جدلية انسان ودين…أم جدلية حاكم وشعب .. مَن يُسائل مَن …… ؟

جدلية انسان ودين…أم جدلية حاكم وشعب .. مَن يُسائل مَن …… ؟
د.عبد الجبار العبيدي
—————————————————————–
هذا حديث تاريخ وسياسة وفكر، وليس حديث دين وايمان وعقيدة ،حديث اسلام وليس حديث مسلمين ،حديث كاتب يعاصر القرن الحادي والعشرين ، لكنه يتعايش وينتمي لخمسة عشر قرنا من الماضي السحيق أورثته التخلف والانحباس الفكري العميق، لذا فهو قد يخطأ عن غير قَصدٍ، وقد يصيب عن عَمدٍ. يُخطأ حين تركبه العاطفة ، ويُصيب حين يتعايش مع العقل .
هكذا كُتب تاريخنا حين ركبت العاطفة المؤرخ ، فجاءت كتابات المؤرخين على الحدس والتخمين .. وان ملكوا السَند احيانا لكن سندهُم كان بلا دليل.ففسروا الاحداث تفسيرا طوباويا لمجرد ان يرضي السلطان وحاشيته المتنعمين منذ ان ظهرت دولة فقهاء المسلمين .. كما يحدث اليوم في عراق المنهارين بخوفهم وأرتجافهم من المصيرحين سرقوا المال وقتلوا المحتجين كما قتلت “أطوار بهجت وغيرها كثير”؟ في عهد المحتلين.
ولعمري هذا ليس بتاريخ كُتبَ على الصحيح .. ولا احاديث أنبياء نقلت بأيمان العقائديين، انما هي روايات وهذيان…كتبت بتضليل؟.وحين كتبنا منهج الدراسة رسخنا الخطأ في عقول الأجيال فاصبح نزعه مستحيل من عقولهم اليوم الا بسندٍ وبيان وبالتغيير الكلي لمجتمع ضاعت فيه القيم والانسان والمعايير.
لا ندري أهي روايات تاريخ ومؤرخين حقاً …؟ أم هي دين و سياسة …ولا ندري من يحكمون اليوم أي دين واية سياسة بهما يؤمنون.. ؟ أم هي مرجعيات سياسيين ..أم هي فقهاء احاديث مزورة ..أم روايات سطنة وسلطان ؟ .ان النهاية تثبت بنظرهم ان الدين والسياسة وجهان لعملة واحدة كلاهما مزورفي نظر المعتدين .. والا لصدقوا فيما يقولون..مادام الاعتقاد عندهم يشمل المصحف والسيف معا. أما دين الحقيقة فقد ضاع مع موت صاحبه محمد(ص) الذي اراد له ان يكون دينا وسياسة عادلة لانسانية الانسان دون تفريق…ونسينا حتى من وقف مع الامة وقاوم سياسة الخطأ منذ عصر الامويين والعباسيين..ولم يؤخذ برأيهم فحل الخراب محل السياسة الرشيدة والدين..”عمر بن عبد العزيز الاموي(ت101 للهجرة) ،والامام جعفر بن محمد الصادق (ت 148 للهجرة)في بداية عصر العباسيين”كلاهما رفض الخلافة دون معايير..حين قالوا: ان الخلافة هي اصلاح أمة وليست حاكمين.. لذا علينا ان نجهد في الفكر لنثبت الحقيقة الغائبة لدينا اليوم ونغير من منهج الدراسة والتاريخ برعاية حاكم صادق لا من جوقة المنافقين ..الفاسدين..الذين يدعون بأهل البيت والصحابة كذبا وتزويرا …كما نراهم اليوم في سلطة العراقيين.
