لماذا قدمنا مذكرتنا المشهورة ؟

فليح حسن السامرائي

(1)

من المفيد أن نذكر انه تولى عرش العراق ثلاثة ملوك ، وبموافقة الحكومة البريطانية ، التي احتل جيشها بغداد الرشيد عام١٩١٧م بقيادة الجنرال مود الذي أقامت له تمثالاً في أشهر ساحاتها .

وكان للسفارة البريطانية أثناء الحكم الملكي التحكم فيه وخاصة بسياسته الخارجية .

إلى أن تم إسقاط ذلك الحكم وقيام الجمهورية في ١٤ تموز ١٩٥٨ م ، وكانت ردة فعل الجماهير العراقية هي إسقاط تمثال الجنرال مود رمز الاستعمار البريطاني آنذاك .

واندفع أبناء الشعب بقوة لمناصرة الثورة وقيادتها ممثلة بالزعيم عبدالكريم قاسم الذي وعد العراقيين ببيانه الأول ، بإطلاق الحريات والنهوض بالواقع الاقتصادي ومساندة قضايا الأمة في فلسطين والجزائر وغيرهما .

لكنه لم يوفي بوعوده الكثيرة ، بل حصل تراجع كثير في معظم نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وانتهكت الحريات الشخصية ، وتشكلت ميلشيا مسلحة بقيادة الحزب الشيوعي العراقي تحت مسمى ( المقاومة الشعبية ) ، التي اعتدت على الناس وتجاوزت على ارواحهم و كرامتهم وممتلكاتهم .

وبعد عامين من تلك الأوضاع المزرية قرر الزعيم عبدالكريم قاسم تخفيف القبضة الأمنية والحد من سلطة الحزب الشيوعي ، والسماح بتشكيل أحزاب سياسية ، عندها قررت الحركة الإسلامية بالطلب من وزارة الداخلية بالموافقة على إجازة ( الحزب الإسلامي العراقي ) .

والذي ذكرنا في الحلقة الأولى تفاصيل ما جرى إثر ذلك ، حيث المشاركة  وتحمل المسؤولية والنزول إلى ميدان المعترك السياسي المأزوم .

وفي بداية التأسيس كان هنالك إقبال شديد للانضمام للحزب وتأييد خطواته وتوجهاته الإسلامية ، وخاصة من علماء الدين منهم العلامة أمجد الزهاوي و عبد القادر الخطيب و فؤاد الالوسي وعبدالعزيز البدري وغيرهم .

لكنه من المؤسف أن الحكم القاسمي لم يسمح لنا بمزاولة نشاطنا السياسي والجماهيري والإعلامي ، مما اضطرنا إلى تقديم مذكرتنا المشهورة إلى الزعيم عبدالكريم قاسم والتي نشرناها في جريدة الفيحاء ، وسنوجز أهم ما ورد في تلك المذكرة في نهاية المقال .

وفي فترة بالغة الخطورة استلم حزب البعث مقاليد الحكم بثورة ٨ شباط ١٩٦٣م ، لكنه سار على نفس نهج الحزب الشيوعي من قمع الحريات وتشكيل ميلشيا ما يسمى بـ ( الحرس القومي) ، واشتهرت بتلك الفترة عبارة شعبية ( البعثية … شيوعية ، بس لابسه عگال ) .

وعندما عاد حزب البعث للحكم فيما بعد في ثورة ١٧ تموز ١٩٦٨ م ، لم تتغير أساليبه السابقة من الهيمنة  والانفراد بالحكم واعتماد سلطة الحزب الواحد ، حتى جاء الإحتلال الإنكلو_أمريكي للعراق في ٩ نيسان ٢٠٠٣م ، لتبدأ بعدها صفحة سوداء في تاريخ العراقيين ، من الفوضى والخراب والدمار ، والطائفية وسرقة ثروات العراق ، واستمر الحال عليه حتى يومنا هذا .

