آفات إجتماعية قاتلة (45)حتى لاندخل في أحاجي وألغاز وطرائف التأريخ…

حتى لاندخل في أحاجي وألغاز وطرائف التأريخ ..يا مخدري الناس كفاكم خداعا !
احمد الحاج
مولع أنا الى حد الوله بفقرة “حدث في مثل هذا اليوم” وكنت أشرف على إعداد أحدها في واحدة من الوكالات الاخبارية العراقية المهمة،فضلا عن إعدادي لصفحة – رمضانيات – في صحيفة محلية مهمة أيضا،ومن خلال عملي الطويل نسبيا بهاتين الزاويتين الماتعتين إضافة الى بقية الزوايا الثابتة والصفحات الأخرى،فبإمكاني أن أجزم بأن التأريخ سيكتب على صفحاته لامحالة فيما ستردد الأجيال من بعدنا طرائف وحكايا وقصصا وفزورات وأحاجي وألغازا لاتخلو من المبالغة المطعمة ببعض الخرافات والاساطير والفكاهات والنوادرعن “عجائب رمضان 1441 هـ / 2020 م “وبصيغة قيل و يُقال ،ولعل هذا أخشى ما أخشاه اذا ما ظل الوضع المزري جدا والمعيب جدا والمخجل جدا على ماهو عليه اليوم من دون أدنى تغيير ولو جزئيا، فلو ظهر قدرا شخص مولع بـ” حدث في مثل هذا اليوم “مستقبلا وأوكلت إليه مهمة تحرير تلكم الزاوية في صفحة الكترونية مشاهدة ، قناة فضائية ، اذاعة محلية ، وكالة اخبارية ، مجلة ، صحيفة ورقية أو الكترونية فسيكتب الاتي : حدث في مثل هذا اليوم من رمضان 1441هـ ،أمر جلل ، حيث صلى المسلمون ولأول مرة في جميع بلدانهم ومدنهم وعواصمهم، صلاة التراويح داخل منازلهم بدلا من مساجدهم الخالية كليا خشية من وباء كورونا والذي تبين لاحقا – بأنه مرض مبالغ فيه كثيرا لم يقتل في كل أرجاء العالم عشر معشار ما قتلته الحروب الاهلية والتناحر فيما بينهم بتحريض مباشر وغير مباشر من الدول الاستحمارية الكبرى والتي لو تقاتلت سمكتان في عرض البحر فعليك إتهامهم بالتحريض بينهما – مبالغة إنطلت على الأئمة والمأموين على سواء فأجلستهم في منازلهم خائفين ولأبوابهم ونوافذهم موصدين ،ومن جيرانهم هاربين ،من أصدقائهم فارين ،من اقربائهم فزعين ،عن المصافحات مبتعدين ، عن القاءات الرمضانية الودية محجمين،للتباعد الاجتماعي خاضعين ،للتوحد العائلي مذعنين ،للتفرق الجماعي مؤيدين !
– وحدث في مثل هذا اليوم أن هرع الملايين من المسلمين وفي جميع المحافظات والبلدات وبعيد تناول وجبة الافطار بعيدا عن التجمع والجماعات الى الشاشات لمتابعة المسلسلات والمدبلجات وسيقان الفنانات ، وصدور الارتيستات وملابس الداعرين والداعرات ،متنقلين بين القنوات للظفر بمزيد من المتابعات والمشاهدات لآخر الموضات والدعايات والصرعات والتقليعات ،متناسين الاذكار والتسبيحات ، الادعية والصلوات ، التكبيرات والتلاوات فيما ” كوفيد – 19″ يضحك منهم ومن جميع – الكلاوات – بذريعة الحجر الصحي وحظر تجوال السابلة والمركبات وجل الناس هائمة بعد رفع الحظر جزئيا على وجوهها في الاسواق والمولات !
– وحدث في مثل هذا اليوم وبدلا من التهجد والاعتكاف في المساجد والقيام كما في كل عام أن قضي الليل وبذريعة الاكتئاب والضجر من الحجرالصحي بمتابعة الاغاني والبرامج الساهرة والأفلام تلو الأفلام !
