إستلهامات من ولادة الإمام الحجة بن الحسن (عج)

لقد مَنَّ الله علينا بأيام فضيلة ارتبطت هذه الأيام بالأنبياء والرسل والأئمة سلام الله عليهم أجمعين وأصبحت مصدر إشعاع لنشر تعاليم ديننا الحنيف وللعلوم والأخلاق والهداية الى طريق الله القويم ويقبل فيها الدعاء وتقضى بها الحوائج وأعطى هذه المناسبات عنوان هو ايام الله ومن هذه الأيام ولاداتهم ووفياتهم سلام الله عليهم أجمعين ، ومن هذه المناسبات المقدسة والعظيمة والتي نحتفل بها هذه الأيام هي ليلة النصف من شعبان التي ولد بها منقذ البشرية الإمام الحجة بن الحسن (عج) ، هذه الليلة العظيمة الشأن التي تضاهي ليلة القدر في عظمتها وقدسيتها بل هي أعظم منها ، في هذه الليلة ولد الإمام صاحب الزمان (عج) الذي سيملئ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ولأهمية الأمر وخطورته فقد بيّن المعصومون عليهم السلام كل أمر يتعلق بهذه الحلقة المهمة من حلقات الرسالة المحمدية السمحاء حتى ينتبه المؤمنون ولا يقعون في المحذور أو مصائد الشيطان و شباكه وما أكثرها كماً ونوعاً ، ومن الفترات الزمنية التي أخذت المساحة الكبيرة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه واله) والأئمة المعصومين عليهم السلام هي فترة ما قبل الظهور ، فقد حذرنا المعصوم من كثرة الفتن والابتعاد عن تعاليم السماء والتوجه الى عبادة الشيطان التي يكثر فيها الفساد والظلم ، وهذا التحذير والتبيان من المعصوم عليه السلام حتى لا نقع أو نصبح أداة من أدوات علامات الظهور بل يراد منا أن نكون من المنتظرين الحقيقين الذين يقومون بالفرائض ويبتعدون عن النواهي ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حتى نفوز بلقاء المنقذ الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .

فقلت له يا أبن رسول الله ( الامام الباقر عليه السلام) متى يخرج قائمكم ؟ قال : إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وأكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج وقبلت شهادات الزور وردت شهادات العدل واستخف الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا ، وأتقي الأشرار مخافة ألسنتهم وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن وخسف بالبيداء وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه واله بين الركن والمقام أسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بأن الحق فيه وفي شيعته فعند ذلك خروج قائمنا )….( 1) ، ففي هذا الحديث تصريح كامل من قبل الإمام الباقر عليه السلام أن من علامات الظهور هو تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء وهذا ما نعيشه هذه الأيام ن فلماذا تلبس المرأة ملابس الرجال وتخرج خارج بيتها ألا تتعظ من كثرة الروايات في هذا المجال ولماذا لا يحذر الرجل والمرأة الذين يتشبهون بعضهم ببعض فالمرأة تلبس البنطلون والقميص والجاكيت وتضع الربطة على رأسها وتخرج خارج بيتها على أنها محجبة فهذا الحجاب مرفوض من الشارع المقدس بل يلعن رسول الله (صلى الله عليه واله) المرأة التي تتشبه بالرجال أو الرجال الذين يتشبهون بالنساء فيقول رسول الله (صلى الله عليه واله )( لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل)….( 2) ، فعليها أن تعود هذه المرأة الى طريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين من خلال لبسها اللباس الشرعي من حجاب وعباءة تخفي بهما جميع مفاتنها والرجل كذلك وإلا فكيف تريد ان تكون أو يكون من المنتظرين وهما يعملان بأوامر الشيطان التي حذرنا منها الشارع المقدس وأعتبر حدوثها احدى العلامات القريبة لزمن الظهور.

