إدارة الازمات في المطارات المدنية والخطوط الجوية

إدارة الازمات في المطارات المدنية والخطوط الجوية
د.مجيد خليل حسين / نائب رئيس مجلس الطيران العالمي في مونتريال (كندا ) سابقا
الحلقة الثالثة
مفهوم الأزمة
الأزمة مصطلح قديم ترجع أصوله التاريخية إلى الطب الإغريقي وتعني نقطة تحول بمعنى أنها لحظة قرار حاسمة في حياة المريض. وهي تطلق للدلالة على حدوث تغيير جوهري ومفاجئ في جسم الإنسان، لذلك فقد شاع استخدام هذا المصطلح في القرن السادس عشر في المعاجم الطبية، وتم اقتباسه في القرن السابع عشر للدلالة على ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الدولة والكنيسة، وبحلول القرن التاسع عشر تواتر استخدامه للدلالة على ظهور مشكلات خطيرة أو لحظات تحوّل فاصلة في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولقد استعمل المصطلح بعد ذلك في مختلف فروع العلوم الإنسانية وبات يعني مجموعة الظروف والأحداث المفاجئة التي تنطوي على تهديد واضح للوضع الراهن المستقر في طبيعة الأشياء، وهي النقطة الحرجة، واللحظة الحاسمة التي يتحدَّد عندها مصير تطور ما، إما إلى الأفضل، أو إلى الأسوأ.
يعرف بيبر الأزمة ( Bieber)
بأنها نقطة تحول في أوضاع غير مستقرة يمكن أن تقود إلى نتائج غير مرغوب فيها إذا كانت الأطراف المعنية غير مستعدة أو غير قادرة على احتوائها أو درء مخاطرها
واستخدمت كلمة (أزمة )على نطاق واسع في حقل “ادارة الازمات” ضمن بحوث ودراسات “علم الادارة” و”الادارة العامة” التي اخذت على عاتقها تأطيرها علميا، وتحولها الى مفهوم علمي قائم على وجود خصائص للازمة ودوائر وتعريفات خاصة وان اختلف حولها الباحثون
سمات الازمة
ذكر ستيف البرت في كتابه إدارة الأزمات تميز الأزمة ست سمات للازمة
وهي:
1-المفاجأة: وتعني أن الأزمات تحدث بدون سابق إنذار، أو قرع للأجراس بل بشكل مفاجئ؛
-2-نقص المعلومات: وتعني عدم توفر معلومات عن المتسبب بهذه الأزمة، ويعود السبب إلى النقص في المعلومات، خصوصاً إذا كانت تحدث لأول مرة؛
-3-تصاعد الأحداث: عند حدوث الأزمات تتوالى الأحداث لتضييق الخناق على أصحاب القرار؛
4-فقدان السيطرة: جميع أحداث الأزمة تقع خارج نطاق قدرة وتوقعات أصحاب القرار فتفقدهم السيطرة والتحكم بزمام الأمور؛
-5-حالة الذعر: تسبب الأزمة حالة من الذعر فيعمد صاحب القرار إلى إقالة كل من له علاقة بوقوع الأزمة، أو يلجأ إلى التشاجر مع معاونيه ؛
-6-غياب الحل الجذري السريع: الأزمات لا تعطي مهلة أو فرصة لصاحب القرار حتى يصل إلى حل متأن، بل بسرعة لا بد من الاختيار بين عدد محدود من الحلول واختيار أقلها ضررا.
خصائصها :
-1-تمثل الأزمة نقطة تحول جوهر ينطوي على درجة من الغموض وعدم التأكد والمخاطرة
2-تتطلب قرارات مصيرية لمواجهتها أو لحسمها
3-تسبب حالة عالية من التوتر العصبي والتشتت الذهني وذلك لانطوائها على عنصر المفاجآت.
4-تهدد القيم العليا أو الأهداف الرئيسه للمنظمة.
5-تتسم أحداثها بالسرعة والديناميكية والتعقيد والتداخل، وقد يفقد أحد أطراف الأزمة أو بعضهم السيطرة على مجرياتها؛
6-تتطلب الأزمة معالجة خاصة، وإمكانيات ضخمة
مراحل الازمة وادارتها
تقسم مراحل الازمة ومن ثم ادارتها الى
1-مرحلة الصدمة :وهو الموقف الذي يتكون نتيجة الغموض ويؤدي الى الارباك والشعور بالحيرة وعدم التصديق لما يجري وهي مرحلة تتناسب عكسيا مع مدى معرفة وادراك الانسان.
