: أحتلال واحد أم أحتلالينفي ذكرى أحتلال العراق

د.عامر صالح

في التاسع من نيسان/ أبريل عام 0320 ، أطاح جنود ألأمريكان بتمثال رأس النظام السابق في بغداد. وبعد مرور سبعة عشر عاماً، تبين أن الحرب، التي كلفت مئات الآف الضحايا، وأوقعت الشرق الأوسط في حالة من الفوضى “بنيت على أكاذيب أمتلاك النظام السابق لأسلحة الدمار الشامل”. لم يستغرق الأمر أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الغزو الأمريكي للعراق، ليظهر مشهد الإطاحة بتمثال صدام حسين في بغداد عبر ملايين الشاشات حول العالم. ودخلت هذه الصورة في الـتاسع من نيسان /أبريل من عام 2003 الى الذاكرة الجماعية. لكن حتى بعد مرور سبعة عشر عاما عليها، لا تزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة. أولها هو السؤال عن عدد ضحايا حرب العراق عام 2003 والفوضى العارمة التي تلت ذلك بين السكان المحليين. إذ تتحدث معظم التقديرات عن عدد ضحايا يتراوح بين 150 ألف ونصف مليون قتيل. حتى أن بعض الأبحاث الجادة تحدثت عن أرقام أعلى بكثير من هذه الأرقام، إذ سجلت المجلة الطبية الأقدم والأشهر في العالم “لانسيت” في عام 2006 عدد وفيات إضافية تجاوز الـ 650 ألف حالة وفاة. وذلك بالإضافة إلى ضحايا العنف، تم الأخذ بعين الاعتبار أيضاً ضحايا عواقب البنية التحتية المدمرة ونظام الرعاية الصحي المتهالك في البلاد.

.

ومن الطبيعي أن تكون حصيلة تلك الظروف والتحديات تعثرات في مسارات التنمية بعد أن شهد المجتمع العراقي التدهو والشلل التام في جميع المستويات: الفرد، المؤسسات والمجتمع. فعلى مستوى الفرد أدت إلى شيوع حالة من التوتر والصراع الداخلي، و الى الأحساس بالأحباط وعدم الرضا، وفي إقامة علاقات ذات مضامين نفعية ضيقة، والفشل في أداء الدور على النحو المرسوم اجتماعيا. أما على المستوى المجتمعي، فأدت إلى ظهور مشكلات اجتماعية وسلوكية معقدة, في مقدمتها توقف عملية التنمية، وانهيار المؤسسات الأجتماعية، وضيق فرص العمل، وتدهور أوضاع الأسرة، وتراجع النظام التعليمي والصحي والخدماتي بصورة عامة، وضعف وسائل الضبط الأجتماعي الرسمية وغير الرسمية، مما فسح المجال واسعا لشتى أشكال العنف والأرهاب والجريمة، وتعاظم أعداد العاطلين والمشردين والمهجرين وأطفال الشوارع، والمتسولين والمرضى والمعوقين، وغير ذلك من الفئات المهمشة ذات القدرات المتدنية التي غالبا ما تفشل في مواجهة تيارات الحياة فتضطر للبقاء في قاع المجتمع خارج الشعور بالأنتماء والمواطنة, كما أدت هذه الاوضاع الى استشراء فئات من المضاربين والسماسرة والمحتالين والطفيلين” من داخل السلطة السياسية ومن خارجها أو بتواطئ منها ” الى جانب الصور المتعددة للجريمة المنظمة, من تعاطي المخدرات, والعنف والارهاب, والفساد الاداري والمالي والسياسي والهدر العلمي والمعرفي وغيرها.

