العكية وفاء حسن بدوي شاعرة لم تواصل دربها

كتب : شاكر فريد حسن

على امتداد المشهد الثقافي والأدبي الابداعي المحلي ظهرت على ساحة الأدب والإبداع أقلام وأسماء شعرية كثيرة، منها جف يراعها، ومنها أبعدتها هموم الحياة ومشاغلها ومتاعبها ومشاكلها عن عالم الثقافة وتوقفت عن الكتابة، ومنها طلقت الأدب احتجاجًا وقرفًا من الشللية الطاغية ولعدم التقدير.

ومن بين نوارس الشعر التي عرفناها في السبعينات من القرن الماضي الصديقة الشاعرة ابنة مدينة الأسوار عكا، وفاء حسن بدوي، من خلال ما كانت تكتبه وتنشره من تجارب شعرية وخواطر نثرية في الصحافة المحلية.

وكان قد صدر لوفاء عن مطبعة الجليل في العام 1977 مجموعتها الشعرية الأولى بعنوان ” حين تنبت الآمال من زوايا الوفاء “، وكنت تناولته في متابعة نقدية نشرت في حينه بصحيفة ” الأنباء ” المحتجبة.

وفي العام 1977 صدر لها عن مطبعة دار القبس العربي في عكا- البلدة القديمة، مجموعتها الشعرية الثانية ” العائدون “، التي صمم غلافها الشاعر والفنان الكفرساوي المرحوم سليم مخولي، وكانت قد اهدتني نسخة منها.

والملامح المميزة لكتابات وفاء بدوي أنها تجارب حياتية إنسانية، بلورتها في نصوص من الشعر الحر المنساب المنطلق الذي لا يخلو من الانفعال والعاطفة والشعور الإنساني والحس الوطني ومتانة العصب الوجداني والروحي الذي يتكشف عن خيارات أسلوبية تحقق رذاذ اللغة الكثيف والفاعل، لغة تعبيرية وتشكيلية نابعة من صميم التجربة ودفقها وحرارتها.

ولنقرأ القصيدة الأولى ” ثائرة على رصيف الشوق ” من مجموعتها ” العائدون ” .. حيث تقول :

عند النصف الآخر

في الجانب الثاني

من الطرق الآخر

تمضي

تتذكر

فتهيج خطوتها الشهيدة

حقدًا

ثأرًا/ نقمه

تهيج خطوتها الذبيحة

في الوجوه القادمه

من اول الطريق

في وجه الآتينَ

مع الريح/ مع الحريق

في الوجوه الحاقده

في وجوه الناقمين

اوصدوا الأبواب دونها

وأغمضوا العيون

تمضي …

تتذكر ..

فتهيج خطوتها الطعينه

تتقمص حناجر ريحٍ

جامحةٍ مجهولة

تمضي

تتذكر

فتهيج خطوتها السليبه

في وجوه المارين

فوق عتبات الدور المهجوره

في وجوه السائرين

على السطوح المتروكه

في الكروم والحقول المسلوبه

تهيج خطوتها السجينه

في قاعات اللهو الملأى

هتافًا وتصفيقًا

في بطاقات العبور والقدومِ

في بطاقات التصريح

وهناك

على الرصيف الآخر

في الجانب الثاني

من الطريق الآخر

أوقفوها

جردوها

ثم صوبوا نحوها البنادق

واغتالوها …

هناك

على الرصيف الآخر

في الجانب الثاني

من الطريق الآخر

جردوها

واغتالوا أمانيها

ومنذ ذلك الحين اختفت وفاء بدوي وغابت عن المشهد الأدبي والشعري. فلم تواصل التحليق في فضاء الكلمة، ولم نعد نقرأ لها في المنابر الإعلامية، وحتى لم نعد نسمع أخبارًا عنها، ومن هنا أبعث لها بالتحية الخالصة أينما كانت.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here