2-مرحلة التراجع :تحدث هذه المرحلة بعد حدوث الصدمة, وتبدأ بوادر الاضطراب والحيرة بالظهور بشكل متزايد ويصاحب ذلك اعراض منها زيادة حجم الاعمال التي لا جدوى منها (الاعمال الفوضوية)
3-مرحلة الاعتراف :وهنا تتجلى عقلانية التفكير – فيما بعد امتصاص- الصدمة حيث تبدا عملية ادراك واسعة ومراجعة للازمة بغية تفكيكه.
4-مرحلة التأقلم : حيث يتم استخدام استراتيجيات معينة بالاضافة الى استخدام الموارد البشرية والمادية في المنظمة للتعامل والتخفيف من آثار اللازمة.
وما لم يتم التعامل بذكاء وحذر في هذه المرحلة فان الامور سوف تتجه الى بخط بياني نحو الكارثة. وقد اطلقت على هذه المرحلة تسميات اخرى من ابرزها، مرحلة الانذار المبكر او مرحلة اكتشاف اشارات الخطر, وهي بهذا المعنى اولى خطوات ادارة الازمة تليها مجموعة اساليب وقائية وسيناريوهات معينة تتابع احداث الازمة وتحدد لكل فرد في فريق الازمة، دوره بمنتهى الوضوح. وتهيئ وسائل عمل تحد من الاضرار وتمنعها من الانتشار.
والى هنا نكون قد وصلنا الى المرحلة التالية من مراحل ادارة الازمة الا وهي مرحلة استعادة النشاط وتشتمل على اعداد وتنفيذ برامج قصيرة وطويلة الاجل سبق وان تم اختبارها بنجاح على ازمات مشابهة وعادة ما تكتنف هذه المرحلة، روح الحماس تقود الى تماسك الجماعة وتكاتفها،في مواجهة الخطر.
واذا كانت السمات والخصائص التي تطرقنا اليها تحمل صفة (العمومية ) بمعنى انها صفات لكل انواع الازمات في المواقع المختلفة ، كالتعليم وادارة المشاريع وشركات التجارة ، فان ما يجب ان نلتفت اليه هنا هو ان الازمات في قطاع الطيران المدني تحمل خصوصية متفردة ، هي أن حوالي نصف حوادث شركة الطيران الدولية من المحتمل أن تكون في الخارج ، في مكان “بعيد “،في حين ان الازمات في بقية الانشطة الاقتصادية تقع في مجال العمل اليومي لمدرائها ،
اما المطارات فأن الأزمات التي قد تتعرض لها، تتماثل بشكل عام مع ازمات الخطوط الجوية في مسألتي الأمن والعمليات التشغيلية
و تعد المطارات من المنشآت الحيوية التي يمكن استهدافها خلال الحروب والاضطرابات السياسية، وبذلك فإن الهجوم عليها يحقق مكاسب معنوية مهمة ويتسبب في خسائر مادية واقتصادية وسياسية واجتماعية، وبالنسبة لأزمات العمليات التشغيلية فعواملها متعددة منها: تعطل الأنظمة التشغيلية، وانقطاع التيار الكهربائي، والتقلبات الجوية، وحوادث الطيران.. وغيرها ..
معايير تصنيف الأزمات في المطارات المدنية والخطوط الجوية
، معدل تكرارها ، مدى التأثير ، درجة الشدة ، المستوى، كلية أم جزئية ،علاقاتها ومحاورها -مدى عمقها وتغلغلها
عوامل مهمة تسهم في التخفيف من الآثار الناتجة عن الأزمة
1-سرعة التعامل مع الحدث
-2-وضوح أدوار ومسؤوليات الجهات المعنية
-3-التواصل بشفافية مع المسافرين والجمهور من خلال قنوات التواصل التقليدية وبرامج التواصل الاجتماعي
أبرز الأزمات التي يمكن أن تتعرض لها المطارات
-*استهدافها خلال الحروب والاضطرابات السياسية-
*تعطل الأنظمة التشغيلية
*انقطاع التيار الكهربائي
*التقلبات الجوية
*حوادث الطيران
( ICAO ) ألزمت منظمة الطيران العالمية المطارات الدولية بالتدريب على الأزمات والحالات الطارئة،
ووضعت ما يقرب من 14 سيناريو لما يحتمل أن يحدث داخل المطارات يتم ضم هذه السيناريوهات ضمن خطة طوارئ المطار ويتم مراجعتها والتفتيش عليها بل يتم التدريب بإشراف سلطة الطيران المدنى وهى السلطة الرقابية والمعاونة أيضا ويتم التفتيش عليها ، وذلك للتأكد من جاهزية هذه المطارات وصلاحيتها لاستقبال مثل هذه الحالات الطارئة،و لا يمكن حصول أى مطار على رخصة تشغيل دولية دون أن يكون لديه الإمكانيات والتدريب والخطط لتنفيذ ذلك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here