أوهام الانقلاب العسكري الأمريكي و..ارتشاف حليب العصافير!!

بقلم مهدي قاسم

بين فترة وأخرى ينشر أحدهم خبرا ملفقا ـــ دون أن يتحمل
عناء دعم الخبر بمصدر موثق ــ مفاده أن الأمريكيين على وشك تدبير انقلاب عسكري في العراق ، وفي الواقع وضمن هذا السياق نحن نسمع أو نقرأ أخبارا مختلقة منذ سنوات طويلة ، وقد سبق لي أن كتبت مقالا أو أثنين داحضا مثل هكذا أخبار ملفقة و بينت عدم وجود أية عوامل واقعية
ولو في حدها الأدنى لنجاح مثل هذا الانقلاب حتى ولو إن الأمريكيين جاديين فعلا في ترتيب مثل هذه الخطة الانقلابية ..

لأنه وبكل بساطة أن أحد أهم عوامل انقلاب عسكري في بلد
ما لنجاج انقلاب عسكري ، يستوجب وجود جيش مسلكي مسيطر عليه من قبل قادة عسكريين الذين يتمتعون بولاء و إخلاص و طاعة عمياء لهم في صفوف الجيش نفسه استجابة وتنفيذا للأوامر ، بينما إن جيشا و قادة من هذا القبيل لا يوجد في العراق حاليا، بقدر ما يوجد جيش قادته من ذوي
ولاءات طائفية و قومية مختلفة و متعددة و كذلك الأمر باقي الضباط الصغار ومراتب الجيش الأدنى تراتبيا ، فضلا عن إن الجيش العراقي نفسه مخترق بأجهزة مخابرات أجنبية متعددة لعلها أكبرها بالدرجة الأولى هو المخابرات الإيرانية والأمريكية و الأردنية والتركية وغيرها ،
فمن هنا استحالة نجاح أي انقلاب عسكري في العراق راهنا ، فضلا عن وجود ميليشيات بمئات آلاف من مقاتلين ذوي ولاء إيراني مطلق ، و مسلحة باسلحة ومعدات لا بأس بنوعيتها ، ستساعدها على مقاومة أي انقلاب عسكري يهدف إلى تصفية النفوذ الإيراني في العراق وبالتالي افشاله
ربما بتدخل مباشر من قبل النظام الإيراني نفسه، إذا اقتضت ضرورات المصلحة القومية العليا الإيرانية ذاتها بوصفها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه حتى ولو بالتنضحية بنصف الشعب العراقي.

هذا دون أن نتحدث عن التوافق الأمريكي ــ الإيراني في
العراق بعد إسقاط النظام السابق بالرغم من مناوشات ومصادمات شكلية بين أمريكا وإيران على أرض العراق و بضحايا عراقيين عادة .

ومن ثم لماذا تعمل أمريكا انقلابا عسكريا في العراق
في الوقت الذي هي نفسها أسقطت النظام السابق ومن ثم سلمت ـ طوعا لأسباب محيرة و غير واضحة حتى الآن ــ زمام السلطة لأزلام النظام الإيراني في العراق ، مع علمها الجيد أن هؤلاء الأزلام و الأحزاب وميليشيات قد أُسست في إيران و تحت إشراف المخابرات الإيرانية وبالتالي
فأنها ذات ولاء مطلق للنظام الإيراني بل المدافعة الشرسة عن مصالحها القومية والحيوية في العراق ؟ .

لذا فيجب على مختلقي اخبار الانقلاب العسكري في العراق
ومرّويجها أن يدركوا ويعرفوا بأنه يوجد فارق كبير بين التمني والحلم والخيال وبين الواقع الفعلي ..

هذا دون أن نسأل ساخرين :

ــ هذا أي انقلاب عسكري مضحك عندما تنتشر أخبار خطته
مسبقا حتى قبل التفكير أوالتنفيذ بها أو أخذها بجدية أكبر ؟!!.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here