يَنسى الإنسانُ فيُنسى!!

يَنسى الإنسانُ فيُنسى!!

عندما أقرأ بمنظار سلوكي ما يدور في الأرض وما يحيطها من الأكوان , أحسبها كائن حي له قوانينه ومعادلاته السلوكية , التي لا يمكن الخروج عنها أو الإستهانة بها , وأي إضطراب في التفاعل سيؤدي إلى إجراءات لإعادة الأمور إلى نصابها , لكي تبقى محافظة على دورانها وديمومتها الأبدية.

وقد كتبت العديد من المقالات التي تتناول الأرض وسلوكها ونفسها وروحها وما فيها وما عليها , وكيف أنها لا تسمح بتجاوز ثوابتها وخطوطها الحمراء , وعلينا أن نستوعبها كوعاء حاضن للموجودات التي فيه.

وتكملة لما مضى من المقالات وجدتني أكتب , أن النسيان آفة حضارية فاعلة في صناعة الكوارث وتوليد الحروب والصراعات والتفاعلات السلبية ما بين البشر , فحالما ينشغل البشر ببعضه ينسى عدوه الحقيقي الذي يعد العدة للإجهاز عليه.

حصل ذلك بعد الحرب العالمية الأولى بقليل , عندما إنشغلت البشرية بالعدوان على جميعها , وإذا بفايروس الإنفلونزا الفتاك يهاجمها ويقضي على أضعاف ما قضت عليه الحرب.

وفي القرن الحادي والعشرين , إنهمكت البشرية ببعضها وسخرت قدراتها للنيل من وجودها , وما عاد يعنيها قتل الأبرياء وتشريدهم وترويعهم , وراحت تتحدث عن حروب تجارية , وتؤجج صراعات متنوعة , وتصب جهودها في السلبيات والسيئات , وأمعنت بظلمها وبث شرورها , فباغتها العدو اللامرئي الكامن المتحين للفرص , الذي ينازلها بين فترة وأخرى , وإذا به يعطل حياتها ويضعها على شفا الوعيد الجديد.

باغتها العدو الفايروسي المسمى كورونا كوفد 19 , وزعزع أركان الحياة في أقوى الدول وأكثرها تقدما وتطورا , وها هي البشرية تقف واجمة أمام صولة العدو الذي أغفلته , وحسبت أن إبن نوعها هو عدوها الحقيقي.

ومنذ نهاية الشهر الأخير من عام ألفين وتسعة عشر وحتى اليوم , يصول الفايروس ويجول , ويفتك بالبشر والدول , لجميع يستغيث من وباله المستطير , ومن عدم القدرة على المواجهة الحاسمة معه , وتدعو جميع المواطنين إلى الإعتصام في بيوتهم والعمل الجاد على منعه من طرق أبوابها.

فهل تيقنّا أن عدونا الحقيقي الذي علينا أن نكون دائما مستعدين لمنازلته , هو العدو اللامرئي الذي يستطيع القضاء على وجودنا بسرعة فائقة , ولن تحمينا منه أسلحتنا التي إبتكرناها , فهو الأقوى والأعتى والأشد فتكا من كل سلاح , إنه سلاح الأرض وما أدراك ما لديها من أسلحة , فارحموا أمّنا بتعاملكم مع بعضكم بحسن الخلق وبروحية المصير المشترك.

وهل لنا أن نتعلم الرحمة والتُقى , فنُسعد الأرض ونبهجها ولا نغضبها؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here