ركود الذاكرة… إنقذوا العراق من طاعون المحاصصة

دكتور/علي الخالدي

لقد ترك حراك الجماهير الشعبية صور وذكريات تزين ذاكرة كل مواطن عراقي شرب ماء دجلة والفرات وتنفس هواءه، هذه الذكريات والصور لا زالت تهز كل غيور على مصالح وطنه وشعبه بما فيهم الذين لا يدركون المهانة والمتاعب التي تنوء تحت رحمتها ألأغلبية العظمى من الجماهير الشعبية، منذ الحكم الصدامي المقبور وليومنا هذا، وزادت تعمقا في ظل حكم الأحزاب التي تبنت نهج المحاصصة الطائفية والإثنية المقيت، حيث لا زالوا متمسكين به لكونه نظام يُحافظ على ماحققوه من مصالح ذاتية وحزبية، وبصورة خاصة بعد أن تم تجاهل ونسيان إدعاتهم من أنهم سيحولوا العراق وطنا لكل العراقيين على إختلاف عناصرهم وأديانهم. لكن إجراءاتهم القانونية عكست غير ذلك. فأول خطوة قاموا بها، أنه لم يحركوا ساكناً تجاه المتشددين الأسلاميين، الذين جعلوا من المسيحيين والصابئة المندائية في الوسط والجنوب هدفا لإضطهادهم السافر، مضافا إليهم الأيزيديين بعد إجتياح داعش للعراق ، فهذه المكونات العرقية لا زالت، تُعاني مساوء التهجير والتصرفات غير إلإنسانية بحقهم جراء سرقة ما تُخصصه الحكومة لتخفيف تلك المعاناة، علاوة على التمييز في التعيين وإشغال الدوائر الإدارية والأمنية التي أفرغت من كوادرها الذين يتبعون النظام السابق ، وإحلال محلهم وبشكل متكالب مستميت، محسوبي ومريدي الأحزاب المتحاصصة طائفيا وقوميا، من الذين تنقص أغلبيتهم العظمى المهنية العلمية والدراية الإدارية، وخاصة في القطاع العام مما أدى إلى فشل المصانع فأغلقت، ناهيك عما اصاب القطاع الخاص من توقف، فعمت البطالة في صفوف الأيدي العاملة الماهرة، وساد الفساد والمحسوبية وسرقة المال العام في كافة مرافق الدولة التي ضمنوا فيها نفوذهم السياسي والوظيفي، مما ساعد على تطور مجاميع الفساد إلى مافيات مسلحة تحمي ظهورهم ومصالحهم، بينما لازالت تصريحات من في مواقع القرار ترن في آذان المواطنين بنبذههم طاعون نهج المحاصصة الطائفية والإثنية، عن طريق التغيير والاصلاح، وهم متشبثين بمواقع القرار يحكموا البلد ويواصلوا إدخاله في أزمات متكررة، على الرغم من إمتلاك باطن أرضه ثروات يُحسد عليها، فيما لو أستخدمت بدون فساد وسرقة لصالح الشعب والوطن لأصبح العراق نموذجا في تحقيق الديمقراطية والعدالة الإجتماعية

لم يخلو تاريخ حراك الجماهير الشعبية، وعلى مدى عشرات السنين من نضال مطلبي. لكن كل تلك الأحداث لم تـُختزن في ذاكرة قادة الأحزاب الإسلامية ( إغلبيها تكونت حديثا)،إذ لم تُصدق نفسها أن لعبة المحتل هو تسليمهم السلطة لحكم العراق الغني بتواجد كفاءات، بناها عبر عقود زمنية، وحضارة بنيت قبل قرون، مضافا إلى ذلك، أن أغلب قادة تلك الأحزاب لم يولدوا في العراق ولم يتربوا فيه، ولولا معرفة والديهم بلغة وطنهم لتحدثوا بلغة الوطن الذي ولدوا فيه، علاوة على ذلك، أن البعض منهم لم يتذوق ماء دجلة والفرات إلا بعد 2003 ، كما أن اغلبية قادة تلك الأحزاب يحملون الجنسية الثانية، وما زالوا متمسكين بها، لتكون ملجاء لهم، عندما يحدث أي تغير سياسي يناقض مصالحهم فيهرعوا لوطنهم الثاني، الضامن حمايتهم وما يملكوه من أموال منقولة وغير المنقولة راكموها فيها .

رغم كل ذلك وبغفلة من الشعب وُضعوا ومحسوبيهم في مراكزحساسة ومهمة لقيادة دولة عريقة في المنطقة. من هنا يتضح عدم إهتمامهم بمعاناة الشعب، الذي تُرك لوحده يعاني قسوتهم الطبقية، عبر إشرافهم ومليليشاتهم على ما يتحرك داخل العراق، وبنفس الوقت يتجدثون عن الوطنية وقسوة الأنظمة السابقة ويمارسون نفس الأساليب القمعية التي لم تتجرء على ممارستها الأنظمة السابقة، في قمع إنتفاضة جيل الحداثة التي توسعت وتجددت في 25 من أوكتوبر ، وهي لا زالت مستمرة على الرغم من إنتشار فيروس كرونة القاتل، وإرادتهم تردد بتحد كرونا ،كرونا لا يخيفنا السياسيون هم الفيروس الحقيقي، لذا نراهم حاليا يتصارعوا على المواقع والمناصب بشراهة وأنانية وبعدم الشعور بالمسؤولية في السر والعلن، غير آبهين بمطاليب الجماهير المنتفضة وغير مكترثين بالدماء التي سالت في ساحات التظاهر، لذا تعمدوا بعدم تمرير القوانين التي تخدم الشعب والوطن، فعدم تمرير قانون المحكمة الإتحادية وتسويف شروط أكمال قانون الإنتخابات وجداوله، تصب في عرقلة الإنتخابات المبكرة، التي وضعت في أوليات مطاليب المنتفضين، وهم يرددوا بأنهم لن يحيدوا عن مواصلتها لحين تخليص الشعب من طاعون الطائفية والإثنية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here