لماذا أحب محمدا ﷺ ؟! (18)

قال تعالى :”لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ “.

إرحموا المساكين بعصر كورونا يا أصحاب الملايين تُرحَموا!

أحمد الحاج

وأنا أتابع وفاة الداعية السويسرية الشهيرة” نورا إيلي” وهي في عز شبابها (36عاما) بمرض عضال لم يمهلها طويلا بعد أن كانت من أشد المدافعات عن الحجاب والاسلام في أوربا ومن عباراتها”الإسلام حصن المرأة وقيمتها بالحجاب” هذه السويسرية التي تحمل شهادة الدكتوراه في “علم الأديان” ووالدها هو الطبيب السويسري المعروف ايلي فشنتياغيرد،كانت قد أسلمت في سن مبكرة وأسلم على يديها عشرات النساء في أوربا رحمها الله تعالى لما كانت عليه من إرادة لا تلين ورحمة لا تخبو وهمة لا تهدأ مقابل جفاء وشح الكثير من أبناء جلدتنا، قفز الى ذهني سؤال حائر الا وهو لماذا لم يسجل العالم كله بأن مطربا شهيرا واحدا ولا ممثلا معروفا ولا نجمة من عواهر هوليوود قد تبرع/عت في عصر وباء كورونا المستجد وقد أجلس 3 مليارات إنسان الى كتابة السطور في منازلهم بعيدا عن مصادر رزقهم ولو بعلبة كمامات أو قفازات أو معقمات للفقراء والمحتاجين فما بالك بمستشفى متنقل، مختبر للتحليلات المرضية ،أسِّرَةٍ طبية مخصصة لرقود المحجورين،أجهزة تنفس، وقلت علام تعشق البشرية هؤلاء المتهتكين والمتهتكات ولافائدة ترتجى من عشقهم مطلقا ،أفي السراء تعشقونهم وفي الضراء ينبذونكم ويولون من مساعدتكم الى منتجعاتهم وقصورهم الفارهة التي شيدت بأموالكم فرارا؟ أي عشق هذا وأي علاقة مشبوهة ومشؤومة خالية من ألوان الرحمة تلك ؟ وعلى التأريخ بدوره أن يسجل نهاية الرأسمالية الليبرالية الانتهازية غير الراحمة وليوثق كذلك بأن خصوم الليبرالية لن يسمحوا لها بالنهوض مجددا ولو بسنة الدفع والتدافع البشري وصِدام الحضارات مستقبلا !
شخصيا لم أقرأ عن دين سماوي ولا وضعي أولى الرحمة والتراحم بين البشر بكل فروعها من جهة، وبين البشر وجميع المخلوقات من جهة أخرى كالإسلام الحنيف حتى أن رسول الله ﷺ وبعد أن آذته قريش ولاحقته وطاردته وألبت القبائل ضده وحاولت إغتياله مرات حين طلب منه بعض أصحابه أن يدعو على المشركين قَالَ ﷺ :”إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا ،وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً”، وهو القائل ﷺ:” الرَّاحمون يرحمهمُ الرَّحمنُ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السَّماء، الرَّحمُ شجْنةٌ من الرَّحمن فمن وصلها وصلهُ اللَّهُ ومن قطعها قطعه اللَّهُ” وقوله ﷺ: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا،ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم : أفشوا السلام بينكم ” وقوله ﷺ :” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” أما عن وصاياه بالإنفاق في أوجه الخير المختلفة وصلة الأرحام وبر الوالدين ورعاية الأرامل وكفالة الايتام والمساكين ، وإحترام الجيران وإغاثة الملهوفين وتنفيس كرب المكروبين ونصرة المستضعفين وإمهال المدينين ورفع الظلم عن المظلومين وعيادة المرضى وتفقد ومساعدة المحتاجين، فالأحاديث النبوية الصحيحة والحسنة في ذلك بالعشرات حتى أن المحدثين صنفوا كل باب منها في بابه لكثرتها، وفي هذه الرحمة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة قال القس الاميركي السابق الدكتور جوزيف إستس، بعد إسلامه وتغيير إسمه الى يوسف والذي أسلم على يديه الالوف :” نعم لقد خسرت الماديات الا انني كسبت الله ورسوله،وأفخر بأن الله عز وجل قد وفقني لدعوة الكثيرين إلى الإسلام” سبقه الى ذلك القس البروفيسور ديفيد بنجامين كلداني ،الذي أسلم وغير اسمه الى عبد الاحد داود ،والف كتابه ذائع الصيت ( محمد في الكتاب المقدس) وجاء فيه : في اللحظة التي آمنت فيها بوحدانية الله، ونبيه الكريم ،بدأت نقطة تحولي نحو السلوك النموذجي المؤمن” .

