كورونا بين تضارب الآراء وتردي الواقع الصحي

أبلغُ أم لا.. أول سؤال يتداوله الأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض كورونا في العراق، فالنظام الصحي وتعاطي الجهات الرسمية،

مع المحجور عليهم، والمصابين، أثار نوعاً من القلق في الأوساط الشعبية، في ظل تردي الواقع الصحي، والسجال الحاصل بين المسؤولين في الوزارة، وعدم وضوح الحملة الإعلامية لتوعية المواطنين بشأن طبيعة التعاطي مع الفيروس.

الدكتور (م.س) أخصائي في الأمراض المعدية بوزارة الصحة العراقية، أشار إلى أن “العديد من المصابين بفيروس كورونا جاءوا في مراحل متأخرة، وقد استفحل فيهم الفيروس، الأمر الذي زاد من معاناة الكوادر الطبية، فضلاً عن معاناتهم بشكل أكبر مما هو عليه في حالة اكتشاف الفيروس بشكل سريع والبدء بتعاطي العلاجات اللازمة”.

وأثارت قضية التستر على الإصابة بالفيروس حفيظة نشطاء وقانونيين، فضلاً عن شريحة الأطباء والمختصين، ونظراً لخطورة الموقف، تداول نشطاء عراقيون، بعض مواد قانون العقوبات العراقي، للتذكير بالعقوبات التي تتعلق بالجرائم المضرة بالصحة، وذلك بعد تسجيل إصابات في عدد من المحافظات بفيروس كورونا، نجم بعضها عن التستر على حاملي المرض من قبل ذويهم.

لم يكن للنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي مواقف ثابتة إزاء الفيروس القاتل، فقد توزعت المهام من خلال التدوينات المتداولة بين ناقد للواقع الصحي، وتردي الخدمات ومنتقد للتستر على الإصابات وإخفاء سر الإصابة بالفيروس.

موقف الشارع العراقي إزاء أزمة كورونا والاجراءات الحكومية أشار المواطن “سالم خليفة” إلى أن “الواقع الصحي في العراق مزرٍ وقد يكون المواطن في حالة جيدة نوعاً ما عندما يدخل المشفى لعلاج ما، لكنه يزداد سوءاً عندما يتوغل في مشاكل القطاع الصحي المتمثل بغياب العلاجات ونقص الكوادر الطبية اضافة إلى غياب النظافة والاهتمام داخل المستشفيات، فكيف سيبلغ المواطن عن نفسه حال استشعاره بأنه مصاب بكورونا ويعلم أنه سيزداد سوءاً إذا دخل الحجر الصحي وهو أشبه بالسجن؟.

ويقارن خليفة، “مع الكويت التي استضافت المصابين بكورونا في أرقى الفنادق وتقدم لهم أفضل الخدمات.

فجوة كبيرة

وهاجم مدير صحة الكرخ جاسب الحجامي، عدداً من دوائر الوزارة، بسبب ما وصفه بـ”الأداء الهزيل” في التصدي لفيروس كورونا.

وقال الحجامي في بيان تلقت المدى نسخة منه أمس الثلاثاء ، إنه “لا يختلف اثنان على الأداء الهزيل جداً لاعلام وزارة الصحة الذي ضم إليه قسم تعزيز الصحة وأجهز عليه وأنهى دوره تماماً، بعد أن كان سابقاً من الاقسام الفعالة يشهد له بذلك القاصي والداني (اقصد قسم تعزيز الصحة سابقاً) .

وتابع الحجامي، أنه “اعتقد الجميع أن الإعلام سيشهد إصلاحات مهمة بعد تسريبات ما يجري خلف الكواليس لاجتماعات خلية الأزمة والتي أوقعتها في حرج شديد لكن الأمور جرت بشكل طبيعي ولم يحصل أي تعديل على عمل الإعلام”.

وأضاف، “لقد أصبحت الفجوة بين الناس والوزارة كبيرة جداً بعد الاداء الفاشل لبعض المفاصل المهمة في الوزارة ومنها الإعلام ودائرة الصحة العامة المعنية بالدرجة الاولى بالتصدي لمرض كورونا حاله حال باقي الأمراض المعدية والاوبئة، واذا كنا نحن المدراء العامون لانثق بما يصدر من الاعلام ودائرة الصحة العامة فماذا يفعل المواطن؟!”.

وبين، “نحن في دائرة صحة الكرخ تحمّلنا بنفسنا مسألة الإعلام والتثقيف الصحي لعلمنا بالفشل التام للوزارة، وأظن أنه لا زال في الوقت متسع لتدارك الفشل وإلا فستكون العواقب وخيمة، وربما سنتحدث لاحقاً عن الأداء الهزيل جداً أو المختفي تماماً لدائرة الصحة العامة”.

إخفاء معلومة السفر إلى الدول الموبوءة؟

ودعا المتحدث باسم الخلية، محمد الوكيل، في تصريح مرئي، اطلعت عليه ” المدى ” المواطنين إلى “أهمية الإبلاغ عن تاريخ سفرهم إلى بلد موبوء لتلقي العلاج اللازم بأسرع وقت”.

وفي قصة مشابة في محافظة عراقية أخرى، فقد توفيت طفلة في محافظة بابل، تبلغ من العمر 13 عاماً، هي الأخرى كانت قادمة من إيران، وكانت في رحلة علاجية وكانت تعاني من مشاكل صحية وبعد عودتها بدت عليها أعراض تشبه الى حد كبير اعراض فايروس كورونا “. ونقلاً عن شهود عيان من داخل منطقة الطفلة المتوفية إن “الطفلة توفيت الاسبوع الماضي داخل منزلها في ناحية سدة الهندية بعد مضي ١٠ أيام على عودتها من إيران”.

