كائنات العلب البراقة : قصة قصيرة جدا

بقلم مهدي قاسم

لم يكونا يلتقيان في البيت إلا بشكل عابر على طاولة
إفطار أو عشاء فحسب مع تبادل بعض كلمات روتينية معتادة ، ثم يسرعان بخطوات مستعجلة إلى مكان عملهما ، وعند العودة نفس الحالة و الوضع يسودان حيث يتعشيان و يتبادلان بعض كلمات يتيمة وعامة ثم ينصرف كل إلى غرفته الخاصة معتكفا هناك بين لابتوب أو هاتف ذكي ،
وأحيانا كانا يكتبان لبعضهما عبر الماسنجر كل من غرفته في البيت الزوجي المشترك على نحو :

ــ أنا سأخرج قريبا لاشتري علبة سجاير فهل تحتاجين
شيئا لنفسك أو للبيت

فترد هي عبر الماسنجر أيضا :

ــ أي !.. نعم كليو فواكه و حليب و قهوة و قنينة
كوكا كولا إذا أمكن ، شكرا عزيزي !..

فيكتب لها مرة أخرى

ــ وبعد ؟ فهل من شيء آخر ؟ قد نحتاجه للعشاء مثلا
؟

فيأتي الجواب عبر الماسنجر :

ــ بعد ؟ .. والله ما أدري .. لحظة أفكر .. آه صحيح
نسيت .. قد نحتاج بيتزا للعشاء ..

ــ أوكي حبيبتي .. صار !..

كانا أحيانا يضبطان بعضهما بعضا بتصفح جهاز الهاتف
الذكي ، وهما ” يتجانسان ” في الفراش بآلية أقرب إلى واجب زوجي منه إلى ذلك التحاضن و التشابك الرقيقين و المتلهفين اللذين تتطلبهما
حميمية تلقائية و رغبات متأججة !..

ثم ينصرف كل واحد منهما إلى غرفته ليمارس عزلته الاختيارية
والعيش في ذلك العالم الافتراضي و المثير و السديمي الخلاب !!..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here