ان الذين يرفعون الراية في تطبيق الشريعة عليهم ان يعلموا ان تطبيق الشريعة ليس هدفا في حد ذاته،بل وسيلة لغاية لا ينكرها احد من دعاة التطبيق ، لاقامة دولة دينية رغم ان زمانها قد فات بمقاييس العصر المتحضرالجديد، لكن الدين لا يُستغنى عنه حين تكون المبادىء هي البديل.لقد رفعوا بالامس شعار ان الاسلام دين ودولة كما في جماعة الاخوان المسلمين ، وحزب التحرير، وحزب الدعوة ، وقالوا ان الاسلام وشريعته يمثل حلقة الربط بين مفهوم الدين ومفهوم الدولة وحقوق الناس كما في (محمد باقر الصدر اعدم سنة 1980) ،لكن أتباعه تنكروا لمبادئه وخانوا الأمانة والدين..أما أصحاب (الماوردي ت 450 للهجرة)،فقد آمنوا بنظرية الدين والسياسة وجهان لعملة واحدة “الأحكام السلطانية “كما نقرأ ونفهم من كتابات الغزالي( ت505 للهجرة)” الضرورات تبيح المحضورات .. أنظر كتابه الأقتصاد في الأعتقاد ص217″،لكن اتباعه ، فشلوا ان يوظفوا الدين لخدمة الدولة والناس أجمعين بعد ان تأكدت لعبة العزل والحصار دعما لاستقرار الحاكم والطغيان كما في كتابه ايضاً “أحياء علوم الدين ص124”..حتى رفع الشعار المضاد ضدهم جميعا بقناعة المنطق اليوم وهو احسن شعار يمثل مؤسسة الدين الحالية بشقيها س و ش “بأسم الدين باكونه الحرامية “.
نحن حين نقرأ لا نبحث عن اهداف الحاكمين .. المعلنة ،بل نبحث عن الحقيقة المطبقة حين يحكمون الدولة وكيف يطبقون…اي الحقيقة والسياسة والمجتمع والدين وكيف يعملون،ولكن حين نتابعهم في شعاراتهم واهدافهم نرى ان لا برنامجا سياسيا ولا دينيا يعرفون ليطبقون،فلا نقرأ لهم نظرية في المجتمع ، ولا نظرية في الاقتصاد ، ولا في التعليم والصحة والتطور التكنولوجي الذي عاصرته الشعوب الاخرى وتقدمت به .. وهي بلا دين كما في اليابان والصين.
بل نقرأ لهم حياتان يؤمنون بهما ، حياة دنيوية وحياة أخروية ..جنة ونار…سيف وهذيان .. وكذب وبهتان ..قتل وأغتصاب لحقوق الأنسان.. وحور العين وغلمان ..وهم على الأرائك متكئون..وما ملكت ايمانهم من النساء وحتى بدون عقد أحصان .. ووعد ووعيد لمن يخالفهم .. ولا غير..والمصيبة ليس اليوم ،بل منذ ان أسسوا دولة الامويين والعباسيين ..بعد ان مات القادة الأولين وتركها للمتخاصمين على السلطة والمال ..حتى قال قائلهم :”ما سُل سيف في الاسلام مثلما سُل على الخلافة والسطة والمال..وها هم اليوم كما كانوا على الطبيعة نراهم يتصارعون على السلطة والمال..حكام العرب والعراقيين مثالاً.
لقد اوجد لنا الفقهاء نظرية سَد الذرائع … وولاية الفقيه .. والمهدي المنتظر التي بها يتحججون ويظللون الأخرين من المغفلين ، وما دروا ان الحكم يقوم على فكرة العدل السياسي لا تخريفات رجال الدين.. وبدونه فهو ردة الى الوراء ليستوحوا عهد أردشيروكيف كتب في شئون الحكم والسياسة حين اصبح الاعداد الحضاري عندهم لم يسبق الحركة التاريخية ففشلوا وماتت دولتهم منذ زمن بعيد..
حين تقرأ في الثورة الفرنسية (1789) ترى انها قامت على اعداد فكري حضاري هيأ الأذهان لتصور جديد لنظام سياسي احسن .. قائم على الحرية والاخاء والمساواة بصحيح..ورغم ان الثورة الفرنسية انتكست احيانا لكن الشعوب استيقظت وعرفت حقوقها حتى دخلت في صراع دائم لتحقيقها فحققت المستحيل. من هذا التصور يخشى من يحكم الوطن العراقي اليوم بالحديد والنار ثورة احرار تشرين1919 التي اصبحت تهددهم بصحيح فعملوا على قتل شبابها وتشويه سمعتها خوفا من نهايتهم على أيديها…لكنهم كانوا اغبياء لم يعرفوا ولم يعوا حركة التاريخ..التي تقول ان الاطار السياسي السليم هو ضمان كل تقدم لاقامة نظام سياسي ناجح جديد وبدونه لا يكون الا الفشل والتخريب.
