نيويورك تايمز: ضربات أمنية واقتصادية متتالية تواجه المواطن العراقي

يعاني العراق على كل الأصعدة كافة تقريباً، بعد تراجع عائدات النفط، مصدر الدخل الرئيس للحكومة، والفشل في تشكيل حكومة منذ استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في نوفمبر الماضي، وتفشي فيروس كورونا وفشل الحكومة في الحصول على مساعدات مادية لمكافحة الفايروس، وفقاً لتقرير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

وأضاف التقرير أن فرض حظر التجول لمحاولة مكافحة تفشي الفايروس، أدى إلى إغلاق المحلات التجارية، وفقدان أغلب الموظفين غير الحكوميين لوظائفهم.

وعلى الجانب الأمني، لا تزال الفصائل المسلحة المدعومة من إيران تشن هجمات منتظمة على القوات الأميركية، آخرها يوم الخميس عندما سقط صاروخان بالقرب من السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، مما يهدد بجر العراق بصورة أكبر إلى صراع أميركي إيراني، وفقاً لتقرير الصحيفة.

من جانبه، قال رياض الشيحان، (56 سنة) عسكري متقاعد، في تصريحات للصحيفة: “هذه أسوأ أيام عشناها في العراق، لقد عشت الحرب العراقية الإيرانية، الانتفاضة، صدام حسين، لكن هذه الأيام أسوأ”.

وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات العراقية أعلنت تسجيل 547 حالة إصابة مؤكدة بالفايروس التاجي حتى يوم الأحد، ولكنها تقوم باختبارات محدودة للغاية، مؤكدة أن الرقم الحقيقي أكبر بعدة مرّات.

بدوره، أكد الاقتصادي باسم أنطوان، مستشار رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، إن ما يجعل الوضع قاتماً في العراق هو أن مزيج الأزمات التي يعاني منها قد قضى على الاقتصاد بأكمله تقريباً.

وقال “إن الوضع الاقتصادي الحالي أسوأ مما رأيناه من قبل لأنه تم تعليق جميع القطاعات الإنتاجية، إننا نشهد شللًاً شبه كامل في الحياة الاقتصادية، لا توجد صناعة ولا سياحة ولا وسائل نقل وتتأثر الزراعة إلى حد ما”.

وأشار أنطوان إلى إن احتياطيات العراق تبلغ 62 مليار دولار وهو ما يعتبره صندوق النقد الدولي غير كاف.

وخلال الأسابيع الماضية زادت معاناة الاقتصاد العراقي بعد انخفاض أسعار النفط إلى أقل من النصف بسبب حرب الأسعار بين السعودية وروسيا، فقد أصبح سعر البرميل نحو 30 دولاراً، بدلاً من 60 دولاراً في نهاية كانون الأول الماضي.

وأكد فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، إن انخفاض الأسعار وجه ضربة قوية للاقتصادات المعتمدة على النفط، لكن الضربة الأقوى ستكون للعراق بسبب الأزمات التي يعانيها .

وقال: “العراق أكثر الدول تأثراً، لأنه ليس لديه احتياطيات مالية ولأن 90 في المائة من عائداته تأتي من النفط، وكل هذه الضغوط الاقتصادية تأتي في بيئة سياسية متوترة للغاية بالفعل”.

بينما أكد سعيد جياشي، عضو مجلس الأمن القومي، وهو أيضا عضو في لجنة مكافحة فايروس كورونا التابعة لرئيس الوزراء، أن الحكومة أنشأت صندوقاً للتبرعات لمساعدتها خلال هذه الفترة، وإنها جمعت أقل من 50 مليون دولار، مشيراً إلى أن الحكومة تعاني حالياً عجزاً شهرياً يزيد عن 2 مليار دولار فقط للنفقات الجارية.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن القطاع الخاص في العراق محدود، وقد تعرض لضربة قوية بسبب فرض حظر التجول على مدار 24 ساعة بعد تفشي فيروس كورونا، ومد الحظر حتى 11 نيسان القادم.

وأضافت أن عمال البناء والباعة المتجولين وسائقي سيارات الأجرة اضطروا إلى البقاء في منازلهم، بسبب الحظر، مما أدى إلى تفاقم معاناتهم، لأن معظمهم يعيشون على ما يكسبونه يومياً، وليس لديهم مدخرات وأنهم قد يصبحون قريباً على حافة الجوع.

وقال عراقيون للصحيفة إنه من الصعب القول إلى متى يمكن تحمل مثل هذا الألم الاقتصادي الهائل، لكنه صعب بشكل خاص في غياب القيادة السياسية.

كان العراق يواجه بالفعل أسوأ أزمة سياسية منذ سنوات قبل أن يتفشى الفايروس وتهبط أسعار النفط، فقد وخرج مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع منذ تشرين الأول مطالبين بحكومة جديدة وعزل الطبقة السياسية الحاكمة وإنهاء النفوذ الإيراني.

وقال حسن علي، 20 سنة، شاب عراقي كان يقوم بزيارة مرقد ديني في بغداد على الرغم من حثه على البقاء في المنزل، إنه يرفض تحذير الحكومة لأن العراق ليس لديه حكومة.

وأضاف: ” الحكومة ضعيفة للغاية، إنها متعبة للغاية، ليس لديهم حل للأزمات، ولا حل للشباب الذين ليس لديهم وظائف، لا يمكن لأحد الاعتماد على الحكومة “.

يذكر أنه في منتصف شهر آذار، قال وزير الصحة، جعفر صادق علاوي، إنه سيحتاج إلى 150 مليون دولار شهرياً لشراء المعدات التي يحتاجها لمكافحة الفايروس، لكنه لم يجمع سوى جزءاً صغيراً من هذا المبلغ، مما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة فايروس كورونا في العراق في الأسابيع القادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here