– وحدث في مثل هذا الرمضان أن ألغيت صلاة الجماعات اليومية جميعها ، والجمع الخمس كلها ، وعمرة رمضان ، وموائد الافطار الجماعي ، والاحتفال وقيام ليلة القدر جماعة ،وصلاة العيد وخطبته والكل متقوقع خلف جدران حجرته ،متصفحا آخر نشاطات ومشاركات وشائعات وبوستات ويوتيوبات أصدقاء صفحته بمعدل 50 مقطع فيديو وشائعة وخبر زائف على الخاص + انشر وعممها بين جميع أصحابك وردها عليَّ ان استطعت لأثبات حبك لي وثقتك بي ، ناشرا بدوره بطولاته اليومية – الوهمية – ووجبة إفطاره العائلية أوالشخصية + تفضلوا معانا، لعله يحظى بمزيد من التعليقات والحبيات متناسيا بأن هناك من المسلمين الصائمين من ليس له قوت يومه ولالقيمات يقيم بها صلبه !
وحدث في مثل هذا اليوم وبدلا من أن يصيح المسحراتي على قرع الطبول ” يانايم اصحى ووحد الدايم ” ، صاح ” ياكاعد على الفيس والانستغرام ، إسرع طفي جهازك وتسحر تره حرام ، وربما وعلى قول ابو الليل – وبول ونام – !!”
وأتمنى أن لايسجل التأريخ ذلك الهرج كله وبالأخص اذا ما تبين بأن كل ما يجري من حولنا اليوم هو محض خدعة وحرب – ثقافية أو بايولوجية – وجائحة وبائية تم تهويلها كثيرا تستهدف أركاننا وقيمنا ومثلنا وعاداتنا وتقاليدنا وتحجيم مساجدنا وتدريب الناس وصرفهم عن جمعنا وجماعتنا وتراويحنا وجوامعنا مع محاولة إقتلاعها كلها من الجذور أكثر من إستهدافها لشخوصنا ،فضلا عن ..عن ايش جنابك ؟ عن افلاسنا وبلادنا وخصخصة شركاتنا ، إغلاق مصانعنا ،تعطيل مصالحنا، سرقة ما تبقى من ثرواتنا مقابل اقراضنا وبالفوائد خنقنا ، وببحيرات الربا المحرم الدولي إغراقنا ،وبالديون الهائلة بعيدة المدى تكبيلنا،وبصفوف العاطلين إلحاقنا ،ولتخفيض أسعار نفطنا حتى يتساوى مع كيس حنطتنا وشعيرنا برميلنا،وياويلنا وسواد ليلنا إن أثبتت الوقائع مستقبلا بأن كورونا هذا كبعض سياسيينا مجرد نمر وحبرعلى ..ورق !
الناس ولاشك ونتيجة لكثرة الفتن المحيطة بهم من كل جانب بحاجة الى أمل حقيقي وليس مزيفا ، وأنوه الى أن هناك من يخلط خلطا عجيبا ،عمدا أو سهوا بين بث روح الأمل والتفاؤل الحق والعمل على إعلاء الهمة ورفع المعنويات لتجاوز المحن وتخطي الصعاب ، وبين ” حقن الناس بإبر مخدر ومورفين فكري زائف ” وغايته من وراء ذلك أن يظل الباطل عابثا بمقدرات الناس ومتمكنا من رقابهم من دون أن يحركوا ساكنا !
والفرق بينهما هو أن “بث الامل ” الحقيقي عادة ما يكون مصحوبا بالتصبير والدعوة الى الصبر والمصابرة إضافة الى سلسلة فاعلة من الخطوات والفعاليات والمقترحات والتوصيات ورزمة من الاصلاحات العملية الواقعية الناجعة تأتي بالتزامن مع الجهر والصدع بكلمة الحق والوقوف بوجه الباطل أيا كان عنوانه، فيما”التخدير”هو محاولات بائسة ومشبوهة لزرق المظلوم ،الفقير ،المحروم ،الجائع ،المسكين بإبر في العضل أو الوريد بغية تخديره بدعوى – بث روح الأمل – يتزامن بالعادة مع صمت مطبق إزاء الباطل وغض الطرف عن حماقاته ،كف اللسان عن بشاعاته ،التمسح بأرديته ،تبريرعنجيته ،تسويغ مفسدته ،تجميل خسته ،تسويف دناءته،ولا أستبعد صبغ أحذيته ايضا، ولن تجد مخدرا من النوع الثاني قط الا وله من فتات الباطل نصيب ،أبدا ومطلقا ،اذ ان بوقا بشريا مخدرا = مخلوقا مستفيدا !
