أظلم نهار في العراق:

بقلم الكاتب: ألفيلسوف الكوني عزيز الخزرجي

في مثل هذه الليلة 7 على 8 نيسان عام 1980م كان فقيه الفقهاء و فيلسوف الفلاسفة و أخته العلوية الأطهر من الطهر يتعرّضان لأشد أنواع التعذيب في زنزانات الأمن السوداء الرهيبة, للحدّ آلذي جنَّ جنون برزان البدوي المجرم و أخوه صدام الأجرم و الأجهل, حين شهدوا صمودهم العقائدي الذي حيّرهم, و ظنوا أنهم بقتلهم للصدر و العلوية العلى سيخبوا صوت الحق في العراق للأبد و سيستمرون في العبث بعقول العراقيين ..

في مثل هذه الليلة التي إستشهد صوت الحق في العراق للأبد؛ كُنت و مجموعة صغيرة لا تتجاوز العشرة من المؤمنين الذين كنا نعيش وقتها كأصحاب الكهف لكن بإمتداداتنا في كل العراق نجوب بغداد و المحافظات نتوسل بآلذين نعرفهم من أرحامنا و أصدقائنا لفعل شيئ بعد ما تشتت شملنا في الكاظمية يوم عبّئنا الناس في المنطقة لتشيع الأمام موسى بن جعفر(ع), كنا نتوسل حتى بآلنساء لنصرتنا و لفعل شيئ لأن الصدر لو قتل بدون صوت معارض ؛ فآلعراق سينتهي و لا تهنؤون بعيش أبدأً .. حتى قلت لبعضهم: و كأني بكم بعد غدا و حين يتنمر اللعين عليكم .. مقهورين : منكسرين؛ منبوذين ؛ تبيعون حتى الشرف و لا من مجيب لسد جوعكم و تقليل ذلتكم .. فهبوا آلآن ولا تُعادونا .. فنحن آخر القافلة المباركة إن قتلنا أو رحلنا فلا معين لكم!!

ما آلمني في كل تلك المواقف موقفين:

الأول: جاء خال أمي رحمه الله و قد رمى بوجهي بعض الكراريس التي تحث الأنسان على التمسك بآلقيم و الشرف, قائلاً: خذ كتبك هذه التي أعطيتها لإبني, لأني لا أريد أن تفسد عقله .. قلت له على الفور ؛ يا خالي : و هل تدري ما في هذه الكتب !؟ إنها كتب العلامة المرحوم محمد حسين فضل الله يوصينا بآلنبل و الصلاة و العمل الصالح, ولا يأمرنا بآلفساد و شرب الخمور!؟

قال على الفور: ليتعلّم إبني – و كان إبنه الوحيد – شرب الخمور في هذا الظرف و هو أفضل له بكثير من جهنمك هذا!

ألموقف الثاني: إلتقت باحد أبناء بلدتي التي ولدت فيها (بدرة), ولم أحدثه بشيئ لمعرفتي بأن الناس وقتها كانوا يترقبون كلمة أو إشارة أو حتى شرب سيكارة (روثمان) ليكتبوا علينا تقريراً لنيل جائزة حقيرة لا تساوى وجبه طعام ربما!

إلتيقه بعد ما تبادلنا السلام و الأحوال, و بدأ يتلفت و يُحدّق في وجهي و مظهري الذي كان على الدوام إنيقاً و مقبولاً للتغطية على صفة التدين لسهولة التحرك؛ ثم قال: سمعت بإعتقال (محمد باقر الصدر)!؟

حركت رأسي ولم أتفوه بكلمة .. فقال:

ماذا كان يريد هذا السيد .. عليه أن يصلي و يصوم كباقي المراجع و الناس المؤمنين, فإنه بآلتأكيد كان لديه شيئ .. و إلّأ لماذا لم يلقوا القبض على أقرانه أو عليّ أنا؟

قلت له : الله أعلم بآلأمر .. ربما لأنك مع الحكومة كما أنا معها” نعمل .. لأجل لقمة خبز .. لكن البعض يعتقد بأن الجسد يحركه روحٌ لا بد من الحفاظ على كرامتها, أما أنا و أنت فلا نعرف هذه الأمور ..

قال : يعني تعتقد بأنهُ كان على حقّ و نحن و الحكومة على باطل!؟

قلت له : لم أصرح بآلضبط بما تفضلت به .. بل قلتُ ربما يعتقد بذلك, لأنه درس العلوم وحقيقة أصل الأنسان و ليس مثلي و مثلك .. و الله ألاعلم!؟

كان بودي لحظتها أن أخنقهُ .. لكني تعقلت لحظة, بعد وصول صوت الغيب يحذرني بآلقول:

مهلاً يا عزيز .. كل العراقيين مثل هذا الغويّ و لا يعلم حتى علمائهم الحقّ سوى ظاهر منه, فإتركه و إكمل مسيرك بآلهروب من هذا الحجيم بعد إيصال رسالتك (رسالتي كانت إيصال بيان خاص لجميع قوى المعارضة العلمانية و الأسلامية للتوحد ضد صدام, و كانت بضمن كاسيت مسجل نعطيه لمن نثق به) ..

و حين أكملت مهمتي و خرجت من العراق و إلتقيت بالعراقيين الهاربين رأيتهم بحق أنهم إنما هربوا من الجيش العراقي لا أكثر و لا أقل و ما إنضمامهم للمعارضة خصوصا الأسلامية إلا لأجل راتب و مأوى للعيش لا من أجل عقيدة و هدف .. و كما أثبتوا هذا عملياً بعد سقوط صدام, و لم يكن أحدهم ينتمي بحق لنهج الصدر المظلوم .. لا من قريب و لا من بعيد .. بل لم يكونوا و ربما لحد هذه اللحظة يعرفون معنى الولاية و سبب إستشهاده ..

لهذا .. عليكم أيها الناس معرفة الولايةو نصرتها .. لئلا تكونوا شهداء البطن غداً و كما أضحت آلجموع التي إدعت إنتمائها للأحزاب وفي المقدمة أعضاء حزب دعاة اليوم الذين لم ينتمي أحدهم قبل الثورة الأسلامية له, و بات وكما تشهدون حال معظم إن لم أقل كل العراقيين للأسف بسبب فقدان الثقافة الأنسانية ناهيك عن الأسلامية التي إنعكست بآلضد من مصالح المجتمع لفقدان أصل الولاية في وجودهم ..

لأن الولاية أهم من الصوم و ا لصلاة و الحج و غيرها من العبادات الشخصية!
و أخيراً : إعلم أخي القارئ المثقف إن تعاونك مع الآخرين لفتح منتدى الفكر و الثقافة هو أداء جزء من حقّ هذا الشهيد المظلوم.

الفيلسوف الكوني عزيز الخزرجي

وإليكم آخر كتاب عن هذا الشهيد العظيم المظلوم من قبل كل اهل العراق:

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B4-%D9%87%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B8%D9%84%D9%88%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85-%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5-%D8%AF%D8%B1%D8%9B-%D9%81%D9%82%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%82%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D9%88-%D9%81%D9%8A%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81%D9%87-pdf

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here