منذ 1991 وليس في عام 2003 كما يعتقد البعض . كل عراقي يعرف مدى تأثير الحصار الاقتصاد ومدى تأثيره على حياة الشعب ,العالم باجمعه تأمر على الشعب العراقي. النظام العراقي اتبع سياسات مبرمجة ضمن سيناريو أمريكي محكم بدأ بانقلاب عام 1968 بتدبير المخابرات الغربية وادواتهم عبدالرازق النايف وابراهيم الداود كواجهة للانقلاب الذين مهدا لعودة البعث الى الحكم. و هنالك ترابط بين وصول صدام للسلطة في العام 1978وتخليه عنها في 9نيسان العام 2003 حيث تم تسليم بغداد للأمريكيين بدون مقاومة.

يعترف محللون غربيون أن الحرب على العراق واحتلاله عام 2003 لم تكن حربا تكتيكية بأي حال من الأحوال ، بل هي استراتيجية وفقا لجميع المعايير .. ويوضح هؤلاء بأن هذه الحرب كانت من اجل النفط والسيطرة الأمنية وحسم الصراع الثقافي وإعادة رسم الخرائط السياسية والأيديولوجية وإعادة النظر جذريا في العلاقات الدولية للمرحلة الممتدة من الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الحاضر ، بالإضافة إلى تثبيت أقدام إسرائيل في الشرق الأوسط ليس فقط كدولة إنما كلاعب رئيس في تقرير شؤون المنطقة برمتها ..هذه هي باختصار شديد أهداف الولايات المتحدة من غزو العراق والتي عبر عنها الخطاب السياسي الأمريكي. القارئ للسياسة الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية والى الآن يتبين ان ما من خطوة تريد القيام بها وتعلن عنها علنا فكثيرا ما تقوم بالعمل وبعدها تعلن وليس من سياسة امريكا او اسرائيل ان تقاد لحرب بل هي من تقود الاخرين للحرب. فقد قامت الولايات المتحدة والدول الحليفة باستخدام اليورانيوم المنضب المحرمة دوليا بكميات كبيرة خلال حربي 1991 و2003 ضد العراق مما نتج عنه تأثيرات خطيرة على الواقع الصحي والبيئي في العراق تسبب في موت الآلاف وإصابة عشرات الآلاف منهم بأمراض خطيرة كالسرطانات والتشوهات الخلقية والإجهاض المتكرر عند النساء وغيرها من الأمراض التي سيظل يعاني منها العراقيون لعشرات السنين القادمة. ان مسالة تقسيم العراق في الخطاب الأمريكي نجده من خلال ما قامت به قوات الاحتلال منذ العام 2003 باثارة العنف والنعرات الطائفية هو جزء من استراتيجية تقسيم العراق وتفتيته ، فالمعروف أن العراق كان دولة يتعايش مواطنيها بإخوة ومحبة دون تمييز أو تفريق سواء على الصعيد الجماهيري أو على المستوى الرسمي والوظائف الحكومية التي شاركت فيها نخب متعددة تمثل جميع أطياف الشعب العراقي , كما كان الناس يتعايشون في أحياء مشتركة تضم السنة والشيعة والكرد والمسيحيين والصابئة واليزيديين وغيرهم تجمعهم محبة العراق والوحدة الوطنية وكانوا يتزاوجون فيما بينهم ويتعايشون مع بعضهم لا يفرقهم مفرّق مهما كان عصيبا .