أن تقول للمريض انت بحاجة الى علاج عاجل قبل أن يقضى عليك ،فهذا ليس تثبيطا ،ولكن أن تقول له “ما شاء الله وجهك مورد “فهذا هو التخدير العبثي الخبيث وزرق الابر اللئيم بذريعة بث روح الامل والتفاؤل الذي سينتهي بقتله لامحالة !
شخصيا ومن الآن فصاعدا سأركز في كتاباتي على هذين الصنفين لفك الارتباط واللبس بينهما ولن أتوانى للحظة عن مباركة خطوات الأول والتحذير من حقن الثاني التخديرية وبالأخص اذا ما كان هذا المخلوق البائس جدا..متحزبا !
اليوم وأنا أتابع حركة السابلة والعجلات والزحام الشديد في الأسواق حتى من دون قفازات ولاكمامات ولامعقمات برغم التحذير من انتشار كورونا ، جال في خاطري أمر جلل لاسيما مع انتشار لآراء شتى بشأن تعليق الصلاة في المساجد وإغلاقها من دون سواها من المرافق العامة الاخرى منها :”أن المصلين هم أكثر إنضباطا من سواهم وأحرص على الصحة العامة من غيرهم ” وهذه عبارة صحيحة 100% ولاشك ،لأن المصلين هم كذلك بالفعل ، الا انني بت أخشى حقيقة من أن يتحول هذا الانضباط – الاجباري – ليصير سجية وعرفا مع كل نازلة مستقبلية حتى بعد زوال كورونا وهذا ما أرجحه بالفعل ،ليس من قبل المصلين ولا الأئمة والخطباء والوعاظ والمؤذنين ،حاشا وكلا ، فهؤلاء هم عشاق المساجد وقلوبهم معلقة بها ليل نهار، ولكن من قبل من لايريدون لهذه المساجد والصروح العظيمة أن تفتح ثانية لتمارس دورها الكبير في الحياة كل يوم بذريعة النوازل ، وعليه فأنا أدعو حتى من إعتادوا الصلاة في منازلهم الى عمارة المساجد – معنويا وماديا – بكثرة الصلاة فيها وكثرة الخطى اليها بعد كورونا لإثبات خلاف ما ينوي ويضمر المبطلون تجاهها ،تجاربي الشخصية في الحياة تعطيني بعض الادلة على ، أن “إغلاق المساجد مع كل نازلة كبرت أم صغرت سيصير عرفا سائدا “وسيردد معلقو الصلاة ليس في العراق فحسب بل في أرجاء العالم الاسلامي كله عبارة ” ان المصلين أكثر انضباطا من سواهم “وهذه ان تكررت فستشبه عندي قولك للصبي غير البالغ “انجح هذه السنة وأشتري لك دراجة هوائية ،ولكن وبعد أن ينجح لايحصل حتى على كيس من جبس الذرة ” القضية فعلا خطيرة ولابد من الاستعداد لها جيدا فهذا مرادهم ،وأتوقع إلغاء موسم الحج لهذا العام حتى بعد زوال كورونا ، وأتوقع تحجيم أعداد الحجاج والمعتمرين للسنين المقبلة بذريعة الجائحات والاوبئة ، وربما تحديد وتسمية المساجد التي يحق لها إقامة صلاة الجمعة واغلاق البقية الباقية في كل محافظة بخلاف السابق ، القضية لايمكن أن تسطح مطلقا ، المساجد مغلقة رغما عن أنوفنا وليس بإرادتنا – لنكن واقعيين – وليس بإختيارنا وان أعلن عن فتحها اليوم فسترى صفوف المصلين تصل الى الشارع العام بعد ساعات من الاعلان ، نحن حريصون على الصحة العامة وعلى إعادة فتح المساجد ايضا ، وما يجري في الشارع اليوم من حركة عجيبة وغريبة متمثلة بفتح شبه كامل للاسواق على الغارب ينبئني بأن هناك وراء الاكمة ما وراءها اذ أن المغلق الوحيد بعد المدارس والجامعات هي المساجد فحسب ، فأي حجر صحي هذا،وعن أي حظر شامل للتجوال تتحدثون ؟ اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here