إيران توفد خليفة سليماني لتشكيل تكتل شيعي رافض للزرفي

عقد جديد تحاول طهران إبرامه مع القوى الشيعية في العراق – بعد نفاد العقد السابق الذي انفرط مع مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني – تزامنناً مع قرب انتهاء المهلة الدستورية الخاصة بتشكيل حكومة جديدة.

يقابله تصاعد في التصريحات الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران، على إثر تلميحات باحتمال توجيه ضربة عسكرية لأذرع طهران في العراق (فصائل مسلحة)، في وقت تسربت فيها أنباء عن وصول صواريخ “الباتريوت” الى القواعد الأميركية في البلاد.

ويقول مصدر سياسي عراقي، إن اسماعيل قاآني، وهو خليفة سليماني الذي قتل مطلع العام الحالي بغارة أميركية قرب مطار بغداد، وصل مؤخراً الى البلاد لإنشاء تفاهم جديد بدل الذي انتهى بمقتل الجنرال السابق.

وأعلن المرشد الايراني علي خامنئي، تعيين قاآني في نفس اليوم الذي أُعلن فيه مقتل قاسم سليماني، بحسب وسائل إعلام إيرانية.

ويعتبر قاآني من أبرز قادة الحرس الثوري، في حرب الثماني سنوات التي جرت بين العراق وإيران.

ويؤكد المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه في تصريح لـ(المدى) أن “الكثير من القيادات الشيعية كانت تعمل تحت إمرة سليماني، وقاآني جاء ليحمل خارطة عمل جديدة”.

وطالبت قوى سياسية، عقب مقتل سليماني ونائب الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، وهددت باستخدام السلاح ضدها.

ويشير المصدر السياسي القريب من أجواء مفاوضات تشكيل الحكومة، أن “الثقل الإيراني الموجّه ضد عدنان الزرفي غير مسبوق هذه المرّة”.

وغالباً ما كانت ترسل طهران موفدها السابق، قاسم سليماني، الى بغداد في اللحظات المفصلية، كالمتعلقة في اختيار رئيس وزراء، أو حتى في أوقات الاضطرابات والاحتجاجات.

إيران تخشى خسارة العراق

كان المصدر وهو قيادي في إحدى القوى الشيعية الكبيرة، يقول إن “الوقت هذه المرّة مختلف، هناك منعطف تاريخي يحدث في العراق، وتعتقد إيران إنها إذا لم تتدخل هذه المرّة بقوة فستخسر العراق بشكل نهائي”. وترى أطراف شيعية، وبعضها تصرح بشكل علني، أن الزرفي هو جندي اميركي في العراق، ولن تسمح بتمريره.

وقال القيادي في عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي، جواد الطليباوي، في تصريح صحفي، إن بعض المعادين يسوقون اليوم “للمشروع الأميركي وتمهيد الطريق لجندّيهم البار عدنان الزرفي”.

والزرفي (54 عاماً) كان قد هاجر الى الولايات المتحدة عام 1994، حتى عاد بعد اسقاط النظام السابق، ضمن فريق “إعادة إعمار العراق” الذي شكله بول بريمر رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة التي حكمت العراق من عام 2003 إلى عام 2004. ووفق وسائل إعلام مقربة من طهران، أن قاآني وصل الى بغداد، أول من أمس، والتقى بزعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وعمار الحكيم زعيم تيار الحكمة. وقد يلتقي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وآخرين، في مدينة النجف.

وبحسب تحليل المصدر، فإن الثقل الايراني غير المسبوق هذه المرة، جاء لأن ملف العراق أهم من “حزب الله” في لبنان، أو سوريا، أو اليمن. مضيفاً: “إيران تعتبر العراق ورقة الضغط الأهم ضد الولايات المتحدة وغير مستعدة لخسارتها”.

وقبل يومين قالت وسائل إعلام مقربة من حزب الله اللبناني، إن القوات الأميركية اتخذت قراراً خلال الساعات الماضية بضرب 10 مقرات تابعة لمنظمة بدر، عصائب أهل الحق، النجباء، وكتائب حزب الله.

بالمقابل قال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو، أمس، إن بلاده “سترد على أي تهديد يطال الأميركان كما حصل في العراق”.

وكانت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة، قد أخلت في الأيام الماضية، أربع قواعد عسكرية في العراق. بالمقابل نشر فيديو- لم يتسنَ لـ(المدى) التأكد من صحته- يظهر جنوداً أميركيين وهم ينصبون منظومة باتريوت المضادة للصواريخ، في قاعدتي عين الأسد والحرير في غربي وشمالي البلاد.

بالتزامن مع ذلك، أعلنت حركة النجباء، إحدى فصائل الحشد الشعبي، إن “المقاومة ضد الأميركيين لن تتوقف”، سواء مع حكومة صديقة أو عدوة للولايات المتحدة.

وقال معاون الأمين العام لحركة النجباء نصر الشمري في تصريحات صحفية، أمس، إن “المقاومة الإسلامية جاهزة لسحق كل قواعد الشر الأميركية ومنظوماتها الورقية”، في إشارة الى صواريخ باتريوت.

أغلبية لصالح الزرفي

وفي خضم ذلك التصاعد، كان المكلف بتشكيل الحكومة عدنان الزرفي، قد نشر تغريدات حول إيران، وتحدث عن أهمية الموقع الجغرافي للبلدين (العراق وإيران)، وكشف أيضاً عن أنه قد يقوم بدور وسيط بين واشنطن وطهران. ويقول المصدر السياسي الذي شهد عدداً من الحوارات الأخيرة لتشكيل الحكومة إن “الزرفي لديه أغلبية شيعية تؤهله لتمرير حكومته”، رغم الضغوط الإيرانية.

وكان تسجيل صوتي منسوب للسياسي والنائب السابق عزة الشابندر، كشف فيه أنه مرشح مع اثنين آخرين بدلاً عن الزرفي، وهم: وزير الداخلية السابق قاسم الاعرجي، ووزير الرياضة السابق عبد الحسين عبطان.

ودعا الشابندر، وفق التسجيل، بأنه يخوض حوارات الآن لإقناع الزرفي بالاعتذار عن التكليف، أو تشكيل أغلبية شيعة لرفض الأخير في البرلمان.

بالمقابل قال المصدر السياسي الشيعي إن “اكثر من 100 نائب شيعي يدعمون الزرفي، وهم من كتل سائرون، النصر، الحكمة، الفضيلة، وآخرون من قوى متفرقة”.

كما قال إن القوى الكردية مؤدية الزرفي أيضاً، وأغلب السنّة كذلك، والباقين ينتظرون جلسة طرح الثقة.

وأكد المصدر أن بعض نواب الكتل الشيعية المعارضة “تلقوا تهديدات في حال تأييد الزرفي أو حتى الادلاء بأي تصريح يصب في مصلحة الأخير”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here