و أخيرا : حدثت المعجزة العراقية !!..

بقلم مهدي قاسم

بالرغم من كون البعض يعد العراق أرض الأنبياء والأئمة
وكل المقدسات !! ، إلا أنه نادرا ما تحدث فيها معجزة لتقلب الأمور رأسا على عقب لصالح ومنفعة المواطن العراقي ، ولكن مع ذلك فها هي المعجزة تحدث من خلال ولادة حكومة مصطفى الكاظمي عسيرة المخاض بعد تصويت مجلس النواب على غالبية وزرائه ورفض بعض آخر منهم ..

وهو أمر قد يكون جيدا ــ ظاهريا و شكليا ــ بعض الشيء
بالمقارنة مع الحكومة السابقة والمستقيلة التي كانت تتراوح في مكانها دون أن تقوم بإنجازات حقيقية وجذرية لتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي بقدر ما تفرغت لقتل المتظاهرين واعتقال وخطف بعضهم الآخر من ناحية وترك الأمور تتدهور أكثر فأكثر، ولا سيما أمنيا و، على صعيد
عودة عصابات داعش إلى العراق بكثافة و تصاعد عملياتهم الإرهابية يوما بعد يوم ، ولكن الأسوأ من كل ذلك هو استلام الكاظمي لخزينة الدولة شبه الخاوية ، وما رافق ذلك من انخفاض حاد لأسعار النفط ، وكل ذلك متوّجا بانتشار فيروس كورونا ….

حسنا كل هذه الأمور باتت معروفة أمام القارئ الكريم الذي
يريد الحلول المناسبة بدلا عن تحليلات و تخيلات منطلقة على هواها ، بينما الحلول ــ وكما هو معروف للجميع ــ تكمن في الإصلاحات الاقتصادية وتنشيط الأسواق و تحريك ماكنة الاستثمارات المحلية والأجنبية ، ولكن قبل أي شيء ، القيام بعمليات تخفيض النفقات العامة
وغير الضرورية وترشيقها وترشيدها إلى أقصى حد ممكن ، و إعادة النظر في الرواتب الضخمة والكبيرة وكذلك برواتب التقاعد التي سبق وأن أشرنا إليها مرارا ، وأن القروض التي تقترضها الحكومة يجب أن تذهب في أغلبها نحو عملية تنشيط الاقتصاد والأسواق والاستثمارات ــ مثلما
أسلفنا آنفا ــ لخلق فرص عمل وتداول السلع و الإنتاج بهدف الحصول على دخل إضافي لدعم مدخولات النفط الشحيحة في هذه الأيام ..

كل هذا افتراضا ، ستكون عندنا حكومة شريفة ونزيهة وطنية
حقة و جادة في مسعاها وأهدافها الإصلاحية والجذرية ، وذات اتجاه سياسي مغاير تماما لسياسات الحكومات السابقة و المقتصرة ــ عموما ــ على تقاسم المناصب والمغانم و سرقة ما تبقى من المال العام ، وحيث علمتنا التجارب السياسية أن لا نثق بأي سياسي انزلق من معاطف
هذه الحكومات والساسة المتنفذين والأحزاب الفاسدة ..

غير أن شعورنا بالإنصاف والحق والعدل يدفعنا إلى إعطاء
فرصة لكل مسؤول جديد ليثبت أما نجاحه المتميز أو سقوطه السياسي المدوي ..

و السيد مصطفى الكاظمي ليس استثناء من هذه الفرصة ..

ولكن دون أن ننسى أن نضيف أنه :

ثمة ثلاث محرمات سوف لن تُمس !!

من المؤكد إن هناك ثلاثة أشياء ” محرمة ” سوف لن يتجرأ
مصطفى الكاظمي مسها أو التعرض لها وهي :

ـــ عدم محاسبة الفاسدين ومقاضاتهم و استرجاع الأموال
الطائلة التي سرقوها ، و عدم ملاحقة قتلة المتظاهرين ومعاقبتهم قضائيا ، و عدم تحرير العراق من هيمنة النفوذ الإيراني الخانقة كأذرع إخطبوط جبارة و ضاغطة ..

أما إذا سألني أحدهم :

ــ طيب ماذا بُقي بعد ؟

فأجيب : حقيقة .. لا شيء ! ..

لأن الوضع الاقتصادي العراقي الراهن زفت في الزفت
، ولا سيما منه تحديدا الشحة المالية المتزايدة يوما بعد يوم ــ بعد انخفاض حاد لأسعار النفط الذي يُباع الآن بسعر الكلفة ــ إذ لا يمكن تحسينه في الوقت الحاضر إلا بحدوث معجزة استثنائية …….

في زمن أصبح حدوث معجزات أمرا شبه مستحيل في حقيقة
الأمر …

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here