ورب سائل يسأل “وما أدراك أن المشاهير لم يتصدقوا ؟”وأقول أولا أنا أتحدث عن الغالب الشائع وليس عن القليل النادر، ثانيا إن سيرة مشاهير الفن وحياتهم الشخصية من زجاج مكشوفة ،حتى أتفه تفاهات ما يقومون به مُتابع على مدار الساعة تلاحقهم وكالات الأنباء أولا بأول أينما حلوا وإرتحلوا ،إضافة الى وجود ما يعرف بـ الباباراتزي ومصوري الفضائح وغيرهم وهؤلاء لا يتركون شاردة ولا واردة عن المشاهير الا وأذاعوها بين الناس وبالتالي فإن تبرعا بملايين الدولارات لن يخفى ولن يحجب إطلاقا ، ثالثا إن المشاهير يعشقون الأضواء وحب الظهور والشهرة ولو تبرع أحدهم بـ 20 دولارا لصور ذلك ونشره على حسابه في تيليغرام وأنستغرام وأمثالها أو تم تصويره من دون علمه ليحصل على دعاية مجانية تحصد ملايين المتابعات والمشاركات والتعليقات والدولارات $$..والذاكرة البشرية الى يومنا تحتفظ ببضعة دولارات تصدقت بها ،مارلين مونرو، في خمسينات القرن الماضي على بائعة زهور في مطعم حتى ان الحادثة لا تفتأ تذكر كلما ذكرت مارلين في أي مقال وكتاب وفيلم وثائقي عنها، مونرو عميلة المخابرات الاميركية التي أغتيلت بعد فضيحة جون كنيدي قد دُون إغتيالها على أنه إنتحار وما هو كذلك بالمرة ، طبعا أنا أقصد بالفنانين هنا نجوم هوليوود وما يسمى بنجوم الواقع ومن على شاكلتهم من مطربين ومطربات ،ممثلين وممثلات عرب وأجانب .
أما عن إنجيلينا جولي فهذه لم نسمع لها صوتا حتى الان الا اذا إستخدمتها اليونسيف والأمم المتحدة للدعاية والنشر،وقد جادلنا إدارة فرع اليونسيف للشرق الاوسط وشمال افريقيا في عام 2010 بعد أن أرسلوا الينا أنا ومجموعة من الصحفيين للمشاركة في أحد مؤتمراتهم عن أنفلونزا الخنازير ويومها إستعانوا بنانسي عجرم في حملتهم فقلنا لهم “لماذا نانسي وليس أحد الأطباء المختصين ؟” فإنزعجوا أيما إنزعاج ولسان حالهم يقول”هذا مو شغلكم”وبإختصار،إن ” الرأسمالية الليبرالية تتهاوى وعلى الجميع أن يقتنع بذلك،ويستعد لمرحلة مابعد الليبرالية والفردانية وليعلم الجميع أن مابعد الفردانية في حال لم يشغل بالرحمانية ” رحماء بينهم ” أو بما يعرف بـ”القوة الرحمانية الراحمة”فإنه سيشغل حتما بما يعرف بـ” الاستبدادية الانتقائية الوحشية القاصمة “ولنا فيها كلام في القريب العاجل بإذنه تعالى !”.
سألني أحد الأخوة الأفاضل وماذا عن سفراء السلام من الفنانين ومنهم الساهر وأين هم الان ؟ قلت أما عن الساهر فسبق أن كتبت مقالا في هذا الشأن أيام مخيمات النازحين يوم وصلتها – جولي – فيما لم يظهر فيها الساهر ولامرة ولخمس سنين متواصلة من معاناتهم الكبرى في الفيافي والقفار،صيفا وشتاء، لا في مخيمات العراقيين ولا بمخيمات السوريين ،كتبت المقال عندما انسحب من برنامج The Voice Kids معللا انسحابه ،بأنه “لم يعد يحتمل ولايطيق دموع الاطفال الخاسرين خلال التصفيات” وقلت “وماذا عن دموع الأطفال النازحين من السوريين والعراقيين في مخيمات اللاجئين ؟! وليضع الفنانون نصب أعينهم بأن كورونا هذا لايفرق بين الأغنياء والفقراء ولعل وفاة عازف الساكسوفون الكاميروني الشهير مانو ديبانغو ،في فرنسا بسبب كورونا خير دليل !
كما أدعو حكام الدول كافة من رؤساء وملوك وأمراء وسلاطين وبالأخص بعد وضع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ،في الحجر الصحي لشكوك تحوم حول أصابتها بالوباء بعد مخالطتها أحد الاطباء المصابين ،وإصابة كل من ولي عهد بريطانيا الامير تشارلز،والرئيس المنغولي خالتما باتولغا،إضافة الى إصابة أمير موناكو ألبرت أمير،والرئيس الفنلندي،السابق مارتي اهتيساري،الحائز على جائزة نوبل للسلام ،ووضعهم بربطة المعلم في الحجر الصحي ،أقول أدعوهم للتنازل عن نصف رواتبهم الشهرية،ونصف ثرواتهم الإجمالية، لمواجهة كورونا ليس في الجانب الصحي فحسب بل وفي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية أيضا وهي أخطر في بلدانهم من تداعياته الصحية بمراحل فهو يهدد وبحسب منظمة العمل الدولية اكثر من 25 مليون انسان بالفصل من وظائفهم في مرحلته الاولى ويهدد الاف المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالافلاس وما يترتب على ذلك من تسريح جميع منتسبيها، والدعوة موصولة الى جميع الأثرياء والمشاهير والرياضيين وأصحاب رؤوس الأموال وكبار التجار وملاك الشركات حول العالم أن يحذوا حذو ما قام به الإسباني غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، ونجم برشلونة الارجنتيني ليونيل ميسي ،حين تبرعا بمبلغ مليون يورو لكل منهما لمكافحة كوفيد – 19 ، كل ذلك على إثر وفاة الرئيس السابق لنادي ريال مدريد الإسباني لورينزو سانز، وحجر العديد من الفرق الرياضية العالمية،كان آخرها وليس أخيرها حجر لاعبي نادي غلطة سراي التركي بعد إصابة نائب رئيس النادي بالوباء وزوجته وأبنائه ،فإرحموا المساكين بعصر كورونا يا أصحاب الملايين تُرحَموا كما أمرنا النبي الاكرم ﷺ :
” الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنى، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله”،فهلموا وتصدقوا، وتراحموا،وتعاونوا،وكونوا عباد الله اخوانا لمواجهة الفتن والمحن ووباء كورونا . أودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here