 

(2)

سيادة رئيس الوزراء اللواء الركن عبد الكريم قاسم المحترم

قال رسولنا وزعيمنا محمد صلى الله عليه وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، ومن أبسط لوازم الاهتمام إبداء الرأي في مشاكل الأمة وإرشادها إلى الخير ومراقبة الحكام ونصحهم ونقدهم وبيان خطئهم. وعلى هذا النهج سار المسلمون الأولون حكاماً ومحكومين، فسُعِدوا في دنياهم وأخراهم، وحققوا في الأرض حكماً صالحاً، وأقاموا مجتمعاً فاضلاً، وأسسوا دولة مثالية ليس فيها مكان لمستبد ظالـم، ولا لحاكم جائر، ولا لمواطن ينافق ذا السلطان ويتملقه بالباطل. ويكفينا هنا أن نذكر أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: “اتقِ الله يا عمر”. فقال له أحد الحاضرين: (أتقول هذا لأمير المؤمنين!!). فقال عمر بن الخطاب قولته التي صارت مثلاً: (لا خير فيكم إن لم تقولوها، ولا خير فينا إن لـم نسمعها). هكذا يكون الحاكم الصالح، وهكذا تكون الأمة الواعية الصالحة؛ فعمر بن الخطاب لا يكتفي بسماع ما قاله ذلك المواطن الصالح، وإنما يدفع الأمة إلى استعمال حقها، بل القيام بواجبها نحو الحكام فيقرر: أنه لا خير في الأمة إن لـم يقم أفرادها بمراقبة الحكام ونصحهم ونقدهم وإرشادهم وبيان أخطائهم وإسماعهم قول الحق دون مداهنة أو رياء أو نفاق، كما يقرر ذلك الخليفة الصالح أنه لا خير في الحكام ومن بيده السلطان إن لـم يسمعوا نقد الأمة ونصحها سماعَ رِضاً وقبولٍ، لا سماعَ سخطٍ وإنكارٍ.

إن حزبنا الإسلامي قد أخذ على نفسه عهداً أن يقتفي أثر سلفنا الصالح مهتدياً بهدي الإسلام في كل ما يأخذ ويترك، وفي كل ما يقول ويكتب، وفي نقده ومدحه، سواء رضي عنه الناس والحكام أم سخطوا، فرضا الله هو مطمح العارفين ومنتهى غاية المسلمين الصادقين، ونرجو أن نكون من هؤلاء إن شاء الله تعالى.

وبعد: فإن الحزب يقدم آراءه في بعض القضايا العامة قياماً بواجبه نحو الأمة كما فرض الله تعالى

كانت هذه هي المقدمة التي بدأنا بها مذكرتنا إلى الزعيم عبدالكريم قاسم ، ثم البنود العشرة التي سنمر على أهم ما جاء فيها ( ومن اراد الاستزادة بالرجوع الى نص المذكرة المنشورة على موقع الحزب الاسلامي العراقي في الاسبوع الماضي) :

أولاً : موقف الحكومة من الحزب الإسلامي كان سلبياً منذ البداية ، وأخذت تضايقه وتعمل على عرقلة أعماله ومنعت إصدار جريدته .

ثانياً : مساندتكم للحزب الشيوعي وتأييده سراً وعلناً ، مما أباح للشيوعيين ملاحقة غيرهم ، ثم بلغ إجرامهم ذروته في مآسي الموصل وكركوك ، والمطالبة بسحب ترخيص الحزب الشيوعي ، وإنزال العقاب بمرتكبي تلك الجرائم والمحرضين عليها أيضاً .

ثالثاً : سلوك الحكومة باعتقال الأبرياء وحجزهم ، دون تهمة أو محاكمة .

رابعاً : تصدع وحدة الأمة ، وإن الحكومة مسؤولة عن وحدتها والمحافظة عليها ، وإن أعظم ما يفرق أمتنا هو إفساح المجال للأفكار الشيوعية والمبادئ الباطلة .

خامساً : إن الحياة الاقتصادية في تدهور ، وإن البطالة في تزايد ، مع وجود تبذير للأموال فيما لا ينفع مثل إقامة النصب والتماثيل.

سادساً : المطالبة بضمان حقوق العمال وحصولهم على الأجور العادلة ، والتأمين ضد الشيخوخة والمرض .

سابعاً : مناهج التعليم لم تكتب على ضوء العقيدة الإسلامية في بناء الجيل ، وهذا هو الأساس الذي ينشأ في الأمة من نريده يؤمن بالله واليوم الآخر .

ثامناً : نطالب بإزالة الفرقة مع الدول العربية ، وندعو إلى توثيق عرى التضامن معها ، على أساس الإسلام الذي يجمع بين جميع تلك الدول .

تاسعاً : على الحكومة القيام بتأميم النفط ، واستخراجه بأيد من أهل البلاد وتهيئة الكوادر والكفاءات الفنية لذلك .

عاشراً : إن الأمة لا يقنعها بصلاح الأحوال ، ما لم تر الإصلاح الحقيقي الإسلامي في جميع شؤون الدولة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here