خلية الأزمة وأزمة السيولة والرواتب للمواطنين في ظل الحظر

يبدو إن خلية الأزمة التي شكلها مجلس الوزراء بأمره الديواني 55 لسنة 2020 ستمر بمجموعة كبيرة من الازمات ، فعلى صعيد خصوصية عملها فقد استنجدت برئيس الوزراء ليبعد عن حضور اجتماعاتها الدكتورة حنان الفتلاوي مستشارة شؤون المرأة ، كما أعربت الخلية عن قلقها وتخوفاتها من حالة الانفلات التي تسود الشارع من عدم تطبيق حظر التجوال الذي يجب أن يعم البلاد والعباد ، لذا لجأت إلى المراجع العليا والرئاسات الثلاث ووسائل الإعلام لمساعدتها في تطبيق الحظر الذي لم يطبق إلا بحدود الجزء الذي يختاره المواطن في ظل غياب الردع والمنع بمعانيها الصحيحة ، والحق يقال إن خلية الأزمة لها الإرادة في تطبيق منهج يوازي في حدوده الدنيا مما هو مطبق في اغلب البلدان التي استشعرت الخطر الذي يصيبه فيروس كورونا بعد أن تحول إلى وباء عالمي بشهادة منظمة الصحة العالمية وأدى إلى الفتك بالبشر وخسارة التريليونات من الدولارات وجعل الاقتصاد العالمي في مصير عير معلوم ، وكما ثبت من الناحية العملية فان الدول التي لديها أنظمة وسياقات في مختلف المجالات من الممكن أن تكون لها القدرة على المواجهة والاحتواء ، وخير مثال على ذلك الصين التي استطاعت أن تعلن سيطرتها على الوباء وتقليل عدد الإصابات والوفيات والتحول إلى حالات الشفاء ، حتى وان كانت هذه النتائج غير مؤكدة تماما ولا يمكن التعويل عليها بشكل مطلق .

وعودة إلى خلية الأزمة العراقية فالأيام تكشف إنها تواجه تحديات كبيرة بسبب ضعف الإمكانيات والموارد وانعدام او هشاشة البنى التحتية لوزارة الصحة وللجهات ذات العلاقة ببلوغ المستويات المطلوبة في الوقاية والعلاج ، ورغم ذلك فان محاولاتها واتصالاتها وقراراتها تتصاعد وتزداد يوما بعد يوم لبلوغ ما تستطيع تحقيقه من غايات ، ولكن الفرض الكامل لحظر التجوال لايزال واحدا من الأمنيات التي ربما لم تتحقق خلال هذه الأيام والسبب لا يعود للخلية ولكن لنوع الأنماط السلوكية التي تسود البلاد فعند تصاعد التظاهرات لم يطبق أي من الحظر الذي أصدرته الحكومة والبعض يقارب الأمثلة بخطأ كبير ، وبعيدا عن الأسباب والمسببات فان حالة تعطيل الدوام وفرض حظر التجوال قائمة اليوم وهناك احتمالات كبيرة في تمديدها إلى نهاية الشهر الحالي ، فقد دعت لجان في مجلس النواب الحكومة والقوات الأمنية بتوسعة إجراءاتها لتطبيق حظر التجوال للحفاظ على أرواح المواطنين ، كما طالبت مفوضية حقوق الإنسان في العراق( السبت ) إلى إعلان الإنذار (ج) لتوسيع حالات الحجر للملامسين المشتبه إصابتهم بالفيروس وغياب تطبيق حظر التجوال ، وكما هو معروف فان إعلان حالة الطوارئ يحتاج إلى تصويت لمجلس النواب الذي مدد عطلته التشريعية بسبب الأحوال التي تمر بها البلاد من حيث الوباء وربما لغيرها من الأمور .

وان تمديد حظر التجوال ربما ينقل البلاد إلى حالة اقل تعرضا للخطر من ناحية الوباء ولكن التمديد يتسبب بخسائر ومشكلات للغالبية الكبيرة من السكان ، فهناك مشكلات تواجه العاملين في الأعمال الخاصة والحرة من أصحاب المحلات وسيارات نقل الركاب والأجرة وأصحاب البسطيات الذين يفقدون مصادر رزقهم في الحظر، في وقت تترتب عليهم التزامات كالإيجارات والضرائب والرسوم وتلف رأس المال وغيرها من التفاصيل ، كما إن الشركات الخاصة والمختلطة ستصبح اقل قدرة على دفع الرواتب والأجور للعاملين وهي وجوبية الدفع بموجب التشريعات النافذة ، ولا يسلم الموظفون والمتقاعدون من الضرر وان كانت رواتبهم مضمونة الدفع ، فاعتبارا من يوم 16 من الشهر الجاري بدأ استحقاق دفع الرواتب ولكن من أين يستلمون ووزاراتهم ودوائرهم معطلة والمصارف متوقفة عن الأعمال ، ويتشارك في هذه المشكلة المشمولين برواتب الحماية الاجتماعية والعمال المشمولون بالضمان الاجتماعي ، كما تحل المصيبة على من يمتلكون الأموال ويدخرونها في المصارف الحكومية والأهلية عندما يكونون بحاجة للسحب ، إذ لا توجد منافذ للسحب فحتى إن توفرت مكائن للسحب الالكتروني في المولات وغيرها فان من الصعب ولوجها لان الحظر يمنع الوصول إليها كما إن تلك المكائن بحاجة إلى التغذية بالنقد من المصرف وهي متوقفة عن كل الأعمال ، ويبدو إن هذه المسألة ( كغيرها ) لم تأخذ بالحسبان عند فرض حظر التجوال ، وان معالجتها من خلال ( العطوة ) او بالترقيع غير ممكنة لان الأنظمة المصرفية ووسائل الصرف تعاني من حالات التخلف ، ومهما اتخذت خلية الأزمة من قرارات للمعالجة فان هناك حاجة لمراجعة الملايين لاستلام الرواتب او لسحب الإيداعات وهذا يتعارض مع حظر التجوال والحاجة للعزل في وقت يشكو فيه البلد من نقص مستلزمات الحماية الصحية للفرد مثل الكمامات والكفوف ، وربما سيشكل هذا الموضوع تحديا كبيرا يواجه خلية الأزمة قد يتحول إلى ضغوط بعد ايام ، لان الكثير من العراقيين ليست لديهم مدخرات منزلية نقدية ولديهم التزامات تتعلق بتوفير الأكل والشرب والمولدة والهاتف والإقساط والإيجارات والأدوية وحفاظات الأطفال وغيرها من المتطلبات التي تحتاج إلى سيولة ونقد ، فهل ستعالج الامورمن خلال حلول موضوعية أم ننتظر لحين وقوع الفأس في الرأس ؟!.

باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here