إجراءات صارمة بحق المتسترين!

وبعد توثيق أكثر من قصة تحايل وتستر بشأن الاصابات بفيروس كورونا ونظراً لخطورة تفشي المرض في المجتمع العراقي توعد محافظ كربلاء نصيف الخطابي، بمقاضاة أي مواطن يخفي معلومات عن سفره إلى خارج العراق، بعد وفاة امرأة جراء إصابتها بفيروس كورونا في المحافظة ، وقد “أنكرت” سفرها إلى الخارج.

وتطلق وزارة الصحة، بين الحين والآخر تحذيرات عبر وسائل الإعلام والبيانات الرسمية، للمواطنين، بضرورة الإبلاغ عن الحالات المشتبه فيها، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

وفي حال ظهور أعراض تلك الأمراض على بعض المشتبه فيهم، فإنهم يخفون زيارتهم إلى إيران، التي تحولت إلى بؤرة للفيروس، وهو ما يربك عمل الجهات الصحية.

وتوفت امرأة مسنة في كربلاء، الجمعة الماضي، بعد أيام من دخولها المستشفى، دون أن تكشف عائلتها عن سفرها إلى إيران، ليتضح لاحقا إصابتها بـ“كورونا“؛ ما دفع المستشفى إلى تطبيق الحجر الصحي على جميع الأطباء والممرضين الذين تعاملوا مع المريضة وعوائلهم.

وإثر ذلك، قررت محافظة كربلاء إحالة كل من يخفي سفره إلى بلدان موبوءة بفيروس ”كورونا“ المستجد إلى القضاء.

ويبقى الجدل يدور حول أسباب إخفاء معلومة الاصابة بكورونا، وعدم توجه المواطنين العائدين من ايران إلى الحجر الصحي أو إجراء فحوصات طبية على الأقل، الأمر الذي زاد المشهد سوءاً وتسبب بفرض الحجر المنزلي على قرية أبو جصانة التابعة لمحافظة ميسان، وذلك بعد إخفاء شخص (توفي جرّاء إصابته بفيروس كورونا) سفره إلى إيران.

في حين لم يشكل موضوع إخفاء السفر إلى دول موبوءة أو الإصابة بالفيروس، خطورة على المواطنين فحسب، بل أخذت دائرة الخطورة تتوسع إلى الكوادر الطبية وملامسين للحالة، مما تسبب بحجر العديد من الكوادر الطبية وأشخاص قد لامسوا حالات إصابة مؤكدة.

هذا ولم تقف وزارة الصحة العراقية والجهات المعنية الأخرى مكتوفة الايدي، فضلاً عن منظمة الصحة العالمية، حيث وجهة حزمة من التعليمات للوقاية من الفيروس وأبرزها هو التوجه إلى طبيب مختص او عيادة مختصة حال الشعور بأعراض تشابه أعراض الفيروس التاجي، فضلاً عن غسل اليدين والوجه واستخدام المعقمات التي بدورها قد تقي من الفيروس وتزيد من قابلية الإنسان على مواجهة العدوى.

فيما أصدر مجلس الوزراء خلال جلسته الاعتيادية، أمس الثلاثاء، مجموعة من التوصيات لمواجهة فيروس “كورونا”، دعا فيها الى تجنب التجمعات والسفر.

وقال المكتب الاعلامي للمجلس، ، إن “مجلس الوزراء يتابع باهتمام آخر المستجدات والإجراءات المتخذة من قبل لجنة الأمر الديواني رقم 55 لسنة 2020 ، والالتزام بتطبيقها من قبل الجهات المعنية كافة”.

وأشار الى أنه “في الوقت الذي يثمّن المجلس الجهود الكبيرة التي تبذلها ملاكات وزارة الصحة والدوائر الرسمية الأخرى من أجل حماية المواطنين من الإصابة بهذا الفايروس، ويثمّن تعاون المواطنين الأعزاء مع تلك الجهات نهيب بهم مراعاة مايأتي:

1– الالتزام بتوصيات وقرارات اللجنة المذكورة كونها الجهة المختصة بالموضوع والمتواصلة دولياً لمكافحة انتشار هذا الفايروس.

2 – التأكيد على منع التجمعات بأشكالها كافة، لما لها من دور رئيس في نشر العدوى وزيادة المخاطر، وذلك حفاظاً على صحة المواطنين وأرواحهم وسلامة مدنهم .

3 – التعاون الجاد مع الجهات الصحية والحكومية الأخرى التي تصدر تعليماتها بشأن الحد من انتشار الفايروس.

4 – توخي الحذر في تناقل المعلومات غير الموثقة والاعتماد على المعلومات الموثقة التي تصدرها الجهات الرسمية والدولية.

5– الاهتمام الكامل بإلاجراءات الوقائية المعتمدة علميا ،وفقا لما تنشره وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية من تعليمات.

6 – تجنب السفر الى خارج العراق والتنقل بين المحافظات في الوقت الحاضر إلا في حالات الضرورة للحد من انتقال العدوى وتعزيز اجراءات السيطرة على انتشار الفايروس”.

من جانبها أعلنت وزارة الصحة والبيئة، أمس الثلاثاء، شفاء 15 حالة مصابة بفيروس “كورونا” المستجد في محافظتين.

وذكر بيان للوزارة تلقت المدى نسخة منه إن ” مختبرات دائرة الصحة العامة أكدت شفاء خمس عشرة حالة لمصابين سابقا بفيروس كورونا المستجد”.

وأضاف البيان أن “11 حالة في محافظة بغداد (7 حالات في الكرخ و 4 حالات في جانب الرصافة) شفيت من الفايروس، فضلاً عن 4 حالات في محافظة كركوك”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here