دية وسياسية نتاج لتفاعلات داخلية ذاتية في مؤسسة النظام, رغم أن النظام كان يمر بأزمة اقتصا الدكتاتوري لم يكن سقوط النظام واجتماعية خانقة تؤهله للسقوط وعدم البقاء, ولكن القمع والأضطهاد السياسي أضعف القدرات الموضوعية المتمثلة بالقوى المعارضة له مما جعلها غير قادرة أن تتصدر عملية اسقاطه, وجعلها لاحقا متخلفة عن احتواء الفراغ السياسي الذي نتج بعد اسقاطه من خلال وكان الفراغ السياسي بعد سقوط النظام ذو شقين, أولهما جماهيري سياسي حيث لا تمتلك القوى .العالمية العسكرية بقيادة أمريكاالقوى السياسية قاعدة شعبية منظمة كافية ومعبئة لكي يؤهلها لقيادة التغير, والشق الآخر هو فكري ايديولجي حيث ان اغلب القوى السياسية بعد سقوط النظام لا تمتلك مشروعا وطنيا واضحا ينقذ العراق ويشكل بديلا صالحا عن النظام السابق المنهار, فحل التي شغلت الفراغالبديل السياسي المحصصاتي الطائفي والأثني المدعي للمظلومية التاريخية والقائم على ردود الأفعال والبعيد عن سنة الصراع يل الدعم الكامل من قوى الاحتلال الامريكي ومتناغما مع اجندته في أضعاف العراق كقدراتالاجتماعي وقوانينه, وقد لقي هذا البد

.ذاتية

لقد قدر للعراق وشعبه أن يمر بظروف تاريخية قاسية ذات طبيعة كارثية أسهمت بشكل كبير في تشكيل مزاج عام أدى إلى تأخير مما فسح المجال إلى نشأة بدائل سياسية ذات طبيعة عقليةـ معرفية معوقة الديمقراطية,حالات اختمار حقيقية صوب مخاض للديمقراطية في غالبيتها,ولكنها انطلقت لتمارس الديمقراطية السياسية استنادا إلى ظروف العصر الضاغطة وظروف العراق بشكل وعندما حصل التغير كنموذج بديل عن النظم الديكتاتورية الموروثة. خاص التي لا تقبل بغير الديمقراطية والتعددية السياسية الحقيقيةمما ” رغم ملابساته الكثيرة وصعوبة هضم آلية التغير” فأن الفراغ السياسي شكل سمة مميزة للوضع السياسي, 2003في العراق عام مستغلا الظروف التاريخية للاضطهاد ليمعن في مهد الطريق إلى خيار الاستحواذ السياسي متخذا من الطائفية والعرقية واجهة له وسياسته التي لا تلقي الاستحسان والقبول والإجماع والرضا من قبل شعبنا,وبدلا من أن تحل البرجماتية السياسية ” أي قياس مصداقية د والسلاح في اليد الأخرى لقبول الفعل السياسي بنتائجه العملية على ارض الواقع ” فقد حلت البرجماتية المدججة بالسلاح ” الحوار بي”.أمر الواقع

عشر عاما من الفشل تركت أزمة ضعف المشاركة السياسية والشعبية الواسعة إلى أحساس شرائح اجتماعية واسعة سبعةبعد مرور اد للانتماء,أي العزلة بالهامشية واليأس والمنبوذية “خاصة الفئات التي يجب أن تستهدفها عمليات التغيير”,مما يدفع إلى شعور مضوأصبحت إحدى البؤر المولدة والاغتراب الاجتماعي وضعف الشعور بالمسؤولية ومن ثم التطرف بألوانه والى الفوضى والعنف,لتشتد الحياة أكثر عنفا لتصبح بيئة مواتية للتحريض وارتكاب الجرائم الكبرى بحق الناس للعنف والتطرف الديني وغير الديني,وبواجهات مختلفة( القاعدة,فلول البعث السابق, داعش, ضغط دول الجوار التي لا تعي حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية).أن الجبهة الداخلية السليمة والصحية هي وحدها القادرة على دحر أعداء العراق في الداخل والخارج وعلى خلفية بقائه وطنا .صالحا للجميع