وقد حذرنا الشارع المقدس من انتشار الربا قبل الظهور وهذا ما نعيشه هذه الأيام فالذين يقرضون الأموال ويأخذون الفوائد عليها ألا يكونوا من أكلي الربا التي حذرنا منها الشارع المقدس والتي تعتبر أحدى العلامات قبل الظهور المقدس فماذا يقول أكل الربا للإمام (عج) عند ظهوره ؟؟؟ وكيف يكون من المنتظرين وهو يعمل بتعاليم الشيطان ويأتمر بأوامره ؟؟؟ ، وقد حذر الشارع المقدس المؤمنات من ركب السروج أي الخيول وأي آلة لها سرج ، حيث أصبح ركب السروج من العلامات الظاهرة التي تفتخر بها المرأة عند القيام بها ؟؟؟ وهي من العلامات البارزة قبل الظهور التي نهى عنها الشارع المقدس ، فكيف بالمؤمنة وهي تدعي الانتظار والفرج وهي تقوم بهذه الأعمال الشيطانية التي نهى عنها الشارع المقدس ، وهكذا التبرج وإظهار الزينة والزنا وقول الفحش والخيانة والغش وشهادات الزور والاستخفاف بدماء الناس ، هذه كلها أعمال يجب أن نحذر منها ونبتعد عنها لأن روايات أهل البيت قد حذرتنا منها وإنها سوف تنتشر في زمان قبل الظهر بل هن من العلامات المتميزة قبل الظهور .

وقد حذرنا الإمام الحسن عليه السلام من تسقيط بعضنا لبعض وتخطيء بعضنا لبعض بل تكفير بعضنا بعض من خلال هذه الرواية حيث قال سلام الله عليه ( لا يكون هذا الأمر الذي تنتظرون حتى يبرأ بعضكم من بعض لا يلعن بعضكم بعضا ويتفل بعضكم في وجه بعض وحتى يشهد بعضكم بالكفر على بعض ، قلت ما في ذلك خير ؟ قال : الخير كله في ذلك ، عند ذلك يقوم قائمنا فيرفع ذلك كله )…..( 3) .

فعملية الانتظار الإيجابي يجب ان تتمحور حول قيام المؤمن بالواجبات والفرائض والابتعاد عن النواهي ، والمؤمن الحقيقي عليه أن يقرأ ويفهم روايات أهل البيت عليهم السلام التي تطرقت لعلامات أخر الزمان حتى يبتعد عن الأعمال التي ستنتشر في آخر الزمان نتيجة ابتعاد الناس عن تعاليم الإسلام الحنيف نتيجة ما يسمى بالتقدم والانفتاح سمي ما شئت من مسميات أو عناوين أختلقها الشيطان لكي يغشنا ويستعبدنا من غير أن نعلم أو نعلم.

لذا علينا أن نحذر كل الحذر من فتن ومصائد الشيطان في آخر الزمان فمن الصعب الخلاص منها إلا بالحيطة والحذر والاجتهاد حتى نكون من المنتظرين الحقيقين للظهور الإمام الحجة (عج) حيث قال الإمام الصادق عليه السلام ( والله لتمحصن والله لتميزن ، والله لتغربلن حتى لا يبقى منكم إلا ألأندر قلت : وما الأندر قال : البيدر ، وهو أن يدخل الرجل قبة الطعام يطين عليه ثم يخرجه وقد تأكل بعضه فلا يزال ينقيه ، ثم يكن عليه يخرجه حتى يفعل ذلك ثلاث مرات حتى يبقى ما لا يضره شيء)….( 4) وعندما ندعو و نقول ( اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه في هذه الساعة وفي كل ساعة وليا وحافظا وقائدا وناصرا ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا برحمتك يا أرحم الراحمين) يجب أن يوافق هذا الدعاء مع نوايانا و أعمالنا وهذا ما يفرح الإمام الحجة (عج) ، وعلينا أن نتوقع لقاءه الميمون في كل لحظة فعلينا أن نهيئ أنفسنا لهذا اللقاء المرتقب.

(1) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج52ص192(2) ميزان الحكمة – محمد الريشهري ج2ص1408(3) الغيبة – الطوسي ص328(4) بحار الأنوار – العلامة المجلسي ج5ص216، منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة –حبيب الله الهاشمي الخوئي ج14ص105

خضير العواد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here