العراق يترنح مابين الاعتذار والتكليف وأزمة كورونا…!!!

تركي حمود

مرة أخرى عدنا للمربع الاول و ” على هالرنة طحينچ ناعم ” بعد اعتذار المكلف عدنان الزرفي عن تشكيل الحكومة وتكليف مصطفى الكاظمي رئيس جهاز المخابرات بدلا عنه ، ليبقى جاثما على صدورنا المستقيل مع هذه المعطيات الى أمد طويل كما يبدو ، على الرغم من انه لم يحرك ساكنا ازاء مايجري في البلد من أزمات متتالية ولم يكلف نفسه ويتابع حياة المواطنين وكيف يعيشون ومن اين يحصلون على قوتهم اليومي في ظل أزمة كورونا ، فاليوم الفقراء يعانون ولامجيب والطامة الكبرى ان بلدهم يخرج ذهبا وهم يأكلون العاقول ، أما ماحملته مخازن وزارة التجارة في ظل هذه الازمة الكبيرة، والتي كنا نتصور مع حجم التسويق الاعلامي غير المسبوق لها ، ان المواطنين سينعمون بخير وفير لكنها كانت مجرد أحلام سرعان ماتبددت بعد استلام مفردات البطاقة التموينية والتي كانت تضم ” السكر والزيت والطحين ” فقط والظاهر هذه مقدمات لوصفة طريقة عمل “الداطلي ” الذي تعلم الوزارة ان اغلب العراقيين يحبونه ، أما الحكومة بشقيها التشريعي والتنفيذي فلم تكلف نفسها هي الاخرى بأصدار قرار لتوزيع معونات مادية على شعبها اسوة بكل دول العالم بل على العكس فحكومتنا الرشيدة وجهت الدعوات لمواطنيها للتكافل وكأنها لاتمتلك شيئا تقدمه بأستثناء رئيس الوزراء المستقيل الذي قرر وضع مرتبه الشهري تحت تصرف صندوق دعم التكافل الاجتماعي الخيري ولكنها خطوة متأخرة من باب ” شيفيد الندم بعد خراب البصرة “…!!!

ان ماقاله المكلف المنسحب عدنان الزرفي يدعو للتأمل وقراءة مابين السطور فقد كان الرجل طيلة فترة تكليفه يتحرك بخطوات واثقة وعنيدة وكان متيقنا بأن حظوظه ستقوده لنيل ثقة البرلمان ولكن بلحظات تعثرت تلك الخطوات بعد تعالي الاصوات الرافضة لتكليفه ليسارع ويعلن انسحابه المفاجئ حيث قال : “سأغادر تجربة التكليف وأنا مرتاح الضمير والنفس لأنني ومن عمل معي سعينا بجد وبمؤازرة بعض القوى السياسية والجموع الشعبية الخيرة للانتقال ببلدنا إلى شاطئ الأمان والاستقرار والإزدهار”، مبيناً أن “عدم نجاح تجربة التكليف لأسباب داخلية وخارجية لن تمنعني من المضي في خدمة الشعب عبر موقعي النيابي الحالي، وسأواصل العمل والاستعداد معكم للانتخابات المقبلة المبكرة لاستكمال المشروع الوطني وتطوير أسسه الاقتصادية لإعادة إعمار العراق إسوة بدول العالم المتقدمة”.

ومن خلال كلامه هذا يؤكد ان هنالك ضغوطات مورست عليه ليعلن انسحابه كالمنتصر في معركته رغم ضراوتها ومع تكليف مصطفى الكاظمي الذي لايختلف كثيرا عن الزرفي في منهجه وتحركاته ولكنه كان متفردا في خطابه الذي انصب على ” السيادة ” وكررها عدة مرات حيث قال: “السيادة خط أحمر لا يمكن المجاملة على حساب سيادة العراق، ولا التنازل على حساب كرامة العراق والعراقيين، العراق بلد عريق يمتلك قراره السيادي، والحكومة ستكون ساهرة على السيادة الوطنية ومصالح العراقيين.نعم، سيادة العراق لن تكون قضية جدلية، اكرر واكرر، سيادة العراق لن تكون قضية جدلية، وقرار العراق بيد ابنائه، العراق للعراقيين ” . وكأن الرجل لديه الضوء الاخضر للحديث بهذه القوة ، بعدما كانت السيادة مخترقة في زمن المستقيل ولعدة مرات وكان صامتا لايعرف ماذا يقول وبماذا يرد ، ولكن هل ياترى بعد هذا الخطاب الذي حمل العديد من الآمال والتطلعات سيصمد الكاظمي أمام التحديات التي ستواجهه وهل سيقول كلمته في حال التدخل بأختيار وزراء حكومته ويترجم الخطابات هذه المرة الى افعال لاأقوال كما قالها لان الشعب سأم من حرب الخطابات…؟؟؟

ان النفاق السياسي مازال مخيما على قرارات غالبية الكتل السياسية والمصالح هي ذاتها في مقدمة المطالب فواحدة تريد اجراء انتخابات مبكرة والاخرى تتحدث عن استحقاقات والثالثة تريد انهاء ملفاتها مع المركز والعراقيين الذين يعانون الامرين بحاجة لرئيس وزراء لديه علاقات لتحريك عجلة الاقتصاد لان البلد يمر في ازمة كبيرة ناهيك عن ازمة كورونا التي شلت الحياة بالكامل مع اقتصاد يتعكز وارتفاع نسبة الفقر والبطالة ، والسؤال الذي يدور في الاذهان هل ان خطوات الاعتذار والتكليف كانت تريد الكتل السياسية من ورائها الابقاء على حكومة عبد المهدي اطول فترة ممكنة لتحقيق مكاسب معينة ام هي من باب فرض الأرادات لبعض القوى التي تسعى للسيطرة على القرار السياسي وتصبح هي المحرك الرئيس للعملية السياسية ، أم ان اتباع سياسة المد والجزر باتت هي الملاذ الآمن لتحقيق مصالحها على حساب أزمات البلد الكبيرة ومعاناة شعبه التي لاتنتهي …!!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here