صحوة القضاء وخوف الفاسدين

محمد السيد محسن

تمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي هذه الايام بمقالات تهاجم القضاء العراقي , من قبل اقلام تكتب في نفس الموضوع بزمن واحد , وبعناوين مختلفة , يفضحون انفسهم , فهم عديد , وصاحب الامر واحد.

المتحدث الرسمي باسم المجلس الاعلى للقضاء عبد الستار البيرقدار قال ان “حملة ممنهجة تطال القضاء العراقي عبر منصات التواصل الاجتماعي يقف وراءها المروجون لإكذوبة انهم مطلوبين للقضاء بدافع سياسي أو بتأثير جهات أو شخصيات سياسية بهدف إغلاق ملفاتهم” ، وخاطبهم : “لن تنفعكم أكاذيبكم وسوف يبقى سيف القانون يحاسب كل من تمتد يده على المال العام ولن تنفع توسطات من يوفر لكم الحماية”.

البيرقدار قال ايضا : في الوقت الذي يخطو فيه القضاء خطوات جدية في مكافحة الفساد ومحاسبة سراق المال العام ومنهم بعض السياسيين والوزراء وبعد أن عجز هؤلاء عن غلق القضايا المطلوبين بموجبها رغم الضغوطات الكبيرة التي مارسها حلفاؤهم من السياسيين ممن يوفروا الحماية لهم، فقد بدأ هؤلاء بتنظيم حملة ممنهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي. ثم اردف قائلا : للأسف لوحظ في الآونة الاخيرة أن البعض صدق هذه (الاكذوبة) وأظهر نفسه مدافعاً عن سراق المال العام متأثرين بهذه الاكذوبة أو بقصد كسب ولاء هؤلاء الساسة والوزراء السابقين لأغراض التحالفات والخصومات السياسية خصوصاً في مرحلة تشكيل الحكومة المقبلة لغرض تحقيق مكاسب سياسية على حساب الاساءة الى سمعة القضاء ومؤسسات الدولة.

انها لغة لم نعهدها سابقا من القضاء العراقي , الذي كنا نتهمه بالتغاضي عن مجريات الامور في العراق , ويبدو ان الامر جديا هذه المرة , فجميعنا لدينا ملاحظات على القضاء وطريقة تعامله مع ملفات الفساد , حتى ان هيأة النزاهة بعض النواب يشكون دائما من اكمال الملفات لكنها تموت حين تصل الى القضاء, ويعدون ذلك منجاة لهم بذريعة انجاز مهامهم , لكن القضاء هو من يؤسس للنهايات المفتوحة.

اليوم القضاء قرر ان يصحو من غيبوبته ويتخلص من الضغوط التي تحاصره , مستغلا على ما يبدو ضعف الضاغطين , وتشتت امرهم في مرحلة عدم التوافق السياسي , وحصد بعض نتائج انتفاضة تشرين التي اودت بحياة الكثير من التماسيح السياسية , وجعلتها حبيسة برك الخجل من الظهور , فالطبقة السياسية الاولى انزوت منذ انتفاضة تشرين , ولم تستطع ان تخرج للعلن , وقضت كل امورها في الظل , بل انها باتت عاجزة على التصدي لاي منصب , وبدات تستعين بصغارها , كي يكونوا صوتهم امام الاخرين.

ربما لأن القضاء العراقي اليوم بات برأسين , واحد لمحمود واخر لزيدان , وربما ان تنافسا جادا يسعى احدهم لاثبات الذات القضائية الحقة ويبصم للتاريخ لتأسيس مرحلة جديدة على حساب الفاسدين .

الا ان احتمالا اخر يرجحه بعض المتابعين , وهو ان الملفات التي سيفتحها القضاء تخص بعض الذيول لبعض الزعامات , الامر الذي اخاف تلك الزعامات كي لا يتحول دخان الذيول الى نار تحرقهم , مع ضعف الاطراف الدولية التي تلتزمهم . وهم فوق كل ذلك باتوا يدركون ان تغييرا حقيقيا قادما سواء بعودة الثورة الشعبية التي لم تنطفئ في قلوب العراقيين , او في سياسات الولايات المتحدة الجديدة , او بسبب ضعف الجارة الصديقة التي باتت تبحث عن مخرج من ورطة الفساد في العراق, ولم تعد قادرة على وضع سجادة الصلاة والقداسة على سرقات متتابعة.

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here