مع الشيعة في مصر (14)،

الدكتور صالح احمد الورداني
————
انتهيت من كتابي فراعنة وعبيد والشيطان يسكن مصر وقررت الرحيل من مصر بلا رجعة..
كان ذاك عام 2008م..
واتجهت لسوريا وهناك لجأت الى الامم المتحدة واعتمدت كلاجئ..
وتركت الساحة لهؤلاء المتنافسين الفاشلين..
خرجت من مصر بسبب الإحباط من الشخصية المصرية وليس لسبب آخر..
واستمرت اقامتى في سوريا ثلاث سنوات متصلة..
تمكنت خلالها من نشر الطبعة الاولى من كتابي فراعنة وعبيد والشيطان يسكن مصر في بيروت..
وتعرفت على واقع الشيعة والسنة في سوريا..
وتعرفت ايضا على النصيريين والاسماعيليين..
والاهم انني لمست وعن قرب الدور الايراني فيها..
كان الايرانيون يرتعون في سوريا وكـأنها مقاطعة ايرانية..
وقد شكل هذا استفزازا كبيرا للسنة هناك..
مع الاشارة الى ان منطقة السيدة زينب التى تمركزت فيها الحوزات ومكاتب المراجع والشيعة الوافدين والمقيمين..
هذ المنطقة هى منطقة سنية في الاساس وتحيط بها قرى سنية كان لها دور كبير في الاحداث التى وقعت فيما بعد..
وكان هناك اتفاق شفوي مع المخابرات ان لا القي اية محاضرات او اقوم بأي نشاط..
بالاضافة الى ان كتبى كانت محظورة خاصة تلك التى تهاجم ال سعود في تلك الفترة التى كانت العلاقة السورية السعوديين جيدة..
وقد استدعيت يوما لمكتب المخابرات وحدثنى الضابط المسئول عن حالة التوازن الطائفي الذي تنعم به سوريا..
وان الدولة لاتسمح بأية محاولة للإخلال بهذا التوازن..
قلت له : انا اتفهم هذا الكلام بل ادعمه بقوة..
وأفشى لى الضابط بسر غير معلن وهو ان بشار كان في زيارة لايران..
والتقى بالمرشد وطلب منه ان يخفف الايرانيون من نشاطهم في سوريا خاصة في مناطق النصيريين..
واشار بشار الى العديد من المشاكل التى وقعت بسبب الاحتكاك بين المبلغين الشيعة والنصيريين..
وهى مشاكل كنا نسمع عنها اثناء وجودنا هناك..
وعلى الشارع الرئيس المؤدى لمرقد السيدة زينب..
وبجوار مكتب الخامنئي او ما يسمونه بمكتب القائد وضع الايرانيون لافتة كبيرة عليها صورة الخامنئي..
ومكتوب على هذه اللافتة: اية الله العظمى السيد … ولى أمر المسلمين..
وتحت هذا الكلام سهم يشير الى جهة المكتب الذي كان قريبا من مكتب المخابرات..
وحدث ان جاء بعض رجال المخابرات الى مكتب الخامنئي وطلبوا منهم رفع اللافتة..
وتم رفعها ووضعت مكانها لافتة صغيرة ولكن مكانها كان على عامود الانارة بوسط الطريق..
وكتب عليها الى مكتب القائد ولى امر المسلمين..
وكان لى صديق من السنة وهو صاحب مكتب عقارات كنت الجأ اليه كلما احتجت لسكن..
ولم يكن يعلم شيئا عن توجهاتى العقدية..
وأثناء سيرى في الطريق معه مررنا على مكتب خامنئي فتوقف قليلا ونظر الى السيارات الواقفة على باب المكتب..
ثم قال : تعرف اخ صالح انا ممكن اكون مسيحي ولا يمكن ان اكون شيعي..
وصديقي هذا كان من اوائل الفارين بأسرته بعد الاحداث واستقر الان في السويد..
ورغم ما لاقيت وما لحق بي من اذى فقد رفضت استثمارى في اللعبة الطائفية واستغلالى في ضرب الشيعة..
واغلقت الابواب في وجه الاعلام المغرض وخزائن الوهابيين التي فتحت لى..
ولم يشفع لى ذلك عند الشيعة..
وكان قد نشر لى حوار في مجلة روز اليوسف قبل رحيلي..
وحمل الحوار عنوان: لن أسلم رأسي لأصحاب العمائم ،كنت الرأس الاكبر للشيعة في مصر والاسلام ليس شيعة ولا سنة..
وهو من عدة حوارات ومقالات أجريت معي عندما أشيع بارتدادي عن الشيعة وعودتي للسنة في ذلك الوقت..
ولم يكن الأمر سوى ضجة إعلامية مفتعلة وفخ صنعه الوهابيون لإيقاع الشيعة فيه وقد وقعوا بالفعل فيه..
والسبب في ذلك يعود للتعصب المذهبي والغباء الدعوي والتربص بالخصوم..
وليس في هذا الحوار أو في حوارتي الأخرى مايفيد بكفري باهل البيت وعودتي لمذهب أهل السنة..
وإنما الامر كان ينحصر في بعض الرؤى النقدية التي وجهتها للشيعة..
فقام السلفيون الوهابيون باستثمار نقدي للشيعة – والتعتيم على نقدى الدائم للسنة- في حربهم القائمة على الشيعة..
وقام الشيعة بإعلان الحرب علي وهو ما كان يريده الطرف الآخر..
وكلاهما انتصر لمذهبه ورجاله ولم ينتصر للدين..
وهو ما يكشف لنا مدى عمق الأزمة المذهبية التي نعيشها..
والتى تحولت فيها المذاهب إلى دين..
والخارج عنها هو خارج عن الدين..
واصبح أصحاب الشالات والعمائم أنبياء العصر..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here