ات الإقصاء والتهميش والمحاصصات وما رافقها من تدهور مستمر لحياة المواطنين قادرة على حرف حالات المساهمة أن سياسالسياسية من أجل تثبيت النظام” الديمقراطي” إلى حالات عداء سياسي للنظام وأركانه,باعتباره يجسد حالة الاغتراب السياسي بينه دم الثقة والشك في القيادات السياسية ونواياها,متزامنا ذلك مع اتساع وتعمق دائرة الفئات وبين المواطن,وهي نتاج طبيعي لحالة عومن شأن ذلك أن يخلق ما يسمى ” بالفجوات الاجتماعية المهمشة والتي تقدر بالملايين جراء ظروف العراق التاريخية والحالية,وهي ر بالإحباط الناتج من التدهور المستديم لظروف العيش الحر والآمن,حيث تنشأ هذه الفجوات على خلفية الشعو النفسية المدمرة “,شروط مواتية ولازمة لخلق وإعادة توليد سلوك العنف والعدوان باعتباره نتيجة للشعور الشديد بالإحباط ,وعلى خلفية اتساع الهوة بين بل المجاميع السياسية وفلول الإجرام والمرتزقة الغير مؤمنة النظام والشعب وتعزيز حالة عدم الاكتراث تجري الاستفادة الكاملة من قمستغلة الفساد والعبث بالمال العام وعلى عدم استقراره, أصلا بالعملية السياسية لدك النظام السياسي والتأثير على قراراته السياسية,.وسرقته كوسائل سهلة في الإغراء والتمويل وشراء الذمم وتحويله من نهج المنصرمة, سبعة عشرلالمحاصصة الذي التمسه شعبنا بوضوح واكتوى به طوال اأن الابتعاد عن نهج إذ تعيد المشاركة السياسية انتقائي/مصلحي إلى نهج مشاركة سياسية حقيقية هو التعبير العملي والأمثل عن العقد الاجتماعي الطوعي ,

دة إنتاج الوحدة الوطنية كمفهوم سلوكي ـ معرفي وعقلي في الممارسة السلوكية أي إعا البناءة إنتاج العقد الاجتماعي كسلوك يومي ,وأن الوحدة الوطنية في كل الفلسفات الإنسانية ركيزة أساسية لا يمكن العبث وليست شعار اجتراري خبره شعبنا لعقود سلفت, اليومية ,وما يترتب عليها من اعتراف بالحقوق الناجمة عن الاعتماد الحداثة,بل لعلها أهم منجزات بها وعرضها في سوق النخاسة السياسية,ونعني به الإنتاج المتبادل بين مختلف فئات المجتمع وإسهام كل منها في عملية الإنتاج الاجتماعي في بعديه المادي والروحي,وأن المشاركة السياسية الشاملة هي جوهر الحية,وهي التعبير العملي عن المواطنة الدينامية ,ستهلاك والتوزيع العادل للثرواتوالا.المواطنة وحقيقتها العملية

لعل نظرة متأنية وموضوعية منطلقة من روح الحرص على الوطن,تؤكد لنا أن نظام المحاصصة الطائفية والعرقية وما أنتجه من ياسية, حيث حلت في الممارسة العملية الانتماءات لحد اليوم كان عائقا ومعطلا للعملية الس 2003تعصب أعمى, ومنذ ولادته بعد الضيقة محل ” علم السياسة ” لإدارة شؤون البلاد,مما جعل من أحزاب الطوائف والأعراق أمكنة للحشود البشرية وليست أمكنة لانتقاء أو العرق بما فيها من خيرين وأشرار, وتدريب النخب السياسية لقيادة البلاد,وكأنها تعمل على قاعدة أن الحزب يساوي كل أبناء الطائفةمما فوت الفرصة على الانتقاء والفرز على وتحولت إلى أمكنة للاحتماء بدلا من الاحتماء بالدولة والقضاء كمقومات للدولة العصرية,الاختراقات السياسية أساس الكفاءة السياسية والنزاهة,وليست لاعتبارات لا صلة لها ببناء دولة المواطنة,أنه سلوك يؤسس لمختلف.والأمنية وشتى ألوان الاندساس