ان ثورة الشباب التشرينية ثورة ذات مغزى حضاري في مجرى التاريخ قائم على الوعي في اذهانهم والتي خلقت منهم قيادة واعية اصبح من المستحيل نزع افكارها الواعية منها..هذه القيادة الواعية للمحتجين اخذت طابع الصفوة التي تقود وتوجه وتبتكر وتبني وتنظر الى الامام وتحسب حساب الزمن الذي اهملته الطبقة السياسية الغبية التي تحكم اليوم وحسبته تهديدا لمستقبلها ..واكثر ما تخشاه ان تتحول هذه الصفوة المختارة الى فئة متميزة عن غيرها بعكس من تؤمن بها جماعة الخيانة..ساعتها تتكون القيادة الحكيمة صاحبة المبادىء التي لا يمكن صدها …كما في جماعة الثورة الفرنسية والكوبية حتى نجحت وحولت السلطة الى دولة القانون.
ان اول نجاح باهر حققته ثورة الجماهير العراقية اليوم هو انها ايقضت في فكر الجماهير ان من يحكمون الوطن اليوم هم جملة من الخونة والنصابين الذين جاء بهم الاحتلال ليدمروا وطن العراقيين..وأنهم ليسوا أصلح هذا الشعب لكي يقودوه .. بعد ان ثبت ان الحكم الذي جاؤا به هو “حكم عضوض” الذي لا يرغبون بمشاركة الجماهيرفيه ..حتى تحول الوعي اليوم الى غضب جماهيري عارم لا يمكن التراجع عنه بعد ان خسروا اخوانهم الذين اشعلوا فيهم حالة الرغبة في الخلاص من حكم المغتصبين.اذن لابد من مبادىء جديدة تحكم الدولة قائمة على دستورية الحكم وسيادة القانون بصحيح.
هذه الحالة مرت بها الدولة الرومانية في القرن الخامس الميلادي على عهد الامبراطور”أفيتوس” التي سقطت سنة 456 للميلاد والتي عاش فيها امبراطور روما وظل الظلم والدولة يطبق على الشعب بلا حسيب ولا رقيب …حتى انهارت قيم الحياة المقدسة وسلطان الضميرعندهم فأصبحوا يعيشون همجاً من الناحية المعنوية في اطار حضاري متقدم كما يعتقدون..نعم.. التاريخ لا يعيد نفسه لكن الاحداث تأتي متشابهة في ازمان مختلفة…لذا فأن التاريخ يقول ان العملية السياسية العراقية …..حتماً ستزول..
الدولة ليست محاصصات وظيفية وسرقة اموال ومنافع اجتماعية وامتيازات فردية وخطب فارغة وتسميات وهمية يصرح بها المسئولون الاميون في السياسة والدين وحقوق المواطنين كما في تصريحاتهم اليوم ..بل الدولة هي منطلق الجد والجدية والأعتقاد والهيبة العسكرية والاستقلال الوطني،وحقوق مواطنين ..هكذا قالتها كتب السماء وأيدتها القوانين .فالدولة قانون تحكمها ، عدالة وقانون ودين يراقبها ، وانسان مخلص ينفذ قوانينها في الحقوق والواجبات وليست ضيعة للحاكمين كما في عراقنا اليوم .. بعد ان مرغوها في الوحل واستغلوها خلافا للدين والقيم .هكذا سيندمون كما ندم الامبراطور الروما ني “أفيتوس” سنة 456 للميلاد وهو محاصر في دولة انهارت اركانها ..فوقف شاخصا منتحرا امام الفاتحين.. ؟
ان أكثر الامبراطوريات التي انهارت قبل آوانها هي تلك التي لم تدرك ان المهارات الفكرية والعملية السياسية اللازمة للخطوة التاريخية في بنائها والمحافظة عليها هي حركة بنائية سابقة للحركة التاريخية المعاشة فيها… التي تستلزم التحول التاريخي والتنظيمات الادارية والقانونية وادراك اهمية الوحدة الوطنية وفهم آمن الدولة والنظام ككل.هذا هو الذي لم تدركه العملية السياسية العراقية اليوم لأعتمادها على اشخاص لا يملكون الكفاءة الادارية والسياسية والولاء الوطني في حكم الدولة..واشخاص عُميت عيونهم بالامتيازات يصفقون ..ناهيك عن ضعف النفوس امام المال والسلطة..والتبعية للأخرين.
