ماذا بعد كورونا ..

بقلم: طارق الكناني

تعلمنا نحن العراقيون ان ننتظر المصائب في كل فترة زمنية ففي كل عشرة سنوات مثلا حرب وكل اربع سنوات مصيبة حكومية فآخر حرب خضناها هي حرب داعش وكانت حرب عالمية نسبة الى عدد الدول التي اشتركت بها ولكنها على ارضنا ،واليوم نخوض حربا جديدة كما هو حال العالم بأسره حرب بكتيرية او بايلوجية او سمها ما شئت  ضد فايروس اسمه كورونا وكالعادة عندما نخوض أي حرب نستقبلها بمعطياتنا العراقية هي عدم وجود اموال واستخفاف من قبل الشعب وهذه طريقة عراقية لا يمكن لأي شعب ان يعتمد عليها سوى العراقيين .فحرب داعش واجهناها بخزينة خاوية وفتوى شرعية وانتصرنا والحمد لله لأن العدو كان معلوما ويقاتلنا وجها لوجه واما الان فالعدو هو فايروس لا يرى بالعين المجردة ويحتاج منا الى وعي وتطور تكنلوجي نحن نفتقر اليه لمواجهة هذا الخطر ولكننا نرى الحكومة مشغولة عنه بأمور اخرى بعيدة عن هذا الهم العالمي فهي تبحث عن شيء اسمه الكتلة الاكبر .ومازالت خزينتنا خاوية وعاجزة عن توفير بضعة ملايين من الدولارات لمواجهة خطر الفايروس .

ليس هذا ما يهمنا الآن وما نريد ان نناقشه هو ما شكل العالم بعد هذا الوباء هل سيبقى على حاله ام سيشهد تطورا ام انهيارا ،فمن الواضح اننا نتجه الى حالة ركود اقتصادي كبيرة سنواجهها بعد انتهاء الوباء وربما تكون هي الاقوى من ازمة ثلاثينيات القرن الماضي بكثير فتعطيل الالة الانتاجية وتوقف المشاريع  اظهر لنا حجم الكذبة المسماة بالدول الصناعية الكبرى او الدول المتقدمة ،الانهيار المريع الذي تواجهه اوروبا في تفشي هذا المرض بصورة سريعة وضعنا امام صورة سوداوية قاتمة لحال القارة العجوز في الايام المقبلة (ايطاليا ،المانيا، فرنسا ،هولندا ،سويسرا ،بريطانيا، اسبانيا ) اجتاحها الفايروس وكذلك بقية القارة حيث كانت المواجهة ليست بقدر التحدي وفي تصريح لرئيس وزراء ايطاليا حيث قال (انتهت كل الحلول في الارض  وبقي حل السماء وحدها) او ما يقارب من هذا القول وهو اعتراف بالعجز الكامل عن مواجهة هذا الفايروس ،والحال لا يختلف في امريكا فهي اصبحت ثالث دولة واصبحت بؤرة لهذا الوباء ،اما كيفية انتشار هذا الوباء بهذه الصورة المخيفة فنحن لم نطلع على كافة والاسرار ولكن لنا النتائج الظاهرة .

الصين بالرغم من انها تعتبر مصدرا للوباء وتواجه اتهامات امريكية بعدم افصحاها عن المرض بوقت مبكر الا ان الصين ترفض هذه الاتهامات ولديها ما يثبت بأنها ابلغت العالم بوقت مبكر عن خطورة المرض وتفشي الوباء ،لقد استطاعت الصين خلال فترة الوباء ان تلتقط انفاسها وتواجه المرض بشكل حقيقي والحد من انتشار الفايروس وفي نفس الوقت تمكنت من تحرير اقتصادها من الهيمنة الامريكية وراس المال الاوروبي عند انخفاض اسعار اسهم الشركات حيث سعت الصين لشرائها بأسعار متدنية، وستعاود الصين بعد مدة قليلة نشاطها الاقتصادي بشكل كامل فهي تمتلك من الاحتياطي الكافي الذي يؤهلها لاستعادة عافيتها وسوقها الاقتصادي ،اذا علمنا ان مقدار النمو الاقتصادي السنوي للصين كان 6% في حين النمو في الولايات المتحدة الامريكية 2% ومن المرجح ان ينتكس هذا النمو في امريكا  الى اقل من هذا الرقم وسنرى الصين في السنوات القادمة ستكون الدولة المهيمنة على الاقتصاد العالمي وهذا ما تخشاه امريكا فهي تسعى جاهدة لخلق شراكة حقيقية مع الصين بدلا من اوروبا التي يعتقد الامريكان انها اصبحت عالة عليهم وبالمقابل ستواجه اوروبا ايام عصيبة من اجل البقاء وستخرج تماما من المعادلة الدولية .

ان شكل العالم سيتغير بعد هذا الوباء وربما تختفي دول وتنشأ دول اخرى وربما يصاحب هذا التغيير في العقائد والثقافات  وتنشأ مفاهيم جديدة بدلا عما سائد هو الآن ،واما في العراق سيبقى همنا الأول والأخير البحث عن الكتلة الكبر لغرض تشكيل الحكومة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here