” كورونا ” مهمة توم كروز المستحيلة

ابتسام ابراهيم

المهمة المستحيلة هي سلسلة افلام عالمية ,يتحدث كل جزء عن مهمة خاصة يقوم بها العميل إيثان هانت –توم كروز- في دولة ما وتحت ظروف مختلفة ورغم الصعوبات والمخاطر التي يواجهها هذا العميل هو و فريقه إلا ان المهمة اخر المطاف تتم بنجاح .

من هذه السلسلة وتحديدا الجزء الثاني يتم إرسال العميل السري إيثان هانت في مهمة جديدة للعثور على عينات من فيروس جيني خطير “كـُميرا” لتدميرها قبل أن تتسبب في تدمير حياة ملايين البشر, لكن مهمة إيثان تزداد صعوبة عندما يكتشف إنه ليس الشخص الوحيد الذي يسعى للعثور على مصل الفيروس ، فيدخل في صراع مع عصابة إرهابية تحت قيادة عميل سري سابق فيكتشف إيثان إن زعيم العصابة نجح بالفعل في الحصول على علاج لهذا المرض الفتّاك ويحاول الحصول على عينات المرض ليبدأ في تنفيذ خطته بنشر المرض في جميع أنحاء العالم بعد قتل العالم البيولوجي الذي اكتشف الفيروس وكذلك العلاج المضاد من قبل العصابة على متن طائرة وتصوير الامر على انه حادث عرضي .

شاهد حديثنا الاحداث المخيفة التي رافقت اخبار انتشار فيروس كورونا منذ بدء انتشاره في الصين لينتقل عبرها وبطريقة فردية متعمدة وبدائية جداً الى باقي دول العالم وتحديدا الدول التي تكثر فيها التجمعات الدينية كإيران والسعودية والعراق او المناطق الساحلية المفتوحة كلبنان والكويت و الامارات وليس اخرها دول اوربا .

ولو تفطنت شعوب هذه الدول الى المخاطر المحدقة بهم من جراء انتشار هذا الوباء ومن منطلق انساني وأخلاقي لحصّنوا انفسهم ولزموا احلاس بيوتهم وتتبعوا الاجراءات التوعوية التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة التعقيم والنظافة ثم تتبعها سلسلة من احكام مراقبة الحدود وتطهير الاماكن العامة وإغلاق اماكن التجمعات الدينية والترفيهية على حد سواء وتكون حركة الافراد على قدر العمل و التبضع ولمسافات محدودة بين فرد وآخر مع ارتداء الكمامات والقفاز فالمرض ينتشر عن طريق لمس الاسطح الملوثة ورذاذ العطاس والسعال او البصاق المتعمد . لان الفيروس ينتقل عبر الاتصال المباشر بالرذاذ التنفسي الصادر عن شخص مصاب (والذي ينشأ عن السعال أو العطس)، وملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس. ويمكن لفيروس ’كوفيد-1‘ أن يعيش على الأسطح لعدة . ساعات، ولكن يمكن القضاء عليه بمسح الأسطح بالمطهرات البسيطة.

لكن ما نراه اليوم وتحديدا في بلدنا العراق فلا اغلاق الحدود ولا حملات توعوية مكثفة وحتى حملات تعفير الاماكن التي يشتبه بتلوثها هي حملات بسيطة وخجولة لا ترقى الى ما تواجهه البشرية من مرض فتاك ينتقل بسرعة وبشتى الطرق , اضف الى ذلك عن عدم القناعة الشعبية بضرورة اغلاق الحدود ومنع الوافدين من الدول المصابة سواء كانوا مرضى ام اصحاء او الحجر الصحي العام او الشخصي داخل المنزل للشخص المصاب .. ولم نجد من مواطنينا ولا حتى جيراننا المؤمنين تنفيذا لوصية خير خلق الله محمد ص ” اذا سمِعتـُم الطاعّون بأرض , فلا تَدخلوها , و اذا وَ قعَ بأرضٍ وانتم فيها فلا تخرجوا منها ”

شخصيا ومن منطلق واقعي جدا لست مقتنعة بفرضية نشر الفيروس للسيطرة على العالم من قبل الدول الكبرى فالأيادي الخبيثة متاحة لها كل السبل والإمكانيات التي تمكنها من السيطرة على مقدرات الشعوب وبطرق بسيطة فكل دولة استعمارية لها تابعين وعملاء مستعدين لفعل اي شي ارضاءً لأسيادهم قد تصل الى الفتك بأهلهم و احبتهم ,دون الحاجة للجوء الى وباء يتم نشره ليسري في الارض بسرعة البرق وقد لا يتمكن المسببون من السيطرة عليه , و لربما نالت بلدانهم نصيبا من شر هذا الوباء .

نعلم وبحكم المحاضرات التثقيفية التي بثها اغلب الاطباء و علماء الامراض و الاوبئة على مستوى العالم ان حضانة هذا الفيروس تحتاج لأسبوعين قبل ان تبدأ الاعراض بالظهور ونعرف جيدا ان اقسى الفيروسات لا تستطيع العيش في ظل درجات حرارة عالية تلك التي تعصف بنا في العراق ولشهور عـِدّة , لكن هل يمنع ان نقي انفسنا وأهلينا مرضا فتاكا من خلال الوقاية ؟ هل يصعب على دولة تتمتع بالحرية والديمقراطية منذ سبعة عشر عاما ان توجه شعبها لما فيه مصلحة الجميع …هل هو صعب ان تحدد في كل محافظة مستشفى او مركز صحي لحجر المصابين او المشتبه بهم ؟

يا ترى لو اجرينا مسحا بسيطا للأبنية الحكومية الجديدة غير المأهولة والتي لم تتم الاستفادة منها نتيجة تغير الحكومات المحلية مع كل دورة انتخابية من منطلق كلما دخلت امه لعنت اختها ..فكم هي المراكز الصحية المنتشرة في ارجاء مدننا التي لم تدخل حيز الاستفادة لقلة الكوادر الطبية او الاهمال ؟ كم عدد المدارس التي تم بناؤها وفق خرائط حديثة مازالت قيد الاهمال ولذات السبب ؟

ألا يجدر بأصحاب الحل والعقد الاستفادة منها بدل افراغ مستشفيات في محافظات الوسط والجنوب , مستشفيات هي اصلا ضمن الاستخدام اليومي للمواطنين وحرمان مناطق سكنية كبيرة من الخدمات الصحية التي هم بأمس الحاجة اليها ؟

تساؤلات عديدة نطرحها هنا عـلّ القائمين على الامر ان ينتبهوا لها ويجنبوا انفسهم وأهليهم ويلات وباء ان حط رحاله بأرض لن يخرج إلا بكارثة انسانية وبيئية ونحن نفتقر لأبسط المقومات الصحية ابتداءً باختفاء الكمامات من الصيدليات و المذاخر وارتفاع اسعار المواد الطبية الأخرى ؟

وأخيرا جنبنا الله وإياكم شر الامراض فنحن شعب يعيش في بلد مفتوحة ابوابه على مصراعيها وليس بين ظهرانينا العميل ايثان هانت يخلصنا من هذا الوباء !

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here