ان هؤلاء الحكام ما كانوا يعلمون ان لاصعود ولا تقدم الا اذا كانوا متعاونين ومترابطين لمجابهة الصعاب التي يواجهون من جراء اهمال الحقوق والقانون..ولم يدركوا ذلك الا حينما ننشأ بينهم الوعي الجماهيري الذي نبههم على الذي هم فيه والغون ..فهل لا زال وعي الضمير غائباً لم تصل اليه جماعة الحاكمين ..وهم يرون ان جملة مصاعب تحيط بهم..أنهم اغبياء لا يدركون.
.ومهما عملوا وفكروا ووعوا اليوم.. عمل اخر لم يفكروا به يفوق الاخرين هو عامل الزمن الذي فاتهم ..لان مهما عملوا وتقدموا لايمكن الغاء عامل الزمن الداخل في حدوث التغيير، فالزمن والحدث هو التغيرالذي نسميه اليوم صيرورة الزمن او جدلية التاريخ والذي هم أهملوه لانهم اغبياء لا يفهمون………..أم الذي نقوله بلاغة افترائية عليهم ، أم عجز القدرة وقدرة العجز الذي هم فيه والغون.هؤلاء الذين ما فكروا يوما بان الزمن يلعب دورا في عملية التغيير.
.لم نقرأ في التاريخ ان استهان الحاكم بالوطن مثلما يستهان به اليوم من قبل قادة العراق الجديد من احزاب اللا اخلاق واللا اخلاق بلا حدود.
.نعم ذاك زمان مضى…كان الأنسان فيه يملك بقية من اخلاقية الانسان والدين؟.
فماذا هم اليوم يملكون ….؟ فمَن يحاسب …مَن …في دولة ضاع فيها الوطن والانسان والدين والقانون؟ هل سيُحاسبون …؟ انها جدلية بين الانسان والدين ..نعم سيحاسبون مثل سابقيهم الذين ماتوا ندما على ما فعلوا دون تقدير..
نقول للسيد رئيس الجمهورية ..كفاية..بيدك السلطة اقدم على حل مجلس النواب اللامنتخب والتخلص من كتل الخونة والمآجورين…وطرد عبد المهدي الخائن المستقيل ، فهؤلاء لا يعرفون حقوق الوطن والشعب لانهم غرباء عن العراقيين ووطنهم …ولا تبالي فالشعب معك ؟ أو تتنازل عن السلطة وتدع الشعب يفعل ما يريد.
نقول لمن يريد ان يكون رئيسا للوزراء..كفاية..
لا تماطل ولا تتفاوض معهم ،ولا تقبل منهم رأيا .. بل افعل لأبعادهم ..والتوجه بتحديد من قتل المتظاهرين وتقديمهم للقانون ..واجراء موعدا محددا للانتخابات بهيئة مستقلة جديدة غير ملوثة منهم..وتختار وزراؤك من ساحات التحرير وبخلافه لا تبقى تماطل وتلف وتدور دون معرفة القانون والاصول وتقديم مؤسستك الوزارية لبرلمان كتل المنافقين .. ولا تذهب كما ذهب علاوي المتردد دون مآسوف عليه لتقصيره في الاقدام ومعرفة حقيقة التغيير….الجبن ليس من طباع العراقيين .
كم كانوا قادة العراق بعد 2003 أغبياء حين فضلوا انفسهم والمال والسلطة والغرباء على الوطن والشعب..فماذا لو كانوا العكس …لاصبحوا قادة بحق وحقيقة مثل جورج واشنطن ومهاتير محمد في ماليزيا ..والوطن مثل سويسرا الشرق الاوسط.. فغدا ستهرب ايران المنهارة الراغبة في تدمير الوطن والشعب اليوم عنهم.. فلينتظروا ..لكن الفعل دوما دليل الأصل..فكيف يصل من لا اصل له في حكم الشعوب بالقيم..والقانون
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here