كما أن نظام المحاصصة عرقل جهود أي تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تقوم على منجزات العلوم الاقتصادية والاجتماعية الاقتصاد والدولة إلى رموز تنتمي طائفيا وذلك من خلال إسناد المواقع الحساسة والمفصلية في ومنجزات التقدم التقني والتكنولوجي, أو عرقيا ولا تنتمي إلى الكفاءات الوطنية أو التكنوقراط ولا تستند إلى انتقاء المواهب والقابليات الخاصة لإدارة الاقتصاد,بل حصرهابل تؤسس إلى ” إفساد ,تنمية شاملة السياسة لا تؤسس إلىأن هذه ,ذا النوع بين هذه الطائفة أو تلكبأفراد الطائفة أو إلى توافق من هوقد عززت هذه السياسات من استفحال الفساد بمختلف مظاهره من سرقات وهدر للمال العام ومحسوبية ومنسوبيه وحتى ,”للتنميةرجال الطائفة أو والأسوأ من ذلك حصر الامتيازات في دعاة كبار الفساد الأخلاقي بواجهات دينية مزيفة لا صلة لها بالدين الحنيف,وان الفقر ,لعدالة الاجتماعية هو ادعاء باطلالحزب أو العرق وترك السواد الأعظم في فقر مدقع.أن أدعاء الطائفية والعرقية لتحقيق ا.وعدم الاستقرار والقلق على المستقبل يلف الجميع باختلاف دينه ومذهبه وطائفته وعرقه

جتماعي وأضعفت الشعور بالوحدة الوطنية والتكافل الاجتماعي من خلال خلق التكتلات لقد أخلت سياسة المحاصصة بالسلم الاوالشللية السياسية والاجتماعية على أسس طائفية وعنصرية مما يعزز بمرور الوقت حالات الاحتقان والفتنة الاجتماعية,فيتحول ,أنها عملية استنفار للاشعور الجمعي لأفراد الطوائف الصراع السياسي وغير السياسي إلى صراعات طائفية وعرقية لا حصر لهاوالأعراق, وحتى لأتفه الأسباب, وهناك فرق جوهري بين حقك المشروع في الانتماء إلى دين أو طائفة أو عرق أو قومية ما وبين أن .تبني دولة تضم مختلف الأديان والأعراق

ان الأحزاب والقوى الحاكمة اليوم وفي أشد عنف ازمتها تسعى إلى اختزال الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، في آلية ترشيح هذا المكلف برئاسة الوزراء او ذاك، أو في رفض هذا الاسم وقبول ذاك، او اعتبار تشكيل الحكومة المؤقتة غاية المنى. ابدا، فالمشكلة اكبر من هذا بكثير. انها قضية شعب يعاني ويتطلع الى تغيير يسقط منظومة المحاصصة والفساد ومعها كل الفاشلين والمرتشين، والإتيان ببديل يستحقه هذا الشعب، يؤمن له حياة كريمة آمنة ومستقرة، ومستقبلا وضاء وواعدا. وكان يفترض ان يشكل وباء كورونا الذي يهدد الوجود الانساني بأكمله ويهدر طاقات المجتمعات الأقتصادية والأجتماعية أن يشكل حافزا قويا للقوى والاحزاب الحاكمة للتخلي عن طموحاتها غير المشروعة للتشبث في البقاء بعيدا عن الممارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة, ولتوفير افضل الفرص لتعبئة موارد البلاد بعيدا عن الفساد, ووضعها في خدمة التنمية الشاملة والمستديمة لدرء كافة المخاطر الأقتصادية والاحتماعية والطبيعية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here