يوم 2آب من العام 1990 آثاره المأساوية لن تقتصر على احتلال الكويت وانهيار النظام العربي وفقط فان المغامرة المجنونة التي قادت الى كارثة احتلال الكويت هي مغامرة كانت تنتظرها الولايات المتحدة الأمريكية وتتشوق لها لأنها وفرت لها افتعال التداعيات والظروف التي تحقق حلمها باحتلال العراق وتحويله الى نقطة ارتكاز استراتيجية للسيطرة على المنطقة. لا يستطيع أحد أن يمنع الأعداء من استغلال النتائج العملية للتصرفات السيئة التي يتسبب بها الحكام العرب بسوء نية أو حسن نية، فعلى سبيل المثال قد استغلت إسرائيل الحرب الأهلية في لبنان لتقول إنها جزء من الصراع الديني الذي هو من طبيعة هذه المنطقة كما أنها استفادت

من احتلال إيران للجزر الإماراتية ابتداءا من أيام الشاه لتؤكد أن الحدود بين الدول في المنطقة قابلة للتغيير، وقد كان احتلال الكويت وهو بلد عضو في الأمم المتحدة مثالاً تمسكت به إسرائيل في الترويج له كنموذج لحقيقة الصراعات في المنطقة.

تواجه ظاهرة الاستقرار السياسي في العراق مجموعة من المعوقات تأتي نتيجة لأوضاع وأحداث تشهدها الساحة العراقية وتختلف في عدد من جوانبها عن مؤشرات عدم الاستقرار السياسي المتعارف عليها، وتدفع هذهِ المعوقات صوب وجود حالة من عدم الاستقرار يعاني منها العراق، وتختلف حدتها بين الحين والآخر فما أن يحصل نوع من الاستقرار لمدة معينة حتى ينتكس هذا الاستقرار بأزمة أخرى أو حدث ما آخر. الصراعات السياسية بين النخب الحاكمة والقوى السياسية المشاركة في العملية السياسية وضعف أو انعدام الثقة في ما بينها والتضارب في المصالح الشخصية والحزبية وتغليبها على المصلحة العامة والوطنية وعدم الاعتماد على قواعد التنافس واللعبة الديمقراطية واستشراء الفساد السياسي والإداري، كل ذلك أثر ويؤثر سلبًا وبشكل كبير على الاستقرار السياسي المطلوب في العراق.

الأحداث والمتغيرات والتطورات التي واكبت تطور مجتمعنا العراقي –وكذلك الأمر بالنسبة للمجتمعات العربية- تفرض علينا أن نأخذ بعين الاعتبار الخصوصية في تطور مجتمعنا ، وعدم إمكانية تطابق مساره التطوري مع المعيار أو المسار الأوروبي . استمرار تطور العلاقات الاجتماعية في بلادنا على صورتها المشوهه الراهنة ، هو أمر بقدر ما يتعارض مع قوانين الحياة ومتغيراتها وتراكماتها الدافعة صوب الارتقاء والتقدم ، يتعارض أيضا مع نضال شعبنا وتضحياته الغالية خلال العقود الماضية ، من أجل تحقيق اهدافه في العدالة الاجتماعية والديمقراطية، الامر الذي يستوجب استنهاض القوى الخيرة والاحزاب المعروفة بمواقفها الوطنية ومقارعة الرجعية والديكتاتورية ، كضرورة موضوعية ملحة، حتى لا يصبح المستقبل , ننساق إليه من قبل نظام العولمة الامريكي الصهيوني الذي نجح الى حد كبير في السيطرة على مقدرات شعوبنا، لذلك فإن عملية استيعاب الحاضر واستشراف المستقبل سيبقى رهاننا الدائم والمستمر ، للإسهام في تعبئة طاقات مجتمعنا بارتباطه العضوي مع محيطه العربي في ظل عالم يموج بالمتغيرات ,ولذا فإن غالبية الدول النامية تبقى خارج الدائرة التكنولوجية الأساسية. لهذا السبب تغادر الأدمغة البلدان المتأخرة في تطورها الى حيث يمكن أن تجد فرصاً لتحقيق ذاتها, وهذا مايريده المشروع الأميركي الذي يهتم بإدخال تعديلات على أنظمة تعليمية تعتبر مصدراً لإنتاج الكرّه لأميركا، وبالتالي فإن هذه الاقتراحات تستهدف وضع اقتصاديات المنطقة العربية عموما والعراق خصوصا في منافسة غير متكافئة بما يؤدي لتدمير ما تبقى .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here