مع الشاعرة دوريس خوري

بقلم : شاكر فريد حسن

دوريس علَمْ خوري شاعرة إنسانية رومانسية رقيقة، مسكونة بهاجس الغياب والضياع والوجع اللبناني والهم الإنساني. وهي فلسطينية أصلها من لبنان، ولدت لأب لبناني وأم فلسطينية، قدمت إلى بلادنا سنة 1976، لبيت جدها في حرفيش، إبان الحرب الأهلية اللبنانية، وتقيم في بلدة البقيعة في الجليل الأعلى.

تعتز دوريس بلبنانيتها، وتنتمي لفكر إنساني تأملي عميق وشامل، يمتزج لديها الخاص بالعام، وتعيش همومها الخاصة التي لا تنفصل عن هموم موطنها الأول ووطنها الحالي.

تتنوع كتاباتها بين الشعر والبحث العلمي والمقالة الأدبية والاجتماعية وأدب الاطفال. وهي تكتب القصيدة بكل أشكالها وألوانها، بما فيها القصيدة العمودية، وباعترافها أنها لا تحب القيد، وتعمد إلى قصيدة النثر غالبًا.

صدر لها : عودة الآلهة، جلباب العبودية، نسائم لبنانية، أجنحة الغد، مسرحية اشتقتلك يا بلدنا، عانَقَتني شمْسُها، ولِنشيِدكِ طقْسٌ “.

وما يسم قصيدة دوريس خوري التكثيف والترميز والاختزال، وصدق الإحساس، ورقة المفردة، ونقاء الحرف، وعذوبة الموسيقى الداخلية، والجمال اللفظي، والشفافية والرومانسية، وغنى الصور الشعرية الجديدة المستوحاة من الطبيعة الخضراء الخلابة.

وهي في قصائدها تحاكي الطبيعة والبحر والسماء والمرأة والوطن وربوع الجليل وهموم فلسطين وعذابات الإنسانية، رافضة الحروب والعنف، وداعية للمحبة والإخاء والسلام وتعايش الشعوب.

ومن نافلة القول، أن نصوص دوريس هي من شعر الفطرة والموهبة والحياة، وما يميزها الوضوح في الصياغة والفكرة والموضوع والخيال، وبمنتهى الرقة والطلاوة والجمال التصويري الفني، تشيع بنزعة قومية وطنية، وأقرب إلى رومانسيات شعراء المهجر اللبنانيين.

ولنقرأ هذا النموذج من أشعارها، حيث تقول :

عشِقتُ الليالي

وسهرَ الليالي

وثوبُ الحبيبِ … يرفُّ عليَّ

فيُرَفرِفُ الشِعرُ

بَوْحَ عطورً

ورفَّ نسورً

تعودُ اليَّ

تروحُ وتغدو

فأعُصُرُ خمراً

بأقداحِ عمري

أدبحُ قولاً

كلاماً … كريماً

عميقَ المعاني

أطوَّقُ فوق الجراحِ … الجراحْ

غزالاً وأهفو

على بتلاتِ الحنين

ندىً وظلالَ هيامْ

غباراً على الطرقِ

الموحشة

يُعيدُ لي الذكرياتْ

يُدوِّخُني الطوْفُ عند المساءِ

على الطرقاتْ

وتهدأ روحي

بليلِ اليتامى

وحُلمَ القُدامى

وأرجو مع الفجرِ

حُلْماً تسامى

أخافُ من الظُلُماتِ اللئيمة

أخافُ غَداً قد تُمَدُّ اليْ

تديرُ الخرابْ

تَزيدُ العذابْ

وتمطِرُ ناراً جحيماً سعيرًا

فَتُحْرِقُ في العينِ كلَّ الدموعْ

تُلَوِّحُ في الصدرِ كلَّ الضلوعْ

يُطاردني في الظلامِ خيالٌ

فاتركُ خلفي عمرًا فعُمْراً

تدورُ بي الأرضُ شبراً فشِبْرا

ويَمْلأ كأسي عويلَ الذئابْ

ويقتُلُ ناسي الغيابُ الغيابْ

السرابُ السرابْ

لابئسَ ما تصطفيه الذئابْ

فأينك يا طيرُ ردَّ لي الحُلمَ

أطلقْ لنفسي لهيب الأماني

وبوحَ حناني

فهلا أتيتَ وحققتَ حُلماً

مع الوقتِ عند

اكتظاظِ الزمانْ ؟!

أعِنّْي أيا طيرُ خذني لِجَنْحِكَ

كفْكِفْ لُهَاثي على دفْءِ صدرِكْ

فَطِرْ بأمانً

وعُدْ بأمانً

وهِبْني سلاماً سلاماً سلام

وصدراً حنوناً

ودِفْئاً بَتولاً

هناكَ أنامْ …

هناك أنامْ …

أنامُ … أنامُ … أنامْ !

دوريس خوري شاعرة انيقة مجيدة، تكتب بإحساس وخيال خصب فسيح ورحب، وتأتينا بقصائد مميزة شكلًا ومضمونًا، زاهية الصور، تمتزج فيها ألوان قوس قزح، وذات ايقاعات خاصة ونسيج متين ومعاني جزلة ورؤية إنسانية ثاقبة.

فللصديقة الشاعرة دوريس خوري أجمل التحيات وأطيب الامنيات بدوام العطاء، ولها الحياة العريضة الأجمل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here